نعم.. نستحق أفراحا بحجم خيباتنا

يتمسك عدنان جابر، بتدفق لحظات الغضب، وهو يكتب قصيدته، بعد تجربة مريرة مع الاعتقال والمنفى.
عدنان جابر الذي صدر له مؤخرا، كتابه الشعري الأول، تحت عنوان “غرفة لذاك الشيء”، بدأ مقاتلا في سن السابعة عشرة، ثم اعتقله الاحتلال الاسرائيلي، بعد معركة تعرض فيها لاصابات ما تزال عالقة في جسده.اضافة اعلان
بقي يحلم بكتاب شعري، يتوغل فيه الى اقصى اللحظة التي تعبر عن غضبه، فرحه، ألمه، حتى كانت تلك الغرفة، المسكونة بذاك الشيء، أي شيء يريد ان يكون بين اربعة جدرانها؟ ربما هو السؤال الذي يظل مفتوحا دون ان يحتمل حدا يقف على مشارفه او في اعماقه.
ابقى لحظته تقوله، تتفتح فيها أطياف أحلامه التي تحققت في كتاب يريد أن يكون مختلفا فيه، كما كان مختلفا في سيرته ومسيرته المشحوذة بالصلابة والاصرار على الذهاب نحو ما يريد.
تلقى عدنان جابر تعليمه خلال وجوده في سجن عسقلان، وبعد خروجه حصل على الدكتوراة في الفلسفة، وعمل في الصحافة، وانتج ثلاثة كتب فكرية.
لكنه في “غرفة لذاك الشيء”، يكشف عن وجه آخر للمفكر، يظهر فيه مقدرة فريدة على التقاط الحياة من زوايا، تتخفى في طياتها الفلسفة والافكار.
“نستحق أفراحا بحجم خيباتنا/ رصيفا من الازهار بطول آلامنا/ نحن لم نشرب نبيذا/ إنما حزن تعتق”، بهذه الرائحة التي تشي بأن اللحظة قاتمة، يمضي في قصائد كتابه التي تزيد على السبعين، نحو بعثرة العالم، واعادة ترتيبه وفق رؤية، تستنهض الحياة، وتبذر الامل.
أحيانا، تتكشف روح شاعر هادئ، يراوغ الضجر والصخب، واحيانا يبدو ثائرا، يحرض الحرية على الطيران، وهو يسأل عن مكانته كفلسطيني في هذا الفضاء المحتل، المنفي، المشرد، المقاتل، يريد أن يجد اجابات على اسئلته.
الحرية، الكرامة، الوطن، الجنرال، القمح، الليل، النهار، الشهداء، القبور، القيامة، الازهار، مفردات تحدق في قارئ هذا الكتاب، كا لو انها تريد اقتناص توتره، لتضيفه الى التوتر الذي تتدفق فيه قصائد الحرية والغضب والحب.
تحضر فلسطين في قصائد جابر، فهي التجربة التي انضجته فوق مرجلها، جلجلته التي قضى جل حياته، مضي بها، خلاصه الوجودي والفكري، تحضر في كل سطر من كتابه الذي أنجزه من اجلها.