نزاعات أميركية لاتينية بالجملة أمام محكمة العدل الدولية

سانتياغو-الخلافات الحدودية التي يعتبرها البعض قضية وطنية والبعض الاخر مسألة مبدأ، لا تحصى في أميركا اللاتينية التي التجأ عدد كبير من دولها الى محكمة العدل الدولية لتسوية خلافات مزمنة احيانا.اضافة اعلان
وفي اعقاب اجراءات استمرت ستة اعوام، ستصدر محكمة العدل الدولية في 27 كانون الثاني(يناير)، قرارها حول النزاع المتعلق بالحدود البحرية بين تشيلي والبيرو في المحيط الهادىء.
وكانت ليما التجأت الى محكمة العدل الدولية في كانون الثاني(يناير) 2008، للمطالبة بالسيادة على منطقة بحرية تبلغ مساحتها 95 الف كلم مربع وغنية بالثروة السمكية التي تسيطر عليها تشيلي.
وفيما تقول البيرو ان هذه الحدود البحرية لم ترسم ابدا، تؤكد سانتياغو ان معاهدتي 1952 و1954 رسمتا الحدود الحالية.
وقد ورث البلدان هذه الحدود من حرب المحيط الهادىء (1879-1883) التي تسمى ايضا "حرب الملح الصخري" التي خرجت منها تشيلي منتصرة وخسرت البيرو خلالها 25 % من اراضيها، فيما حرمت البيرو من منفذها على البحر.
بدورها رفعت بوليفيا في نيسان(ابريل) الماضي شكوى الى لاهاي حتى تعلن محكمة العدل الدولية ان "من واجب تشيلي ان تجري مفاوضات بحسن نية ... من اجل التوصل الى اتفاق سريع وفعال يمنح بوليفيا منفذا يتمتع بالسيادة الكاملة للوصول الى المحيط الهادىء".
وهذا البلد الامازوني الواقع في جبال الانديز محصور منذ اكثر من 130عاما بعدما خسر 120 ألف كلم متر مربع من اراضيه منها شريط ساحلي يبلغ طوله 400 كلم.
وقد أثرت هذه العزلة تأثيرا كبيرا على بوليفيا التي تعد اليوم واحدا من افقر بلدان أميركا الجنوبية. "والعودة الى البحر" باتت ايضا منذ حوالى قرن رهانا اساسيا ادرج في دستور بوليفيا، ومطلبا دائما للرئيس الاشتراكي ايفو موراليس.
واعلن الرئيس البوليفي ان ما حفزه على القيام بمسعاه محاولات الحوار غير المجدية التي استمرت عشر سنوات.
وفي اذار(مارس) الماضي، ذكر نظيره التشيلي سيباستيان بينيرا بأن بلاده ستدافع "بكل قوة الوحدة الوطنية والتاريخ والحقيقة، عن ارضها وبحرها وسمائها وسيادتها ايضا".
ولا تتوافر لمحكمة العدل الدولية، أعلى هيئة قضائية للامم المتحدة، الوسائل الالزامية لفرض تطبيق قراراتها، لكن الاتفاق المبدئي بين الاطراف غالبا ما يؤدي الى احترام هذه القرارات.
ويقول الخبير في القانون الدولي اوليفيه ريبلينك من مؤسسة أسر في لاهاي "يجب ان نقرن هذه الدعاوى الاميركية-اللاتينية امام محكمة العدل الدولية بالواقع الذي يفيد ان هذه البلدان تراها اداة مفيدة لحل النزاعات".
واضاف "انها مسألة نفوذ وهيبة في نظر عدد كبير من هذه البلدان".
وعدا عن الملفات التشيلية والبيروفية والبوليفية الشائكة، سيواصل قضاة محكمة العدل الدولية بذل جهود لتسوية النزاع القائم بين كولومبيا ونيكاراغوا حول منطقة بحرية تبلغ مساحتها 70 الف كلم مربع.
ففي اواخر تشرين الثاني(نوفمبر)، لجأت نيكاراغوا من جديد الى محكمة العدل الدولية للتنديد بعدم احترام حكم سابق يرسم حدودها البحرية مع كولومبيا، وتسمم هذه المسألة العلاقات بين البلدين منذ سنة.
وقد تسبب باندلاع هذه التوترات، الحكم الذي صدر في لاهاي غي 2012 ومنح نيكاراغوا منطقة بحرية كانت تحت سيطرة كولومبيا وتبلغ مساحتها 70 الف كلم مربع.
وتقول بوغوتا ان هذا القرار غير قابل للتطبيق، اذ لا تتوافر ضمانات لسكان الجزر الكولومبية كأرخبيل سان اندرس، المحاطة بمياه باتت لنيكاراغوا.
وفي اعقاب الحكم، انتقدت السلطات الكولومبية ميثاق بوغوتا وهو معاهدة ترقى الى 1948 وتنص على الاعتراف بصلاحية محكمة العدل الدولية لحل النزاعات الحدودية.
وتخوض نيكاراغوا ايضا منذ 2010 نزاعا حدوديا مع كوستاريكا حول جزيرة صغيرة تبلغ مساحتها ثلاثة كيلومترات مربعة وواقعة على مصب نهر سان خوان.
وكان جيش نيكاراغوا احتل في 2010 هذه الجزيرة التي تسميها كوستا ريكا ايسلا بورتيلوس ونيكاراغوا هاربور هييد، فرفعت سان خوسيه شكوى الى محكمة العدل الدولية التي ما زالت تدرس الملف.
ويتنازع هذان البلدان في اميركا الوسطى ايضا امام محكمة العدل الدولية السيادة على منطقة غواناكاستي الواقعة شمال كوستاريكا.-(ا ف ب)