نهاية مشرفة لقضية اللبدي ومرعي

بعد تسعين يوما من الاعتقال الإداري في سجون المحتل الإسرائيلي تعود هبة اللبدي وعبد الرحمن مرعي لحضن الوطن. كان ملف الاعتقال شائكا إلى حد كبير، وفي حالات نادرة نجح المحامون الفلسطينيون في تجنيب المعتقلين على ذمة التحقيق في إسرائيل من التوقيف لفترات طويلة، تمتد في معظم الأحيان لسنوات دون محاكمة.اضافة اعلان
المقاربة القانونية والجهود التي بذلها محامو اللبدي ومرعي، على أهميتها لم تكن هي مفتاح الفرج في القضية. المحامون أنفسهم أقروا بذلك. الجهود الدبلوماسية والأمنية التي بذلتها وزارة الخارجية والدوائر الأمنية المختصة في الأردن وبتوجيهات ومتابعة مباشرة من جلالة الملك عبدالله الثاني هي التي أفضت للإفراج عن الأسيرين الأردنيين.
كان ثمة من يشكك علنا بقدرة الأردن الرسمي على استعادة اللبدي ومرعي، غير أن تيار المشككين هذا لم يلتف أو انه لم يرغب بأن يلتفت، إلى النهج الذي يتبعه الأردن في العلاقة مع إسرائيل منذ فترة ليست بالقصيرة. نهج يقوم على المعاملة الندية الكاملة، وإعلاء المصلحة الأردنية فوق كل اعتبار. تجلى ذلك بوضوح في موقف الأردن من اتفاقية الباقورة والغمر، ومعالجة ملف مقتل المواطنين الأردنيين في حرم السفارة الإسرائيلية في عمان، والتعامل أخيرا مع قضية الإسرائيلي الذي تسلل بطريقة غير شرعية للأراضي الأردنية ويخضع حاليا للتحقيق تمهيدا لمثوله أمام القضاء.
كان الاعتقاد السائد ان الأردن سيفرج على الفور عن الإسرائيلي في حال وافقت إسرائيل على الإفراج عن الأسيرين الأردنيين، لكن الجانب الأردني رفض ذلك وتمسك بحقه القانوني.
الاتصالات على مدار الأسابيع الماضية شهدت مناقشات حامية بين الطرفين، ظل الجانب الأردني خلالها متمسكا بموقفه الرافض لتوقيفهما وللادعاءات الإسرائيلية التي تفتقر للدليل، في وقت واظب فيه الدبلوماسيون الأردنيون على التواصل الدائم مع اللبدي ومرعي في المعتقل، والمتابعة الصحية الدقيقة لحالة هبة التي أعلنت إضرابا مفتوحا عن الطعام، عرض حياتها للخطر. وكان هذا بمثابة محك حقيقي حذر الأردن إسرائيل من تداعياته الخطيرة في حال تعرضت الشابة الأردنية لأي مكروه.
العزيمة السياسية الأردنية منحت عائلتي اللبدي ومرعي الثقة بجدية الدولة في حماية حقوق ابنيهما وضمان عودتهما سالمين، وبدا ذلك واضحا في تصريحاتهما لوسائل الإعلام.
عندما كنا نسأل المسؤولين عن مدى الثقة بقدرتهم على وضع نهاية للقضية، نسمع منهم دائما تأكيدا قاطعا لا يقبل الشك وقناعة كاملة بأن اللبدي ومرعي سيعودان لبلدهما قريبا ومهما كلف الأمر. وعندما قررت الحكومة ممثلة بوزارة الخارجية استدعاء السفير الأردني في تل أبيب احتجاجا على المماطلة الإسرائيلية، أيقنا بأن الدولة الأردنية مستعدة للخيارات كافة من أجل استعادتهما، لكن في نفس الوقت ساد شعور من أن التعنت الإسرائيلي بلغ حده وان فرصة الإفراج عن الشابين ضئيلة.
الإثنين الماضي كان يوما حاسما في القضية فقد شهد اجتماعا مهما جمع وزير الخارجية أيمن الصفدي ومستشار الأمن القومي الإسرائيلي امتد لساعات، ولم يخرج الصفدي من الاجتماع إلا بعد أن انتزع قرارا بالإفراج عن الأسيرين.
طوى الأردن ملف القضية، بالتزامن مع قرب الاحتفال ببسط السيادة الأردنية الكاملة على الباقورة والغمر. حدثان مفصليان في العلاقة مع إسرائيل، يفرضان الحاجة ليقظة دائمة عند كل مقاربة للعلاقة الأردنية الإسرائيلية المليئة بالمطبات والمفاجآت. الحذر واجب.