نريد حلولا لإنقاذ الأردنيين من العطش

استرجاع فيديو قديم لوزير المياه والري محمد النجار يتحدث فيه عن سرقة 5 أشخاص ما مجموعه 10 ملايين متر مكعب من المياه، أعاد تسليط الضوء على قصة المياه التي تعتبر قضية حياة أو موت في الأردن، والذي يوصف بأنه ثاني أفقر دولة مائيا في العالم.اضافة اعلان
الوزير اضطر لإصدار توضيح أن هذا الفيديو قديم، وتم ملاحقة المتورطين في قضايا سرقة المياه من الشبكات، لكن كلامه لا يعني ابدا أن المشكلة البالغة الخطورة قد انتهت، فالأرقام الجديدة تتحدث عن 950 ألف متر مكعب ما تزال تسرق وعبر 7 اعتداءات فقط.
أكثر من وزير للمياه سمعته يتوعد بمحاربة سرقات المياه التي تحدث جهارا، وإن بعض المتنفذين لم تكن تصلهم سلطة القانون، وهذا مشهد يحدث ويتكرر مع سرقات الكهرباء، ووضع اليد على أراض للدولة، ومخالفات تراها بالعين ولا أحد يتحرك لردعها، ولهذا فإن العبث في قضايا المياه ظل مستمرا حتى بلغت الاعتداءات على خطوط المياه منذ العام 2013 وحتى الآن 58692 اعتداء.
آخر الأخبار أن مجلس هيئة النزاهة ومكافحة الفساد أحال عددا من عطاءات المياه على النيابة العامة، والطريف أن وزيرا سابقا وقع اتفاقية شراء وتزود بالمياه تبين لاحقا أن الآبار المقصودة بالعقود غير عاملة، ولم تحصل على رخصة استخراج للمياه.
الأمر لم يتوقف عند ذلك فهيئة النزاهة أحالت أيضا عطاء لحفر 7 آبار مياه بما يقارب 15 مليوناً، رغم أن الخبراء قدّموا توصيات أن مياه هذه الآبار شديدة الملوحة، وحارة جدا، وتحتوي على أشعة الفا وبيتا وعنصر الراديوم.
بغض النظر عن قرارات القضاء وصحة الاتهامات، فإن الكارثة ان الحكومات المتعاقبة منذ سنوات طويلة لم تضع حلولا جذرية لأزمة المياه، ويكفي أن نعلم أن فاقد شبكات المياه يبلغ 48 %.
المياه في الأردن تكفي مليوني شخص، في حين يستخدمها ما يقارب 11 مليوناً، وهذا لا يتعلق فقط بالزيادة السكانية الطبيعية، وإنما بالتحدي الأكثر قسوة ويتمثل بالهجرات القسرية، واللجوء الإنساني للأردن.
الخبراء يشيرون إلى أن الأردن لا يستفيد كثيرا من مياه الأمطار، فهو بلغة الأرقام يخسر 90 % منها، وهو أمر عائد لأسباب متعددة منها التربة الجافة، وارتفاع الحرارة، وعدم توفر السدود والبرك الصحراوية.
أكثر الاشكاليات حساسية ولها أبعاد سياسية أن الأردن لا يحصل على حصته من المياه الإقليمية وخاصة من إسرائيل وسورية.
تزايد عجز المياه هذا العام أعاد التذكير بأهمية ايجاد حلول تنقذ الأردنيين من العطش، فمشروع جر مياه الديسي تأخر كثيراً حتى نفذ وساهم في تخفيف المشكلة، ومشروع تحلية مياه البحر من العقبة نتحدث عنه منذ عقود ولم يصبح حقيقة، رغم أن وزير المياه يشير إلى أن 13 ائتلافا تقدمت لتنفيذ المشروع.
هناك العديد من المشاريع الاستراتيجية لا يمكن للحكومات أن تظل تماطل في تنفيذها، وتبيعنا وهما وبطولات زائفة دون إنجاز يذكر على أرض الواقع، وفي مقدمة هذه المشاريع ما يتعلق بتحلية مياه البحر، ومشروع إنقاذ البحر الميت من الجفاف.
تجربة بناء المطار عبر النظام المعروف بالبناء والتشغيل والنقل «BOT» تجربة ناجحة، وتستحق الاهتمام واعطاؤها زخما ودعما لتنفيذ المشروعات الكبرى، وهي كثيرة وقطاع المياه واحد منها، ويمكن لمؤسسة الضمان الاجتماعي أن تدخل شريكا ومستثمرا في المشاريع الرابحة والتي تعزز الأمن الاستراتيجي للبلاد.
تنبؤات الخبراء أن المياه ستكون سببا لكثير من الصراعات، وربما الحروب القادمة، فمخاطر تقلص المياه ستؤثر على 80 % من سكان العالم، وتلوح في الأفق وفق دراسات دولية أزمة مياه جسيمة العام 2070، وسيعيش نصف سكان العالم وضعية توتر مائي خطير.
ما لم تتحرك الدولة بسرعة لضمان مصادر مياه مستدامة فإن التحديات والمخاطر ستزداد مع النمو السكاني، وسيعطل شح المياه في ظل التغيير المناخي المتوقع عجلة التنمية المستدامة.