"نصف قرن مع الحسين"

استهل مركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الأردنية يوم الثلاثاء الماضي، باكورة سلسلة من الفعاليات والمحاضرات، التي تأتي في إطار برنامج "كرسي الملك الحسين بن طلال للدراسات الأردنية والدولية"، بمحاضرة شائقة قدّمها دولة الدكتور عبدالسلام المجالي، سرد فيها عدداً من تجاربه مع الراحل الحسين بن طلال، طيب الله ثراه، وأضاء فيها على محطات مهمة من تجربته في العمل السياسي والإداري منذ خمسينيات القرن الماضي إلى نهايته.اضافة اعلان
وتوقف الدكتور عبدالسلام المجالي عند محطات مهمة في حياته العملية مع الراحل الملك الحسين والتي ركز فيها على البُعد الإنساني الذي كان حاضراً في أسلوب الملك الحسين، وعلى انشغاله الدائم في تطوير البلد والنهوض به، بالرغم من كل التحديات السياسية التي واجهت الأردن في عهده، أو لم يقل الحسين "إن الإنسان أغلى ما نملك"؟.
لا يسعك وأنت تستمع للمجالي وهو يروي كيف كان الحسين يتعامل مع المواطنين، إلا أن تخرج بانطباع بأنه كانت هناك علاقة عشق تجمع الحسين مع الأردنيين والأردنيات، وتشعر بأن العلاقة كانت أقرب ما تكون إلى العلاقة الأبوية من كونها علاقة قائد بشعبه. وأضاف الدكتور المجالي أن المؤسسات الوطنية الموجودة اليوم، كالمدينة الطبية والجامعة الأردنية وغيرهما من المؤسسات، إنما تم بناؤها بالتدريج، ووراء كل واحدة منها قصة ورؤية تنموية ثاقبة كان يتمتع بها الحسين، كما تبدّى في المحاضرة.
إننا في مركز الدراسات الاستراتيجية نرى في هذا المشروع الوطني المهم الذي حظي بدعم ومباركة من جلالة الملك عبدالله الثاني، الذي يسير على درب الحسين ونهجه، ويعبر بالوطن إلى مرافئ السكينة وبر الأمان،  مساهمة فاعلة نسلط من خلالها الضوء وبمنهجية علمية على حقبة حكم الملك الراحل المكللة بالعطاء والتفاني والإنجاز.
ولنتوصل من خلال هذا الكرسي الى قراءة أردنية أكاديمية للأحداث التاريخية والمحطات المفصلية التي مرّ بها الأردن عبر حقبة امتدت لخمسين عاما من حكمه. ونسعى من خلاله إلى توثيق التاريخ الشفوي لمسيرة الملك الحسين ليس فقط من قبل السياسيين الذين عملوا معه رحمه الله، وإنما سيشمل أيضا توثيقا لتجارب الناس العاديين والبسطاء الذين كانت لهم تجربة مع الراحل العظيم. والهدف هو المحافظة على الذاكرة الجمعية الوطنية، واطلاع الأجيال الحالية والقادمة على هذه التجارب.
ولا تقتصر برامج كرسي الملك الحسين على التاريخ الشفوي للملك الحسين، وإنما ستشمل دراسات معمقة لأبرز المحطات السياسية والأزمات التي عصفت بالأردن خلال حقبته، رحمه الله، وتقديم قراءة أردنية لهذه الأحداث والتحولات، وكيف استطاع الحسين برؤيته الثاقبة وعزيمته وإصراره أن يتجاوزها.
وبالرغم من أن الأردن نأى بنفسه عن تبني أي أيديولوجيات، إلا أنه كانت لديه فلسفته ورؤيته الخاصة المستندة الى مبادئ الثورة العربية الكبرى وحملها بأمانة الملك المؤسس، وأرسى دعائمها الملك الباني، ويحمل شعلتها الوقادة الملك المعزز.