نظرة على الطريق

د. يعقوب ناصر الدين تأتينا أخبار حوادث الطرقات تباعا كل يوم، تشعرنا بالفجيعة، وتدمي قلوبنا صور الشباب حين يحمل النعي اسماءهم، نحن نواجه خسارة فادحة في الأرواح نتيجة تلك الحوادث الناجم معظمها عن السرعة الزائدة، والتعامل الخاطئ مع المنعطفات، والتغيير المفاجئ للمسرب، واستخدام الهاتف النقال، وغيرها من المسببات المرتبطة بخطأ إنساني، أو خلل ميكانيكي، وفي المحصلة نحن نواجه كارثة وطنية مؤلمة ومحزنة. غالبا ما نمر مرور الكرام عن الخسائر المادية المترتبة على تلك الحوادث رغم أنها تفوق الثلاثمائة وخمسين مليون دينار سنويا، ونغض النظر عن معاناة أهالي الضحايا، وآلام الجرحى، وتغير مسار حياة بعضهم بشكل مأساوي، ورغم ذلك كله تظل جهودنا الوطنية قاصرة عن معالجة هذه الحالة المقلقة جدا، ونركن إلى الجهود التي تبذلها مديرية الأمن العام، وجهاز السير، رقابيا وتوعويا، مع قدر متواضع من التعاون والشراكة مع مؤسسات القطاعين العام والخاص، وهيئات ومنظمات المجتمع المدني، وغيرها من الجهات التطوعية المهتمة. لدينا اليوم قناعة بأن تلك الجهود لا تحقق الغاية المنشودة للحد من حوادث الطرق ومن ضمنها الضحايا من المشاة، والأضرار التي تتعرض لها الأعمدة والأرصفة والمحلات التجارية وغيرها، وهي جهود كبيرة ومتنوعة ولكنها تبدو غير كافية أمام حجم الخسائر البشرية والمادية التي يتكبدها بلدنا، وأمام تصاعد نسب تلك الحودث بشكل متزايد من شهر لشهر، ومن عام لعام. خلال ورشة العمل التي شاركت فيها إلى جانب عطوفة مدير الأمن العام اللواء عبيدالله المعايطة في جامعة الشرق الأوسط تحت عنوان «واقع السلامة المرورية ودور الشركاء في العملية المرورية» جرى التركيز على كيفية ايجاد شراكة حقيقية وفاعلة بين الأمن العام والوزارات والمؤسسات الحكومية والمؤسسات الأكاديمية والمعرفية للخروج بخطة وطنية لتحقيق الأمن المروري، بناء على منهجيات علمية مدروسة، وقابلة للتنفيذ على أرض الواقع. الخطة الإستراتيجية لمديرية الأمن العام والإدارات ذات العلاقة التابعة لها يجري تنفيذها بقدر وافر من الدقة والجدية، واللواء المعايطة يريد وضع قاعدة صحيحة للتثقيف المروري، وترسيخ الممارسات الفضلى، عن طريق التعاون والتنسيق مع جميع الشركاء، وذلك من خلال خطط موضوعة ودراسات وبيانات وصولا إلى حالة من التناغم في الأداء الذي يحقق الهدف الأسمى المتمثل في الحد الأدني من الحوادث والخسائر. الجامعات مطالبة أكثر من غيرها أن تحول مفهوم التوعية المرورية إلى عملية بحثية تنظر بعمق علمي إلى جميع العوامل والظواهر المرتبطة بالحوادث واسبابها من ناحية، وبمنطلقات وأدوات التصدي من ناحية ثانية، ومن خلال تعاون متواصل يتجاوز ورشات العمل والندوات إلى لجان تنسيق دائمة يمكن لها أن تتحول إلى ذراع علمية وبحثية وتطبيقية لمديرية الأمن العام، إلى جانب عمليات التدريب والتأهيل القيادي في مجالات الإرشاد والتوجيه، فضلا عن المشاركة في أيام أو أسابيع مقررة يشارك خلالها الطلبة في عمليات تنظيم المرور. لقد خلصت تلك الورشة إلى توصيات ممتازة، ولكن لا بد أن نوحد نظرتنا على الطريق كي نراه بوضوح، ونخطو عليه بثقة وأمان، فنبلغ المستوى الذي نطمح إليه جميعنا من الأمن المروري، الذي يحفظ دماء الأردنيين وممتلكاتهم! المقال السابق للكاتب  التحرك من منظور إستراتيجياضافة اعلان