نفاق اليمين الأميركي!

 نبراسكا-لا يتوانى سياسيو اليمين في الولايات المتحدة ولا الشخصيات الإعلامية المرموقة والمرتبطة مع هذا التيار عن اظهار كل أنواع النفاق بهدف تمكين جون ماكين من الفوز في الانتخابات الرئاسية التي لم يعد يفصلنا عنها إلا ثمانية أسابيع. فبعد اختيار اليمينية سارة بيلين نائبة لجون ماكين، انهال اليمين الأميركي بكيل المديح لها حتى ليتخيل للبعض أنها ستنقذ واشنطن من كل مشالكها العالقة.

اضافة اعلان

يتصدى لهؤلاء إعلاميون ليبراليون مشهورون، وعلى رأسهم جون ستيورات صاحب البرنامج الكوميدي "الديلي شو". وتناول ستيوارت في برنامجة قبل ايام قليلة عددا من أشد المتحمسين لماكين وسارة بيلين، وهما بيل أورايلي، مقدم برنامج مهم على محطة فوكس نيوز، وكارل روف، الاستراتيجي المعروف للحزب الجمهوري وغيرهم. فالنفخ الزائد عن الحد في الخبرة التنفيذية لسارة بيلين كرئيسة بلدية لبلدة صغيرة لا تعجب اليسار الأميركي ولا حتى الكثير من الناخبين المستقلين. ويُظهر ستيوارت في برنامجه كارل روف في لقطة فيديو يستخف فيها من الخبرة التنفيذية لرئيس بلدية رتشموند (تيم كين) عندما كان هناك اشاعات أن باراك أوباما قد يختاره نائبا له.

وبعد اقل من شهر يمتدح كارل روف خبرة سارة بيلين (رئيسة بلدية سابقة لبلدة لا يتجاوز عدد سكانها 9 الآف، أصغر من مسقط رأسي قرية حسبان، وحاكم ولاية صغيرة لمدة سنتين) على اعتبار أنها أكثر خبرة من كل مطبخ الحزب الديمقراطي. فقد وصفها بأنها إصلاحية وثورية ومستقلة واقتصادية ومتعمقة في السياسة الخارجية والاقتصاد!

فبالرغم من هذا النفاق ومن نجاح ماكين في خلق زخم قوي يتعلق بانتخاب نائب له، فالانتخابات في نهاية الأمر ستكون على ماكين مقابل أوباما. ولكن يحاول الحزب الجمهوري والاعلاميون المرتبطون معه جاهدين حصر المقارنة بين أوباما وبيلين على اعتبار أن ماكين هو المرشح الذي يسمو على كل المقارنات. الاستطلاعات ما زالت لصالح أوباما مع الأخذ بعين الاعتبار أن اختيار بيلين ساعد ماكين في توحيد قاعدة الحزب وبخاصة الايفنجالكيين.

والنفاق الأكثر فجاجة هو لدى بيل أورايلي الذي يرفض اعتبار الكشف عن انباء حمل بريستول بيلين (ابنة سارة بيلين البالغة من العمر سبعة عشر عاما) الا في اطار ان الموضوع برمته مسألة عائلية وخاصة. مع العلم أنها حامل وهي غير متزوجة ما يتناقض مع الكثير من قيم اليمين المحافظ الذي يحرم ممارسة الفتاة للجنس قبل الزواج.

يعرض جون ستيوارت في برنامجة لقطة فيديو يوبخ فيها بيل أورايلي، في برنامجة التلفزيوني المعروض على محطة فوكس نيوز، والدي جيمي لين سبيرز (أخت نجمة البوب الأميركية الشهيرة بريتني سبيرز) والبالغة من العمر ستة عشر عاما لأنها أنجبت طفلا من دون زواج. ويضع اللوم بالكامل على والديها. أما عندما جاء دور سارة بيلين فإن الأمر برمته مسألة خاصة، وينبري للدفاع عن حق سارة بيلين في أن لا تكون مثار نقد على هذا الموضوع بالتحديد!

كما يعرض جون ستيورات ديك موريس وهو يهاجم هيلاري كلينتون ويطالب فيها أن تكف هيلاري عن استخدام قضايا الجندر لمنع النقد عنها. المفارقة كبيرة عندما يخرج علينا ديك موريس مهاجما الذين ينتقدون عدم خبرة سارة بيلين بأن ملاحظتهم مليئة بالسيكزم. أي نفاق أكثر من هذا. وأخيرا أحد المستشارين الكبار لماكين، ماكين نانسي فوتنهاور (وهي يمينية ومحللة اعلامية معروفة)، تنتقد هيلاري لتوظيفها مسألة الجندر، وتصر على أنه لا يجوز ليهلاري كلينتون أن تقوم بهذا الدور لأنه يلحق الضرر بالمرأة. ولكن بعد اختيار ماكين لسارة بيلين تعود علينا نانسي فوتنهاور على شاشات التلفزيون لتهاجم من ينتقد سارة بيلين موظفة ورقة الجندر في الوقت ذاته! معايير مزدوجة من الطراز الرفيع.