نشوان: ديوان أبوريشة "كلام منحى" يعبّر عن جدل يتصل بالذات والكون

(من اليمين) الزميل ابراهيم السواعير والشاعرة زليخة ابو ريشة والزميل حسين نشوان - (تصوير: اسامة الرفاعي)
(من اليمين) الزميل ابراهيم السواعير والشاعرة زليخة ابو ريشة والزميل حسين نشوان - (تصوير: اسامة الرفاعي)

 عزيزة علي

عمان - قال عضو جمعية النقاد الأردنيين الزميل حسين نشوان، "إن الشاعرة زليخة أبو ريشة، في تجلياتها الشعرية التي لا تخلو من خذلان الرحلة الطويلة مع اللغة؛ تنهل من صور الطبيعة في تصادماتها وتضاداتها، للتعبير عن وحدة الاختلاف التي يتوحد فيها الباطن والظاهر والمرأة، وعن اللغة والطبيعة في جسد اللغة، بالمعنى الإنساني والجمالي".اضافة اعلان
وأضاف نشوان في الأمسية التي أقيمت أول من أمس في المركز الثقافي الملكي، ضمن برنامج "شعراء روّاد" الذي يعدّه ويقدّمه الزميل إبراهيم السواعير، وتحت عنوان "سلطة اللغة وهندسة المعنى في المثلث في ديوان "كلام منحى" لأبو ريشة، "أن الكتابات الإبداعية والبحثية للشاعرة لا تخلو من مساحة للجدل، أو من الإشكال الذي يتصل باللغة، ومفهوم أدب المرأة، والحرية. فاللغة أداة للتعبير والكتابة".
ورأى المحاضر أن الشاعرة تحاول في ديوانها "كلام منحى" اكتشاف كينونتها، عبر استعادة لغتها المسروقة و(الموؤودة)، بسبب انحيازات النحاة الذين ردوا أصل كل فعل إلى المذكر. فإذا كان هناك من تحيّز فإنه ربما لا يعود إلى اللغة، بقدر ما يعود إلى الثقافة النحوية التي من المحتمل أن تكون قد مالت إلى الذكورة.
وأردف نشوان أن الشاعرة تفكك في ديوانها سطوة المؤسسة الثقافية "الاستبدادية" باستعادة لغة الأشياء، والكائنات، كما تتجسد في الطبيعة، وتنسج لغة الجسد مع جسد اللغة، لتشكل لوحة واحدة في ثلاثة أضلاع هي: "المرأة، الطبيعة"، (اللغة- القصيدة)، عبر صورة شعرية إبداعية يتحول فيها العالم إلى جزء من الكائن، والإنسان إلى جزء من الطبيعة، وتجعل اللغة حاملة لمعانٍ ودلالات أبدية.
وأضاف المحاضر "تجمع أبو ريشة بين الإدراك الحسي، والرؤية العقلية، والبعد الجمالي التي تتطابق فيها الذات مع الموضوع في حركته وسكونه ولغته، وتغدو حركة الطبيعة متحررة من الأنساق التي أخفت جمال "المثلث" وصوره وملامحه التي تبحث عن نافذة الروح ولحظة الحب الأبدي".
ورأى نشوان أن قصيدة أبو ريشة لا يمكن فهمها بعيداً عن الوعي الذي أنتجها، وبعيداً عن النسق الثقافي الذي أنتج صورة المرأة في اللغة، وقد تجلى هذا الوعي عند الشاعرة التي وجدت في اللغة ذاتِها أداةً لحريتها، ومقاومة حصاراتها وعزلها.
ونوه المحاضر إلى أن أبو ريشة تفصح في مجموعتها الشعرية عن جدل يتصل بالذات والكون، في تشاكلهما وتصادمهما، للكشف عن مأساة الإنسان التي لا تخلو في جزء كبير منها من قهر الإنسان للإنسان، عبر تقسيماته الوهمية، وأنساقه النمطية التي تأسس عليها النسق الثقافي الذي أقصى المرأة خارجه.
وبين نشوان "أن الشاعرة تعرف الأشياء من خلال ذاتها، لتأنيث اللغة، ومنحها ملامح جسدها كجزء من بحثها عن الحرية في مواجهة الحصار الذي يحيط بها، نتيجة خواء المعنى الذي لا تستطيع فيه المرأة أن تعرف إن كانت في داخل اللغة أم خارجها، حاضرة أم غائبة، لتختزل القصيدة رحلة معاناة المرأة بإزاء سلطة اللغة التي كرسها المجتمع في الشكل والمعنى والمفردة، وربما هذا ما يفسر إصدارها لخمس مجموعات شعرية مقابل كتاب واحد حول اللغة الجنسوية والجندر".
ورأى المحاضر أن الشاعرة تؤسس نصوصها على خطاب معرفي، تجتهد في دراسته والتنظير حوله، من خلال مؤلفاتها وبحوثها ودراستها الأكاديمية. وتسعى إلى تفكيك اللغة الذكورية التي تقصي الوجود الإنساني للمرأة، وتختزل وجودها في جسدها ضمن أبعاد غرضية ودلالية.
تنطلق أبو ريشة، بحسب المحاضر، من "وعي وجودي (صوفي) بوحدة الكون الذي يحافظ على توازن الأشياء. وهي وحدة تقوم على جدل الاختلاف والتمايز، وليس التمييز. فالتمايز هو حضور ذاتي، من خلال الفعل الإنساني الذي يحقق تكامل الوجود وجماله، ويتمثل في القادم الذي يحمل الحرية، ويعيد العلاقة المتكافئة بين الذكورة والأنوثة".
وأضاف المحاضر "تشكل القصيدة عند الشاعرة أبو ريشة، أداة للبحث في جوهر الوجود، ومختبراً لغوياً للإفصاح عن كينونة الإنسان وهمومه وأمنياته، وعن غموض الكون وأسراره. وعن حلم يعيد اقتراح العالم في صورة جديدة تطمئن الروح".