نستعد للسيناريو الأسوأ

فلسطينيون خلال مواجهات مع الاحتلال في غزة اول من امس.-(ا ف ب)
فلسطينيون خلال مواجهات مع الاحتلال في غزة اول من امس.-(ا ف ب)

يديعوت أحرونوت

اليكس فيشمان

في قيادة المنطقة الجنوبية يستعدون هذا الأسبوع للسيناريو الأسوأ: العودة إلى مواجهة عسكرية واسعة مع حماس. فإلى جانب آلاف الجنود وأفراد الشرطة المنتشرين منذ الآن أمام جدار القطاع، أعدت مخططات لتعزيز فوري للقوات من المدارس العسكرية، من وحدات الاحتياط المقاتلة التي قيد التدريب، بل وحتى إمكانية التجنيد، الجزئي على الأقل للاحتياط. وبالتوازي، يستعد أيضا سلاح الجو، الذي أعد مسبقا خططا لوضع التدهور في القطاع لتوجيه ضربة نار قوية على نحو خاص.اضافة اعلان
يدعو قادة حماس الشباب الفلسطيني إلى التضحية بحياتهم على الجدار. وبناء على ذلك: في اليومين القريبين المقبلين غزة ستكون في إضراب يشمل المدارس. قسم كبير من الاستحكامات التي كانت لحماس على الحدود هجرت في نهاية الأسبوع كي ترفيع عنها المسؤولية عن المواطنين الذين سترسلهم للتفجر على الجدار. من ناحية حماس، فإن اليوم -حين ستنقل السفارة إلى القدس، وغدا- يوم النكبة هما يوما الاختبار الأكبر لها منذ سيطرت على القطاع: فشل سيؤثر على مكانتها في الساحة الفلسطينية، ومن شأنه أن يعيد الذراع العسكرية لحماس إلى المواجهة مع إسرائيل.
في الجيش الإسرائيلي يستعدون لكل عدد ممكن: من خمسين ألفا وحتى نصف مليون. وصحيح حتى الآن، فإن أحدا لا يمكنه أن يقدر كم متظاهرا ستنظم حماس. ولكن في الجيش لا يأخذون المخاطرات: فقد أقيمت ثلاثة مقاطع دفاعية، تحرسها قوة بحجم نحو ثلاثة ألوية، ثلاثة أضعاف عدد الجنود الذين هناك الآن. وإلى صفوف القناصة المنتشرين منذ الآن أضيف مطلقو نار من وحدات المشاة.
وأوامر فتح النار لم تتغير، ولكن ما من شأنه أن يتغير -ابتداء من يوم غد- هي الأوضاع التي من شأن الجنود أن يعلقوا فيها. في أوضاع الخطر على الحياة: هناك للجنود إذن بإطلاق النار بهدف القتل. وهكذا مثلا: اذا نجحت مجموعة كبيرة من الفلسطينيين باقتحام الجدار ووجد الجنود أنفسهم أمام جموع تندفع نحوهم، فلديهم الإذن بإطلاق النار على الأرجل، في المرحلة الأولى وعد ذلك -إطلاق النار بهدف القتل. كما أن الجنود الذين يرون رفاقهم في ضائقة مخولون بفتح النار. وبالمناسبة: فإن قصف النفق أمس قرب معبر ايرز جاء أيضا لإرسال رسالة إلى حماس قبيل "مسيرة العودة" -وبموجبها الجيش الإسرائيلي سيجبي ثمنا باهظا على محاولات الاقتحام.
أما الخطر الأكبر فهو الدخول إلى بلدة قرب الجدار أو اختطاف جندي. من ناحية حماس، هذه ستكون صورة نصر. وعليه، ففي البلدات القريبة من الجدار سترابط قوات كثيرة. ولقادتها أوامر واضحة: حتى مسافة معينة من جدار البلدة إطلاق النار على الأرجل، ومن لمس الجدار والدخول إلى البلدة: النار بهدف القتل. قائد فرقة غزة اللواء يهودا فوكس، تحدث مع قادة في الميدان وأوضح لهم أوامر إطلاق النار. كما أجريت تدريبات على حالات وردود فعل كي لا ينشأ سوء فهم. حتى اليوم، فإن المتظاهرين الذين اقتربوا من الجدار أطلقت النار على أرجلهم. غير أنه حتى اليوم لم يتم اجتياز الجدار والجنود لم يتعرضوا للخطر على حياتهم. ومن قائد المنطقة إلى الأدنى تلقى الجنود الفهم بأن النار الرامية إلى إنقاذ الحياة ستحظى بإسناد كامل.
تخطط حماس هذه المرة لاقتحام الجدار بشكل جذري: بدلا من خمس نقاط اقتحام تستعد في 13 بؤرة، وذلك لخلق تواصل للأحداث تمنع الجيش من تعزيز القوات في نقاط حرجة. والخوف هو أن كل الجدار سيكون تحت الهجوم. والتقنية واضحة. بداية، دخان إطارات السيارات لعرقلة القناصة. بعد ذلك، آلاف المتظاهرين سيهاجمون نقاط الاقتحام، بينما بالتوازي تشغل الطائرات الورقية المشتعلة الجيش. وعند إعطاء الإشارة: سيبدؤون بتفكيك الجدار الأول -الجدار السياجي في داخل المنطقة الفلسطينية، الذي على مسافة عشرات الأمتار عن الجدار الفاصل. في اللحظة التي يجتازون فيها الجدار الفاصل، سيصطدمون بقوات عسكرية تصل لسد الثغرة. هنا أيضا خطر كبير لاختطاف جندي أو المس بالقوة العسكرية.
إذا ما نجح الفلسطينيون في اجتياز الجدار الفاصل، فبعد بضع عشرات الأمتار سيصطدمون بجدار آخر، هناك سيحاول الجيش احتواء الاقتحام مع قوات كبيرة، بما في ذلك الشرطة والفرسان. التقنية لتطويق المقتحمين وصدهم تم التدرب عليها منذ الآن. من ناحية الجيش الإسرائيلي، فإن اقتحام الجدار الثاني هو نوع من الإنجاز لحماس، التي تعول على أن تتمكن من احتمال مئات القتلى. والإنجاز اللازم من ناحية إسرائيل هو إعادة الوضع الراهن إلى القطاع ومحاولة التقدم بمشاريع البنى التحتية الإنسانية. غير أن الإنجاز اللازم من ناحية حماس هو التحرر، وإن كان جزئيا، من الحصار. والمفتاح لذلك في يد أبو مازن، الذي يرفض نقل الأموال إلى القطاع. يحاول المصريون التخفيف من الضغط ويفترض بهم أن يفتحوا اليوم معبر رفح لأربعة أيام.
القطار فاتنا هذه المرة: بين مصالح إسرائيل وحماس كان يمكن الجسر، ولكن فقط بعد موجة عنف محتمة أخرى. ومع ذلك، هناك تخوف من أن يجر العنف إلى عنف شامل: السلطة هي الأخرى تعد مهرجانات جماهيرية بمناسبة نقل السفارة ويوم النكبة. اذا ما خرجت هناك الأمور على السيطرة -فغزة ستشتعل. وفي حالة أن غزة "وفرت البضاعة" في اقتحام الجدار وبثمن أكثر من مائة قتيل فإن آلية "النجاح" من شأنها أن تشعل الضفة.
ليس هناك شيء محق أكثر من تمجيد الطيارين الذين هاجموا في سورية والمقاتلين الذين يحمون بأجسادهم غلاف غزة. ولكن من الواجب السؤال: كيف حشرنا في هذه الزاوية؟ كيف علقنا في وضع يتحقق فيه سيناريوهان سيئان -عشرات آلاف الفلسطينيين يسيرون إلى الجدار وفتح جبهة ثالثة في سورية؟ أحد ما مسؤول عن هذا التدهور. قيادتنا السياسية تحاول إقناعنا بأن هذا قضاء وقدر، مسيرة محتومة. ولكن هل حقا كل شيء بذنب الطرف الآخر، أم أن للحكومة أيضا نصيبا في التدهور، سواء كان بالفعل أم كان بانعدام الفعل؟