‘‘نشأة العلوم الطبية‘‘ لعميش يستعرض إنجازات علماء العرب

غلاف كتاب"نشأة العلوم الطبية" - (الغد)
غلاف كتاب"نشأة العلوم الطبية" - (الغد)

تغريد السعايدة

عمان - يضع العين الدكتور عميش يوسف عميش، في كتابه الجديد "نشأة العلوم الطبية في عصر الحضارة العربية الإسلامية وتطورها" بين يدي القراء ممن وصفهم بالجيل الجديد الواعد من أبناء أمتنا العربية، محتوى من الأعمال والإنجازات التي حققها علماء الأمة التي تشكل إرثاً يحمل رسالة للعالم بأنهم أسهموا في نشأة العلوم الطبية وتطورها.

اضافة اعلان

يوجه العين عميش كتابة لفئة معينة وهي "القارئ الذي تهمه معرفة دور الأمة العربية في نشأة العلوم الطبية"، مشيراً في إهدائه للكتاب أنه "توخى الدقة بأسماء  العلماء ووضع الاسم اللاتيني المرادف لكل عالم والسنوات التي عاشها"، مع حرصه كذلك على أن تكون لغة الكتاب سهلة ومقروءة.

الأمير الحسن بن طلال، وصف كتاب عميش بعد اطلاعه على محتوياته "أن الكاتب يخاطب القارئ المهتم الذي يريد معرفة دور العرب في تطور العلوم الطبية، ومكتوب بعناية شديدة ولغة سهلة ومزود بتراجم، ما يسهل على القارئ المتابعة من دور عناء ويضم معولمات مهمة وقوائم بأسماء العلماء وإنجازاتهم وهي معلومات مفيدة تزيد من أهمية الكتاب".

الكتاب يتضمن 171 صفحة، صدر عن وزارة الثقافة ضمن سلسلتها "كتاب الشهر"، ومقسم إلى عشرين مدخلا وعنوانا، تم جمعها في خلاصة في نهاية الكتاب، الذي بين عميش في مستهل تعريفه بالكتاب بأنه يتناول التاريخ الطبي للحضارة العربية الإسلامية التي كانت من الحضارات المنفتحة على تاريخ الأمم، لأنها شاملة، وتأثرت بها شعوب مختلفة ولها دور مميز في مسيرة الحضارة البشرية، وما تم إنجازه في مجال العلوم الطبية كان وسيظل تراثاً خالداً يلهم الحاضر ويدفع للمستقبل الزاهر.

وفي افتتاحية الكتاب، يبين عميش أن كتابة تاريخ الحضارات للأمم ليست بالأمر السهل، وتاريخ العلوم هو الأصعب لأنه يحتاج إلى المرجعية العلمية والتقنية الدقيقة التي تمكن القارئ من فهمها في العصر الحاضر على أساس ما لديه من معلومات، في حين على الكاتب أن يقوم بتحليل ما يكتب وأن يبني هذا التحليل على الواقع التاريخي للحدث، في الماضي وليس كما يتصوره الآن.

يبدأ الجزء الأول في الكتاب بفصل يتحدث فيه عن "مستهل أصول الطب القديم في تاريخ البشرية"، بدءا من الطب اليوناني وأبو الطب "أبقراط"، وقاعدته التي يقول فيها "إن لكل مريض صفاته المميزة وقوته الباطنية الخاصة به ولا يمكن لمرض أن ينشأ من دون مسبباته الطبيعية"، والذي يعتبره علم الطب بأنه "قاعدة الطب الحديث".

ثم تلا ذلك الحديث عن "أوائل الأطباء في فترة الحضارة اليونانية التي سبقت الإسلام"، ومن ثم ينطلق عميش في باقي الفصول بالإسهاب والحديث عن بدايات تعامل الإنسان العربي مع الطب التقليدي، وخلفية حول بدايات العهد الإسلامي، والوضع الصحي والرعاية الصحية في العالم العربي قبل الإسلام، والطب العربي الأسطوري القديم، الذي تناول أنواع الطب البديل العشرة، كما ذكرها وهي "الكهانة أو الطب الأكليريكي، العرافة وقراءة البخت، قراءة الكف، التنجيم، القوة السحرية أو العرافة، الرقية والتعويذة، العلاج بواسطة التميمة والتعويذة والطلسم، العلاج بواسطة الأحجار الكريمة، العلاج بواسطة خريطة البروج، والعلاج بالإيحاء والإلهام".

"علوم الأوائل"، وهو الفصل الذي تناول فيه عميش التطور والترجمة منذ نهاية القرن الثاني حتى الرابع الهجري؛ حيث أظهر بعض الخلفاء اهتماماً كبيراً بترجمة العلوم، وخاصة الخليفة هارون الرشيد وابنه المأمون، مشيراً في كتابه إلى أن العملاء العرب أضافوا الكثير إلى علوم الأوائل، وهي التي سبقت الإسلام، وقاموا بتطويرها وإخصابها بالمعلومات الجديدة، وبنمط حديث غير مسبوق.

ثم ينتقل الكاتب بعد ذلك في فصل "مراحل تطور العلوم الطبية في عهد الحضارة العربية الإسلامية"، وهي ثلاث مراحل تشمل "النقل والمشاهدة، مرحلة الترجمة، ومرحلة بداية التأسيس للعلوم".

وما بين الفصول التالية، يجد القارئ نفسه يتنقل بين مواضيع طبية شيقة عدة وتنقل الصورة الحقيقية لواقع الطب النبوي، وفلسفة الطب التقليدي القديم، بالإضافة إلى بدايات التمريض في الإسلام، متطرقاً بالحديث عن "الممرضة" في عصر الحضارة العربية الإسلامية.

ومن الفصول الأخرى كذلك التي يستمر الكتاب في طرحها، طب المشاهدة، والمعالجات السريرية في الطب العربي القديم، مشيراً إلى مدارس التعليم في عهد الحضارة العربية الإسلامية، والمعاهد التعليمية العليا، والبمارستانات في عهد الحضارة الإسلامية، وعن دور العلماء العرب في نشأة العلوم الطبية وتطورها، ودورهم في تشخيص وعلاج الأمراض الجلدية، وفي النهاية يتطرق عميش إلى الحديث عن العلماء العرب الذين قدموا علم الأقرباذين إلى العالم قبل ألف عام في فصل خاص بذلك، ويُعرف هذا العلم بأنه "علم الصيدلة".

وفي خلاصة الكتاب، يقول عميش "إن الهدف الحقيقي من قراءة التاريخ.. فيه عظة وعبرة من تحليل الأحداث التاريخية ومعرفة أسبابها ومبرراتها، والعبرة من كونها تستخلص من نتائج الأحداث وآثارها، وما يعكسه ذلك على الثقافة العامة وعلى الدور التاريخي للأمة في تجاوبها مع الثقافات الأخرى واستجابتها الإيجابية".

ويرى عميش أن مجتمعنا الأردني، كما المجتمعات العربية، يوصف بأنه "مجتمع شبابي"، وهذا ما يزيد من المسؤولية الأخلاقية في مخاطبة الأجيال الشابة بمنطق العصر ومفردات التحفيز وإثراء المعلومات ووضعها في صيغتها التاريخية بكل صدق وأمانة، وعلى الشباب أن يحملوا لواء التواصل مع العلوم ومواكبة منجزات الحضارة.