نساء في الوزارة

سائد كراجة استبشرت خيرا بزيادة عدد النساء في التعديل الوزاري الأخير، وأيضا بزيادة عددهن في تشكيل مجلس الأعيان، وأستبشر دائما بتولي أي امرأة أي موقع قيادي في القطاع العام أو الخاص، وأعتقد جازمًا أن النساء عموما لديهن ميلا ذاتيا للإخلاص في العمل وإتقانه، وهن الأبعد عن الفساد والرشوة واستغلال المال العام، فقلما نسمع أو أننا لم نسمع إطلاقا عن وزيرة أو مديرة فاسدة أو موضع شبهة فساد. ومع أني ضد التقديس المطلق للمرأة – لأن ذلك كان أحيانا طريقا للتمييز ضدها واستغلالها – إلا أن الواقع العملي يشير إلى أن المرأة أقرب إلى التفاني في العمل والصدق فيه ومحاولة إتقانه، ومع ذلك فإن هذه الصفات والميزات لم تغير من الواقع المرير للمرأة في سوق العمل في القطاع الخاص، ولا في واقع توليها الوظائف في القطاع العام وخاصة القيادية منها، ففي القطاع الخاص – وحسب تقارير صحفية موثقة – فإن معدل البطالة عند النساء تزيد على 30 %، وهي في ارتفاع على العام الماضي، وحسب تقرير حالة البلاد لعام 2021 فقد انخفضت مشاركة النساء الاقتصادية بحوالي 3 % عن أعلى نسبة لهذه المشاركة عام 2017، وحسب دراسات منتدى الاستراتيجيات الأردني فإن فجوة كبيرة ترصد بين أجور الرجال والنساء في سوق العمل تصل في مهنة التعليم خصوصا حوالي300 دينار في المتوسط! أما عمل النساء في قطاع الزراعة فإنه يصل أحيانا حد السخرة! يضاف إلى الصعوبات التي تواجهها المرأة ما تعانيه من التحرش الجسدي واللفظي في بيئة العمل وفي الطريق إلى العمل وفي المواصلات العامة، أما المرأة العاملة الأم فإنني أعتقد أن غياب نظام حضانات أطفال معقولة الكلفة عالية المستوى تَأمن فيها على صغارها – وخاصة في المدن- عامل أساسي لخروج المرأة من سوق العمل. المرأة في المحافظات في ظرف أصعب، حيث قلة فرص العمل في الأطراف، وصعوبة المواصلات أو ارتفاع كلفتها من المحافظات لعمان أو للمحافظات الكبرى، تجعل فرصها في إيجاد عمل تكاد تكون معدومة، وأعتقد أن من أولويات الإصلاح الاقتصادي إيجاد شبكة مواصلات – قطار سريع مثلا- تربط المحافظات وذلك لضمان الاندماج الاجتماعي وزيادة فرص المشاركة الاقتصادية. أضف إلى كل ما تقدم حالة التشكيك في حق المرأة في العمل أصلا، وتصنيف وجودها باعتبارها « جليسة أطفال أو خادمة لصاحب السعادة الرجل العامل الذي تثبت الاحصائيات فشله الاقتصادي والمعرفي، وإصراره على «خنق المرأة « في جسدها بعيدا عن عقلها وشخصيتها وطموحها، وبعيدا عن الحاجة الماسة لها في بناء الأسرة والمجتمع والدولة والحضارة. دعونا نعترف أن ما حققناه في مجال تمكين المرأة قليل نسبة لما هو مستحق ومطلوب، ففي الوقت الذي دفعنا فيه بالنساء إلى التعليم المدرسي والجامعي والعالي، فقد أخفقنا في استغلال وتوظيف هذا التعليم وهذه الكفاءات في بناء حياة اقتصادية واجتماعية متوازنة بين الرجال والنساء، كما أخفقنا في تعليم المرأة وإعدادها ذهنيا وشخصيا باعتبارها عنصرًا لخلق وزيادة الثروة حيث ما يزال المجتمع يتعامل معها باعتبارها مكملًا اقتصاديا وليس مؤسسا اقتصاديا، وأن خلق وتنمية الثروة هو مهمة ذكورية، وهو ما أطاح بفرص نهوض هذا المجتمع اقتصاديا واجتماعيا وأخلاقيا، وهذا ليس تقصيرا من الحركة النسوية وحسب ولكنه تقصير أيضا من « الحركة الذكورية « – إن صح التعبير – وهي تكتل غالبا ما يكون تلقائيا لكنه فاعل وموجود على أرض الواقع وقد عمل باحتراف لتقويض تمكين المرأة ما استطاع لذلك سبيلا!. لتحقيق النهوض الاقتصادي والاجتماعي والسياسي علينا أن نضع أولوية وطنية محددة بسقف زمني محدد للوصول إلى نسبة 50 % من النساء في جميع المجالات والمواقع الإدارية والسياسية والاجتماعية والفكرية، ويجب العمل على هذه الاستراتيجية الوطنية ضمن برنامج يبدأ بالتعليم والثقافة والوعي والسياسية والتربية في المنزل والمدرسة والجامعة والجامع، وعلى تربية النساء وتدريبهن وإعدادهن لصناعة وتنمية الثروة والمساهمة الاقتصادية الفاعلة في بناء الوطن، غير ذلك سنبقى مُعطّلين لهذا المجتمع الذي يسير على قدم واحدة ويتأمل الفوز في السباق، صعب هيك جنابك! المقال السابق للكاتب اضافة اعلان