نكاية بالإخوان.. دعماً لداعش!

بانتظار تحديد موعد نهائي لـ"مليونية خلع الحجاب" التي دعا إليها، قبل أيام، الكاتب المصري شريف الشوباشي، يبدو ضرورياً الإجابة عن عدد من الأسئلة "التنظيمية" التي تهم المشاركين تحديداً في هذه المليونية، قبل أي أحد سواهم.اضافة اعلان
فهل المطلوب في ذلك اليوم الموعود قيام غير المحجبات بارتداء الحجاب، ثم نزعه في ميدان التحرير؟ لكن ذلك لن يحقق أبداً غاية "المليونية"، والمتمثلة في "إغاظة الإخوان"، وأهم من ذلك القضاء على الحجاب كأحد رموز الإسلام السياسي، بما يوجب "على الدولة محاربته كما تحارب الإرهاب"، بحسب الشوباشي.
إذن، يبقى أقرب إلى المنطق أن الآلية تتمثل في "خلع حجاب النساء قسراً". ولكن بما أن مكان "المليونية" هو ميدان التحرير، وليس بالوارد إطلاق المشاركين فيها للهجوم على النساء المصريات المحجبات في شوارع القاهرة، ولربما سواها من المدن المصرية، فلا يعود من مجال لتحقيق الإنجاز المأمول، إلا بأن تُساق النساء المستهدفات إلى ميدان التحرير، كما السبايا، حيث يتم نزع حجابهن من ملايين المشاركين في الثورة الجديدة، بتوصيف الشوباشي أيضاً.
وإذا كانت كلمة "سبايا" تستحضر مباشرة تنظيم "داعش" الإرهابي والحروب الأهلية التي يرتع فيها، فإن ذلك يبدو استحضاراً صحيحاً ودقيقاً تماماً، بل وحتى وحيداً. فمثل هذه الدعوات ليست إلا دعوة لحروب أهلية، حتى في حال عدم الاستجابة لها وتنفيذها، كما هو متوقع تماماً. إذ ستظل، رغم ذلك، "دليلاً دامغاً بيد "داعش" وأشباهه على أن العلمانية التي يدعيها كثير من العرب، ليست إلا حرباً على كل المتدينين، وصولاً إلى كونها حرباً على الإسلام ذاته، بما في ذلك ذاك الذي تتمسك به أغلب فئات المجتمعات العربية؛ الشعبية المسالمة، القانعة بقوت يومها، وحتى بعدم توفره غالباً.
الدليل الآخر على صدق مقولة العرب البليغة "عداوة عاقل خير من صداقة أحمق"، يتمثل في واقعة قيام مديرة التربية والتعليم بالجيزة، قبل أيام أيضاً، بإحراق "عدد من الكتب الإسلامية" في ساحة مدرسة، "بزعم أنها تشجع على التطرف".
وفوق كل ما قيل في الدلالات السوداوية لعملية إحراق الكتب بحد ذاتها؛ مضافاً إليها حقيقة أنها جاءت بعد أسابيع أيضاً على قيام تنظيم "داعش" نفسه، في شباط (فبراير) الماضي، بحرق "مئات الكتب والمؤلفات التاريخية والحديثة التي تحتوي عليها المكتبة المركزية للموصل" في العراق؛ فإن الدلالة الأهم في "احتفالية الجيزة التنويرية"، تظهر من كون أحد الكتب المحروقة ليس إلا كتاب علي عبدالرازق الشهير "الإسلام وأصول الحكم"، والذي ينفي فيه كون الخلافة من الدين. وليس من إمكانية للمجادلة في أن "داعش" هو الأحرص على الإطلاق على حرق هذا الكتاب واستئصاله نهائياً، كون مؤلفه، وهو الشيخ العالم المتدين، ينفي أساس شرعية التنظيم المزعومة، بكونه يحيي الخلافة الإسلامية الضائعة!
بعد كل ذلك، يبقى السؤال الوحيد المحسومة إجابته: مع هكذا أعداء -من مثقفين ومعلمين، وغيرهم من "مدعي" اعتناق العلمانية والدولة المدنية- هل يحتاج تنظيم "داعش" حقاً إلى أصدقاء ومروجين لإرهابه وظلاميته؟!