نص قانوني يحرم ذوي إعاقة من نفقة التعليم

ذوي إعاقة
ذوي إعاقة

نادين النمري

عمان– "ليسا أهلا للتعليم بسبب إصابتهم بالتوحد الشديد".. كان هذا الحكم الذي حصلت عليه سناء في قضية نفقة تعليمية رفعتها على طليقها. حكم يستند على قانون الأحوال الشخصية الذي يحصر الحق في نفقة التعليم، بأن يكون "الولد ذا أهلية للتعلم".

اضافة اعلان


ويلزم القانون في المادة (190) منه "الأب الموسر بنفقة تعليم أولاده في جميع المراحل التعليمية، بما في ذلك السنة التمهيدية قبل الصف الأول الأساسي، وإلى أن ينال الولد أول شهادة جامعية، على أن يكون الولد ذا اهلية للتعلم.


تروي سناء لـ"الغد"، ما مرت به من تحديات تتعلق بضمان حق ابنيها بالتعليم والتدريب والتأهيل، قائلة "يبلغ ابني الأكبر 20 عاما، اما شقيقه فيبلغ 14 عاما. بعد انفصالي عن والدهما حصلت على نفقة مسكن ورعاية لهما دون نفقة تعليم، ما دفعني لرفع نفقة تعليم لتغطية تكلفة مركز نهاري للتربية الخاصة الذي كان يلتحق به ولداي".


شكل الالتحاق بالمركز النهاري، أمرا أساسيا لضمان السير وفق خطة أعدها اختصاصيون، تشمل التأهيل الوظيفي والسلوكي والنطق للولدين في الفترة بين عامي 2016 و2020، إذ كانت تتكلف الأم بدفع نفقات تعليمهما وقدرها 800 دينار لكليهما.


وأوضحت "لم أعد قادرة على دفع النفقات وترتب ديون علي للمركز. في العام 2020 بتت محكمة الاستئناف بقرار عدم أحقية ابنائي بنفقة التعليم كونهما غير قابلين للتعلم، فاضطررت لاخراجهما منه".


تتساءل سناء: هل تعريف التعليم يقتصر على التعليم الأكاديمي والشهادات؟ أليست مصلحة الولدين تتطلب استمرار تسجيلهما في مراكز متخصصة، لضمان عدم حدوث انتكاسات أو تراجع في سلوكهما، خصوصا أن والدهما مقتدر".


تعكس حالة ابناء سناء، التضارب بين قانوني الأحوال الشخصية وحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، ففي وقت ينص فيه قانون حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة على الحق بالتعليم دون تمييز لذوي الإعاقة، فإن قانون الأحوال الشخصية حصر حق النفقة التعليمية بمن وصفهم "بذا أهلية التعلم".


وتنص المادة (17) من قانون حقوق الأشخاص على ‌حظر استبعاد الشخص من أي مؤسسة تعليمية على أساس الإعاقة أو بسببها، وإذا تعذر التحاق الشخص ذي الإعاقة بالمؤسسة التعليمية لعدم توافر الترتيبات التيسيرية المعقولة، أو الأشكال الميسرة أو إمكانية الوصول، فعلى وزارة التربية والتعليم، إيجاد البدائل المناسبة بما في ذلك ضمان التحاق الشخص بمؤسسة تعليمية أخرى.


كما تنص المادة (18) من القانون ذاته، على ضرورة "تضمين السياسات العامة والاستراتيجيات والخطط والبرامج التعليمية متطلبات التعليم للأشخاص ذوي الإعاقة، بما يحقق تمتعهم الكامل بحقهم في التعليم والوصول لجميع البرامج والخدمات والمرافق والمؤسسات التعليمية".


وفي هذا السياق، يدعو مختصون الى ضرورة تعديل قانون الأحوال الشخصية، بحيث يضمن الحق في النفقة التعليمية دون تمييز بناء على الإعاقة، في مقابل ذلك فإن مصدرا قضائيا، رد على استفسار "الغد" بإمكانية أن تتوجه الأم برفع قضية أخرى على أن تتعلق القضية بمسألة التدريب والتأهيل وليس التعليم.


لكن مختصين يرون بأن وجود نص واضح، قد يجنب الأسر هذا النوع من الاشكاليات، لافتين إلى ان الحاجة تطال أيضا تعديل قانون حقوق الاشخاص ذوي الاعاقة، ليتضمن نصا واضحا بتحديد النفقة التعليمية لذوي الإعاقة، فضلا عن وضع تعريف اشمل للتعليم، بحيث لا يقتصر على التعليم الأكاديمي، بل يمتد لتعليم المهارات الحياتية والتأهيل والتدريب.


وفي هذا السياق، تقول ميسر أعمال مفوضية الحماية في المركز الوطني لحقوق الانسان الدكتورة نهلا المومني، إن "هذه الحالة تفرض ضرورة مراجعة قانون الأحوال الشخصية، خصوصا ما يتعلق بمفهوم نفقة التعليم ليأخذ بالاعتبار موضوع تعليم الأطفال من ذوي التوحد، وحتى غيرهم من الأطفال ذوي الإعاقة.


وترى أن هناك "ثغرة في القانون"، لافتة إلى أن الثغرات تظهر خلال التطبيقات العملية للقانون، التي تبرز وتكشف عن الاختلالات في القانون.


وتؤكد المومني، انه وان كانت النصوص القانونية لا تسعف، فهناك مبدأ سام وجوهري، وهو مصلحة الطفل الفضلى والذي نص عليه قانون الأحوال الشخصية، وأيضا اتفاقية حقوق الطفل التي صادق عليها الاردن.


وتشدد المومني على ضرورة تغليب مصلحة الطفل الفضلى والحكم له، فاذا لم يسعف النص القانوني اللجوء باي قرار الى مصلحة الطفل الفضلى، والتوسع في مفهوم التعليم ويشمل جميع فئات الأطفال احتراما لحقهم في النمو والبقاء والتعليم.


من ناحيته، يوضح الأمين عام للمجلس الأعلى لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة الدكتور مهند العزة، أن المشكلة مركبة ويجب تداركها بتعديلات على قانون حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، بحيث يدخل في مفهوم نفقة التعليم، كل ما يتعلق بالتأهيل السلوكي والوظيفي للأشخاص ذوي الإعاقات الذهنية واضطراب طيف التوحد.


ويقر العزة، بوجود اشكالية في ظل عدم وجود نص واضح يبقى الأمر خاضعا لتقدير شخصي من القضاة الذين بعضهم قد يكون ملما بهذه القضايا، وبعضهم الآخر، قد لا يكون ملما بمختلف الجوانب.


وبخصوص قرار المحكمة الخاص بالشقيقين، يشير العزة الى أن القرار استند على تقرير طبي موقع من اختصاصيين نفسيين، ويدعم أن صاحب الحالة، لا يمكن أو لا يستفيد من التعليم، وحصر ما يحتاجه بالمأكل والمشرب.


ويرى العزة في هذا الأمر اشكالية، فكما هو معلوم أن الإعاقات الذهنية واضطراب طيف التوحد ومتلازمة داون، وكل هذه الإعاقات تحديد البرامج الأكثر ملاءمة ونفعا وآثارا لهم، يعتمد على تخصصات في أساسها غير طبي، كالتخصصات التربوية وعلم الاجتماع والسلوك والترتيبات التيسرية والتعليم الدامج.


وبين أن الأطباء يجب الا يتجاوزوا دورهم وصف الإعاقة، بمعنى تحديد نوعها ودرجتها وفيما وراء ذلك، فهذا ليس شأن طبي على الاطلاق، مضيفا إن "معظم الاطباء حاليا بوزارة الصحة مع هذا التوجه، ما سينعكس قريبا في تعديلات جوهرية على نظام اللجان الطبية".


ويلفت الى أن المجلس وقع اتفاقية مع دائرة قاضي القضاة، وكانت الدائرة اكثر من منفتحة، وحتى قبل فتح القانون هذا الموضوع، عندما يطرح على المستوى الاعلى في دائرة قاضي القضاة، فأنا على ثقة كاملة بأنه سيلقى تجاوبا وسنشهد تغيرا.


من جانبه، يرى مستشار حقوق الانسان الدكتور رياض الصبح، الموضوع من شقين شق يتعلق بالحق في التعليم ونص عليه قانون حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة بالحق في التعليم والصحة بدون تمييز مع الآخرين من غير ذوي الإعاقة ومن دون تمييز، فيما بين الاشخاص ذوي الاعاقة حسب الجنس او نوع الاعاقة.


اما الشق الآخر، فيتعلق بتوفير الترتيبات التيسرية والتصميم العام، بحيث تكون كافة مؤسسات الدولة قادرة على تقديم هذه الخدمات، وأن تقدم لكل الاشخاص ذوي الاعاقة دون تمييز بشكل عام لا يجوز ان اقول انهم خارج الخدمة، ما هو البديل.


ويشير الى دراسة للمجلس الاعلى لحقوق الاشخاص ذوي الاعاقة، بينت أن 79.5 % من الاطفال في عمر الدراسة من ذوي الاعاقة لم يلتحقوا بالمدرسة، موضحا أن ذلك مرده غالبا ان البنية التحتية غير مواتية ما يدفع الاسر للتوجه للقطاع الخاص، وبالتالي تواجه الأسر مشكلة الكلفة.


ويبين أنه في حالة النزاع مع القانون بين الأزواج، فإن القانون الدولي لحقوق الإنسان جعل المسؤولية المشتركة للابوين، وعليهم تحمل المسؤولية دون تنصل أو تحميلها لطرف دون طرف آخر.

إقرأ المزيد :