نصوص "المساواة" و"التمييز" تثير جدلا حول نتاجات "لجنة المرأة الملكية"

هديل غبّون عمّان - عاينت ندوة نظمها القطاع النسائي في حزب جبهة العمل الإسلامي مساء أمس مخرجات لجنة المرأة المنبثقة عن اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية وتوصياتها، فيما دار جدل واسع حول عدد من المصطلحات الواردة في التوصيات على غرار "التمييز" و"المساواة" التي اعتبرتها بعض المتحدثات بأنها "اجندات فرضتها اتفاقية سيداو". وفي مستهل الندوة، أكدت رئيسة لجنة المرأة في اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية، سمر الحاج حسن، أن اعتماد توصيات لجنة المرأة تمت بالتوافق داخل اللجنة الملكية والهيئة العامة، بما في ذلك المفاهيم المتعلقة بإزالة كل أشكال التمييز ضد النساء والتأكيد على المساواة في حقوق النساء، وذلك انطلاقا من مبادئ الدستور اﻷردني والتشريعات الأردنية القائمة على أحكام الشريعة الإسلامية، داعية إلى "عدم إخراج التفسيرات عن الضوابط والثوابت اﻷردنية". وجاءت تصريحات الحاج حسن خلال مشاركتها في الندوة التي هدفت إلى تقييم نتاجات توصيات لجنة المرأة في اللجنة الملكية، موضحة مسوغات الصياغة والإقرار، ومؤكدة أن "تعديلات عديدة أدخلت بناء على تحفظات وردت للجنة، بما فيها التحفظات التي أبدتها النائب السابقة الدكتورة ديمة طهبوب، ممثلة رأي حزب جبهة المل الإسلامي، فيما يتعلق ببعض المصطلحات القانونية والحقوقية التي أقرتها اللجنة". وتمحور الجدل بشكل رئيسي في الندوة، حول إدراج عدة توصيات ضمن وثيقة التوصيات العامة، تتضمن مصطلحات رفض أشكال التمييز ضد المرأة والمساواة، خاصة ما تعلق منها بالتوصية بإضافة نص صريح في الدستور، يحظر التمييز بين اﻷردنيين والأردنيات أمام القانون، ونصوص أخرى حول تعزيز مشاركة المرأة في الحياة العامة انطلاقا من مبادئ المساواة والعدالة وتكافؤ الفرص، حيث عبر الحزب عن مخاوفه الصريحة من سوء استغلال هذه المصطلحات وعكسها على مؤسسة اﻷسرة وتغيير أدوار الرجل والمرأة النمطية، في اعتراض مباشر على اتفاقية "سيداو". وقالت الحاج حسن إن "التوافقات كانت بالأغلبية، وإن اللجنة لا تسمح ولا تخرج عن أحكام الشريعة الاسلامية باعتبار أن دين الدولة اﻹسلام، وأن قوانين الاحوال الشخصية مستندة بطبيعتها ﻷحكام الشريعة الاسلامية". وأضافت أن "اللجنة حريصة على هذه المبادئ وإن كانت هناك ممارسات غربية ومفاهيم ومسميات تطبق في الخارج، لكن لا أحد منا يقبل تطبيقها على الحالة اﻷردنية، ولن نخرج عن الضوابط والثوابت الاردنية".   وأشارت إلى أن الملاحظات التي وردت من الدكتورة طهبوب وهي عضو في اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية، تم الاخذ بنحو 90 % منها، وقد نبهت بالفعل إلى بعض التفسيرات، وفقا للحاج حسن، خاصة فيما يتعلق بالنوع الاجتماعي، الذي استبدل بـ"قضايا المرأة". وأضافت: "ليس من مصلحتنا الدخول في هذا الجدل، المساواة التي طرحت جاءت في سياق المحيط العام وبيئة العمل وليس اﻷسرة وأدوارها ووضعنا مصطلح المجتمع بدلا من الأسرة في التوصيات تجنبا ﻷي تفسيرات". ولفتت إلى ان "نصوص رفض التمييز والمساواة وردت في المادة 6 من الدستور اﻷردني التي تحدثت عن أن اﻷردنيين أمام القانون سواء وكذلك مصطلح التمييز، قائلة إن هناك 3 دساتير عربية غير اﻷردن فقط تخلو من هذه الضمانات الصريحة". وأشارت أيضا إلى ان النصوص التي ورد فيها مصطلح التمييز والمساواة، بنيت على التشريعات اﻷردنية وانطلاقا من قيم المواطنة والمساواة في الحقوق والواجبات، وهي ضمن سياقات واضحة. من جهتها، قالت وزيرة التنمية الاجتماعية السابقة عضوة لجنة المرأة الملكية، المحامية ريم أبو حسان في مداخلتها، إن النساء المشاركات في اللجان شكلن علامة فارقة في المناقشات وعددهن 18 سيدة، وإن الجدل حول حقوق النساء غالبا ما يخضع إلى "تسييس لحقوق المرأة" بين التيارات السياسية المحافظة والليبرالية، ما يجعل النقاش "ضائعا"، منوهة إلى أن اﻹسلام بالأصل هو من أقر بذمة المرأة المالية المستقلة وبكثير من حقوقها اﻷساسية. وأضافت: "نتيجة النقاش المحتدم لا نجد فرصة لنقاش حقيقي لتلك الحقوق.…"، مبينة أن مخرجات لجنة المرأة "ﻷول مرة واجهت العنف الانتخابي ضد النساء، وأن هناك  خلطا اليوم بين مفاهيم المساواة والتمييز في الدين وكيف نجدها في القوانين الوضعية"، ومعتبرة أن "أكبر دليل على ذلك حرمان توريث المرأة لراتبها التقاعدي من الضمان الاجتماعي، وكذلك الجدل المحتدم حول منح المرأة الجنسية ﻷبنائها".  وأضافت: "لانريد رفض الحديث عن حقوق المرأة ولكن نريد البحث في التفاصيل، سواء كنا من الجانب الليبرالي أو الاسلامي أو المحافظ…". وتساءلت أبو حسان عن القواسم المشتركة بين النساء، التي تهدف إلى رفع الظلم عنهن في توريث الراتب التقاعدي، وفي وقف تعرضهن للحبس بسبب القروض التي تستدينها لزوجها أو أخيها أو ابنها، مشيرة إلى أن "اﻷصل في اﻷمور في الاسلام الاباحة إلا ما ورد فيه نص صريح". من جهتها، تساءلت رئيسة القطاع النسائي في حزب جبهة العمل الاسلامي الدكتورة ميسون دراوشة عن "سبب تمسك اللجنة الملكية بمصطلحات مثل التمييز والمساواة"، مشيرة إلى أنه "لا بد من التدقيق فيها ﻷنها تقع في دائرة الخلاف السياسي وفي دائرة المجتمع". وفيما أشارت دراوشة إلى عدم وجود خلاف حول رفع الظلم عن المرأة في كل مجالات الحياة، اعتبرت أن ورود هذه المصطلحات "خطير"، خاصة التمييز في نص دستوري صريح، قائلة إن ذلك "مستمد من اتفاقية سيداو، وأنها ليست مصطلحا أردنيا". وعبرت عن خشيتها من "سوء استغلال هذه المصطلحات في التطبيقات التشريعية اﻷخرى، وأن هناك اتجاهات جديدة في اﻷمم المتحدة تذهب إلى استخدام العدالة بدلا أيضا من المساواة". وقالت: "التمييز والمساواة مصطلحات قانونية لها تداعياتها وأتمنى من اللجنة أن تبتعد عنها، استخدام العدالة وتكافؤ الفرص كلها تكفي". وأشارت دراوشة إلى أنه "في حال إجراء تعديلات على تشريعات أخرى كالأحوال الشخصية مستقبلا، ستصبح إضافة هذه المصطلحات مطلوبة، ونحن نعرف ما الذي يتم الحديث عنه في سيداو في الميراث والزواج والطلاق"، منوهة أيضا إلى أن هذه المصطلحات وردت في التوصيات من دون تعريفات. كما اعتبرت أن الحديث في ورقة التوصيات عن العدالة والمساواة، في الوقت الذي تتحدث فيه عن زيادة عدد مقاعد النساء في المجالس المنتخبة هو "تمييز لا يحقق العدالة بين الناس"، مطالبة بالابتعاد عن القضايا الخلافية خشية المساس بالادوار النمطية للأسرة والمنظور الجندري، وصولا إلى ما قد يؤدي إلى "الاعتراف بحقوق الشواذ". وحصلت "الغد" على وثيقة التوصيات العامة كاملة للجنة المرأة التي أقرت في الهيئة العامة، والتي ستعرض منتصف هذ الأسبوع على لجنة التعديلات الدستورية، حيث لا يعرف بعد فيما إذا كانت ستوصي بإجراء تعديلات على التعريفات أعلاه أم لا.اضافة اعلان