نملك الإيمان بالحق

ردة الفعل الاسرائيلية على زيارة جلالة الملك عبدالله الثاني إلى رام الله وإعلانه الدعم الكامل لإقامة الدولة الفلسطينية كاملة العضوية، أثارت ردود الفعل العنصرية المتشنّجة. وعاد النائب الصهيوني آريه إلداد إلى مقولته القديمة الجديدة بأن الاردن هو فلسطين،معلنا رأيه الهزيل في الكنيست دونما خجل.اضافة اعلان
إذا لم تستح فاصنع ما شئت، وإذا لم يكن الخجل من ثقافتك، والحياء ليس من موروثك، والضمير ليس موجودا في قاموسك، فإن كل ما تفعله ينضح من إنائك الذي نشأت من مكوناته.
الاسطوانة المشروخة التي عاد لتكرارها دونما رادع، تؤكد أن الحكومة الاسرائيلية ليست رهينة للأحزاب الصهيونية المتطرفة وسكوتها لا يعني إرضاء أو اتقاء شر مثل هذا النائب، وإنما يعني حرفيا أنها شريكة وضالعة في اللعبة التي يمارسها إلداد وأمثاله. إنها سياسة مرسومة وسيناريو متفق عليه بين الأجنحة المختلفة في الكيان الصهيوني، لا فرق بين ليكودي متعصب أو يساري من حزب العمل أو وسطي من كاديما؛ فالاستراتيجية واحدة ثابتة، واللاعبون يقومون بأدوارهم وفق رؤيتهم الموحدة لمستقبل المنطقة.
نسي الداد القادم من أصقاع اوروبا، والذي يعيش مغتصبا أرض غيره، أن الاردن وطن قائم،يمتلك هوية قومية، وسيادة وطنية شرعية، وأبناؤه من مختلف المنابت والأصول يقفون بأقدام ثابته على أرضه مستعدين للدفاع عنه في وجه هذه الشراذم حتى آخر جنين في رحم أمه،ولا يمكن لآريه إلداد ومن جاؤوا معه أو قبله أو بعده أن يمسوا هوية الأردن القومية او يطأوا أرضه تحت أي وهم يتخيلونه.
نسي آريه الداد، ونسي المغتصبون العنصريون من أمثاله أن القوة العسكرية التي يملكها الكيان الصهيوني، والدعم اللامحدود من الصليبيين الجدد في البيت الأبيض والكونجرس، لا يمكن لها ان تفرض أوهامه وتحولها إلى واقع كما يحلم، فهم لا يملكون الحق الذي نملكه، والإيمان بالحق والاستعداد المطلق للدفاع عنه بكل الوسائل. لقد خرج الصليبيون من بلادنا بعد مئة عام من استيلائهم على القدس، والتاريخ يعيد نفسه ولو بعد حين.
الأردن هو الأردن، وفلسطين لأصحابها، وعظام الموتى الفلسطينيين ستخرج من قبورها لتتحول إلى سهام تنغرس في صدور الطامعين بالأردن، كما روت دماءُ الأردنيين تراب فلسطين على مر الزمن.
إن محاولة إلداد وأمثاله ترحيل الأزمات الداخلية التي لا بد أن تنفجر يوما داخل الكيان الهجين، أو حل المشكلة الفلسطينية على حساب المحيط المجاور، والهروب من الاستحقاقات الدولية، لن تنجح أمام إيمان الأردني بقوة بنائه الداخلي، ولحمة مجتمعه التي لن يمسها مليون الداد، ومن يقفون خلفه.
الأزمة التي يعيشها الكيان الصهيوني داخليا، لا بد أن تطفو على السطح، والتأييد الأعمى الذي يلقاه من الخارج، تعصبا أو طمعا في أصوات الناخبين اليهود لن يستمر طويلا، والاصوات التي تظهر خافتة في الولايات المتحدة تعترض على الدعم الأميركي غير المحدود لإسرائيل، في الوقت الذي تعاني فيه أميركا من أزمة مالية خانقة، ويعاني دافع الضرائب من الغلاء والبطالة وسوء الحال، لا بد أن تعلو في يوم، وما قالته الصحفية الأميركية المخضرمة هيلين توماس أن حل المشكلة الفلسطينية يجب أن يكون بعودة اليهود إلى البلاد التي قدموا منها، وعودة الفلسطينيين إلى ديارهم، يوحي بأن هناك من سيبدأ الصراخ في وجه إلداد وأمثاله.

[email protected]