ننتظر ميدالية أولمبية.. من نوع آخر

المشكلة أننا على عكس ما تفترض مقتضيات الحياة الطبيعية، كلما نُمعن بالتفاؤل نتلقى مزيداً من الصدمات، لسان حالنا.. تفاءلوا بالخير تعدموه، وأُس بلائنا الإفراط بالأمل دون التسلح بالتحضير الجيد والتحصن بما يضمن لنا أقلهُ.. النجاح.اضافة اعلان
ثمة مشاعر متضاربة تتجاذبك حينما تتناول ما جرى، في بلفاست بناءً على اتهامات موثقة من قبل محكمة ايرلندية بحق ثلاثة من أعضاء بعثتنا الباراولمبية اثناء معسكر تدريب قبيل أُولمبياد لندن، اساء فيما اساء..للأردن وللعرب ولذوي الإعاقة، ومنهم قصص نجاح تقاوم كل ظروف الإعاقة وصعوبات الحياة، واساء ايضاً للحركة الاولمبية العالمية التي تقوم اساساً على مبادئ التنافس الرياضي الشريف والتواصل الإنساني المحترم، كما انه اساء لمعنويات الفريق الأردني وهو على ابواب منافسات الاولمبياد.
في كل ما تناولته الصحافة الأردنية والعالمية حول أزمة اللاعبين الثلاثة، لا يمكن ان تستوقفك الا الرواية المحلية الفريدة التي وُضعت على عجل من قبل البعض للرد على الاتهامات وكأننا نستمع لذات الاسطوانة (المشروخة)، التي لا ترى سوى "مؤامرات خارجية تستهدف استبعاد الإنجاز الأردني القادم بقوة.. وتعمل بالخفاء للتخلص من العملاق الأردني القادم للاستحواذ على الميداليات بكل الوانها".
مَن ذلكَ الذي يحلمُ بنا في عتمة لا يدرك كم هي عميقة وحالكة الا نحن..؟ ومَن تلك الادمغة التي تُحيك المؤامرات استهدافاً لنجاحنا، وترتعد أمام انجازاتنا الباهرة..؟ نحن فقط من يتآمر على نجاحٍ كان يمكنُ أن يرى النور لولانا.. نحن!؟
ما حصل في ايرلندا، انقضى ولم يتبق من الأمر الا نفوس مكسورة حَفرت في الصخر لتطلق أحلامها ميداليةً وعلماً يرفرف ودموع، وصورة تُغلقُ دوائر مفتوحة، بقي بعد الحدث أيضاً خجلٌ وصورٌ مشوهة وستبقى كذلك.. طويلاً وبقي أيضاً كثير من المكابرة وبعض ردود جاهزة لأي طارئ.
منذ أعوام ونحن نتساءل، لمَ نواصل إمعاننا في الحديث عن الإنجاز الرياضي المُفرط بالتفاؤل (من غير مناسبة)، فنضع التقديرات ونتأمل بالميداليات ونُطلق الأوصاف والتصريحات، ونقلب الدنيا رأساً على عقب وتصبح قضيتنا الأولى، بماذا سنعود من ألقاب وميداليات، ثم نعود.. خاليي الوفاض والنفس، نتلقى بضع صفعات تتعلق بالإخفاق، ثم نتذكر أننا لم نُجهز أنفسنا جيداً قبل أن يبدأ الفيلم.
حافظنا على نظريتنا التاريخية، "المشاركة من أجل المشاركة لا من أجل الفوز" مثل عيوننا، ورحنا نطبقها في وجداننا حتى وأن حلمنا عكس ذلك..!!
لم ندرك أن تجهيز لاعب يمكن ان يحقق ميدالية ذهبية اولمبية يكلف حسب دراسات عالمية دقيقة، مليون دولار تجهيزاً وإعداداً، ولم ندرك أن ذلك يمكن أن تعوضه مسيرةٌ جادة من التدريب والإعداد المتكامل ومؤسسات الدولة الداعمة والقطاع الخاص المتعاون، والشعب المتفائل بواقعية والإعلام الذي يحاسب بشفافية.. والرياضي المدجج بالأخلاق وحب البلد.
عندما كنا نحصد ميداليات في بعض الرياضات. كانت تلك، غير منضوية تحت الألعاب الاولمبية الرسمية، وعندما دخلت رسمياً، لم نعد نحصد أي ميداليات، انتظرنا ميدالية رسمية منذ سنين.. فجاء رياضيو الوفد البارالمبي من ايرلندا بميدالية من نوع آخر.