ندوة تستذكر المؤرخ الراحل عصام سخنيني وتضيء على محطات حياته

جانب من الندوة - (من المصدر)
جانب من الندوة - (من المصدر)
عزيزة علي عمان- أكد أكاديميون أن المفكر والمؤرخ الراحل د.عصام سخنيني، كشف من خلال مؤلفاته زيف الرواية الصهيونية التي تستند على الأساطير، وتشويهها للتاريخ. كما أثبت أن الحكايات اليهودية "قصص خيالية ذات دوافع أيديولوجية، رغم كثافة التنقيبات الأثرية التي سعت الصهيونية إلى إثباتها". جاء ذلك في الندوة الاستذكارية التي أقامها قسم اللغة العربية وآدابها في جامعة البترا، للفقيد الراحل سخنيني الذي توفي في 20/11/2019، شارك فيها رئيس الوزراء الأسبق، ومستشار جامعة البترا د. عدنان بدران، د. محمد حور، د. أحمد الخطيب، د. رزان إبراهيم، د. لمى سخنيني. وأدارها د. هارون الربابعة. واشتملت الندوة على عرض فيلم بعنوان "جار المسيح"، أعده مجموعة من طلاب سخنيني هم: نور عرفة، يزن الطراونة، مالك الجيزاوي. قُدمت فيه شهادات من مؤرخين وأكاديميين وأصدقاء وأبناء الراحل، مثل: د. حياة حويك، د. مهران الزعبي، د. لمى سخنيني، أحمد الخطيب، د. موسى حامد، د. رزان إبراهيم، تناولوا فيها مؤلفات سخنيني وحياته. رئيس الوزراء الأسبق، والمستشار لجامعة البترا، أ.د. عدنان بدران، قال إن سخنيني ترك بصمة متميزة في مسيرة جامعة البترا منذ تأسيسها في الدراسات العربية والإسلامية، وهو من أبرز المثقفين المعاصرين الذين تصدوا للاستيطان الصهيوني، وسرقوا الهوية والتاريخ والأرض. كما أنه كان عنوانا فلسطينيا للبحوث والدراسات من أجل ترسيخ الحقوق التاريخية للشعب الفلسطيني على الأرض الفلسطينية. وبين بدران أن سخنيني تناول في كتابه "تاريخ مختطف وآثار مزورة"، عمليات تزييف وتشويه التاريخ بالأساطير للفكر الصهيوني، وفي كتاب "الجريمة المقدسة: الإبادة الجماعية من أيديولوجيا الكتاب العبري إلى المشروع الصهيوني"، قدم الراحل قراءة للمشروع الصهيوني، تقوم على تحليل بنيته الإبادية للآخرين، فالمشروع الصهيوني هو مشروع كولونيالي/ استيطاني، يقوم على عقيدة شعب الله المختار. ومن جهتها، قدمت ابنة سخنيني أ.د. لمى سخنيني شهادة تحدثت فيها عن والدها قائلة: "عصام سخنيني.. أبي، فارسٌ مقدامٌ، وشخصيةٌ شديدةُ الحضور، ترك للناس الثورةَ والتاريخَ، وعلّمهم كيف يَكُونُ النضالُ، وكيف يكونُ الحبُّ، وأضاء فجرَ الحرية القادمةُ على صهوة جواده".. وأضافت "عصام سخنيني، يا ابنَ طبريّا وفلسطين، وابن الحياة قبلَ كلِّ شَيءٍ، وبعدَ كلّ شَيءْ.. عصام سخنيني، يا أبي بكلّ ما تعنيه الكلمة، يا معلّمي الأولَ، وعشقي الروحي، ويا مثالي في الحياة، ومن لم أجد له مثيلًا، يا من علمني أبجديةَ الحُرية، وسحرَ النُطق بالكلام.. نعمْ، حتّى لو أقررتُ برحيلكْ، فإنّك لم ولن تغيبْ. إني إراك فيّ، في روحي وعقلي ووِجداني. أراك في تجربتي الحياتية التي أنت ربّيتَها، بالعلم والأخلاق والثقافة". وفي سياق آخر، تحدث صديق سخنيني د. محمد حور عن خمس محطات جمعته مع سخنيني، قائلا: "الأولى كانت في بغداد؛ حيث كان سخنيني مسؤولا، وأنا طالب في جامعة بغداد في السنة الثالثة. المحطة الثانية كانت بيروت، في العام 1971، عندما قدمت زوجتي من غزة، وكان سخنيني في استقبالنا. الثالثة كانت القاهرة، في لقاءات منتظمة عدة. الرابعة كانت في الإمارات، عندما كان سخنيني في وكالة الأنباء الإماراتية، في أبو ظبي، وكنت أنا في جامعة الإمارات في العين. أما المحطة الخامسة، فكانت في عمان، في جامعة البترا؛ حيث تجلى سخنيني الإنسان، الباحث العالم، وتجسد هذا في تراثه العلمي الضخم الذي أنتجه في هذه المحطات". ومن جانبه، رأى أ.د. أحمد الخطيب أن سخنيني كان يؤلف من أجل أن يدافع عن الحق والحقيقية، ودفاعا عن وطنه وأمته. وكل ما ألفه كان في خندق المقاومة، ودفاعا عن قضيته الأولى فلسطين، في مؤلفاته "طبريا، الإسرائيليات، وتهافت التاريخ التوراتي". كما فند في بعض أبحاثه المحكمة، مزاعم الصهاينة في ما يتصل بالهيكل المزعوم. ورأى الخطيب أن وجود الإسرائيليات في نسيج الخطاب الثقافي العربي، لم يكن مقصد سخنيني، فهذه الكتابة موجودة ومتفشية في الأعمال التاريخية العربية، وفي كتب التفسير، ولكن سخنيني كان يسعى إلى تقديم حالة متخذة من الإسرائيليات نموذجا، لكيفية سيطرة الخرافة على جانب من العقل العربي، حتى أصبحت بعض مكوناته. ومن جانبها، رأت أ. د. رزان إبراهيم أن سخنيني لم يكن ليصادق على المعلومة التاريخية ما لم يضعها تحت المجهر، رابطا بينها وبين الموقف الأيديولوجي والسياسي لصاحبها، كما فعل وهو يربط تعامل المستشرقين مع مصطلحات التاريخ الإسلامي مع موقفهم من الإسلام وتاريخيه. وقالت "إن سخنيني كان منشغلا بتحرير التراث من الذاكرة الأسطورية، وكان معنيا برصد الانحرافات المشوهة في بنية الخطاب الثقافي العربي الناجمة عن حكايات توراتية ليثبت أنها مجرد تلفيقات وأساطير مخترعة مشتهاة. وكان لا بد من مصدر معرفي من أجل التعامل مع عقل خرافي، لا بد من محاربته والتصدي له، مستبدلا إياه بجملة من حقائق ومعطيات علمية تعيد كتابة تاريخ فلسطين". وخلصت إبراهيم إلى أن ما كان يعرضه سخنيني حول نماذج وأمثلة على تزوير الآثار واختراعها وتزييفها، لا يخرج عن قضية عصابة قامت على الزيف، فاخترعت تاريخا نسجته بالحكايات والأساطير، وكان همه فضحها بكل ما يمتلك من طاقة تحليلية بحثية نقدية.اضافة اعلان