نعم لدينا ترهل إداري

جهاد المنسي نعم علينا أن نعترف يقينا قولا وفعلا أن جهازنا الإداري بات مترهلا، وبناء على ذلك علينا أن نبادر بشكل سريع وعاجل لوضع الحلول اللازمة لوضع حد للترهل، وإعادة الاعتبار لجهازنا الإداري الذي كان حتى وقت قريب مضرب المثل في الانضباطية والعمل والانجاز. خلال الفترة الماضية التفتت حكومات متعاقبة لهذا الامر ووضعت دراسات وأقامت ندوات وورشات عمل لجهة وضع رؤى لتجويد القطاع العام والنهوض به من جديد، وفي الوقت عينه فإن التطوير الإداري لا يأتي في سياق منفصل على فكرة تعزيز مفهوم الدولة الحديثة والمدنية، كما ان التطوير الإداري يتأتى ويتعزز من خلال التحديث السياسي والاقتصادي. وفي هذا السياق تحدث جلالة الملك خلال المرحلة الماضية عن آليات تطوير الدولة سواء من الناحية السياسية من خلال رعاية دور الأحزاب وتعزيز دورها في الحياة السياسية والبرلمانية والشعبية، وكذلك عن رؤية اقتصادية تساهم في حل المشاكل التي تعاني منها الموازنة العامة، واتباع سياسة الاعتماد على الذات وخاصة في المجال الزراعي، واستثمار الرقعة الزراعية بشكل أوسع، كما أشر جلالته في كثير من المناسبات لأهمية تطوير القطاع العام وجعله اكثر ديناميكية وحيوية واستمرارية. عمليا في الجانب الإداري والاقتصادي قطعنا شوطا ليس كافيا حتى الآن، وإنما نحن في بداياته، ولتعزيز البدايات علينا إرساء قواعد تحديث الدولة، وتنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي، واعتبارها ملزمة للحكومات كمعيار لقياس أدائها والتزامها أمام مجلس الأمة، ومن هذا المنطلق فإن مسارات التحديث الشامل سواء اكانت سياسية او اقتصادية او إدارية يجب أن تدور حولها الأهداف الوطنية وتسخر الجهود والموارد لتحقيقه، ومؤسسات الدولة عليها تبني مفهوم جديد للإنجاز الوطني يلمس نتائجه المواطنون، والتراجع أو التردد في تنفيذ أهداف الإصلاح بكل جوانبه ستكون لها انعكاسات سلبية. إن هدف أي تطوير وتحديث سواء اقتصادي او اداري هو تحسين مستوى معيشة المواطن وتوفير فرص عمل وتشغيل وتعزيز نوافذ الاستثمار، وهذا توجه يتعين على كل الحكومات تبنيه والتعامل معه بقوة، والحكومات اللاحقة عليها الايمان بأن التحديثان السياسي والاقتصادي لا يكتملان دون إدارة عامة قادرة وكفؤة، وان يساهم ذاك في تحديث أهداف التنمية وتمكين الشباب والمرأة، وإيجاد قيادات لديها أفكار خلاقة وتبعث حيوية في مؤسسات الدولة. إن أي تطوير إداري يجب ان يكون هدفه تحقيق العدالة تحت سيادة القانون وأن يطبق القانون على الجميع، وقتها يمكن الذهاب لبناء دولة حديثة أساسها المشاركة والمواطنة الفاعلة وسيادة القانون وتكريس كل الإمكانيات للتنمية، والتأكيد أن أي رؤية سواء إدارية أو اقتصادية يجب أن تكون تفاعلية وعابرة للحكومات حتى لا تأتي أي حكومة وتعيدنا للمربع الأول ونقول كما جاء في المثل (كأنك يا أبو زيد ما غزيت)، وحتى نتجنب ان ينطبق ذاك المثل علينا فإنه من المهم وضع خطة لإنقاذ الرؤية التنفيذية، ومراجعة المخرجات بصورة ومنح مساحة للنقاش، ومتابعة مؤشرات الأداء. وقبل أن يقول قائل ان رؤية التحديث الإداري والاقتصادي واعدة وطموحة، وهي بمثابة طوق نجاة، وتتحدث عن الارتقاء بنوعية الحياة لجميع المواطنين، وتقدم مشاريع وبرامج تنمية، فإن ذاك لا يمكن ان يتحقق من خلال كتابة الرؤى على الورق، وانما يتحقق التطوير الإداري والاقتصادي والسياسي من خلال بدايات نصلح فيه نظامنا التعليمي وجهازنا الإداري، ونعالج فيه مشاكل قطاعنا الصحي، وننهض باقتصادنا، وتزداد قدرة قطاعنا العام وفاعليته، ويزدهر قطاعنا الخاص، ونواجه الفقر والبِطالة بعزم، وتعزيز الحماية الاجتماعية ومكافحة المخدرات بقوة وشمولية وتتبع مصادره ومن يموله، ومنح مساحات أرحب للشباب والمرأة. المقال السابق للكاتب: كلاب ضالة وقلق شعبي وحلول غائبةاضافة اعلان