نيجيريا: "الخلافة" الأخرى

مقاتلون يعتقد أنهم من حركة "بوكو حرام" النيجيرية - (أرشيفية)
مقاتلون يعتقد أنهم من حركة "بوكو حرام" النيجيرية - (أرشيفية)

تقرير خاص – (الإيكونوميست) 6/8/2014

ترجمة: علاء الدين أبو زينة

من عصابة متشرذمة من المقاتلين، والتي كانت تشن الغارات وتقوم بإحداث تفجيرات متفرقة من مخابئها، أصبحت جماعة بوكو حرام الجهادية النيجيرية تتطور بسرعة كبيرة لتصبح قوة قادرة على الاستيلاء على الأراضي والاحتفاظ بها. وفي الهجمات التي شنتها في الأول من أيلول (سبتمبر) الحالي، تمكن مقاتلوها من اجتياح باما؛ ثاني أكبر مدن ولاية بورنو النيجيرية.اضافة اعلان
مسلحين بقاذفات الصواريخ والعربات المدرعة المسروقة من الجيش النيجيري المحبط ومنهار المعنويات، تمكن مقاتلو بوكو حرام (يعني اسمها بترجمة فضفاضة "التعليم الغربي حرام") من الانتقال إلى الخروج من مخابئهم التي أنشأوها في غابة سامبيسا وجبال مندرة. واستطاعت الحركة في الأسابيع الأخيرة الاستيلاء على عدة بلدات قريبة من الحدود الكاميرونية، من بينها جوزا، وغامبورو نغالا وبنكي.
الآن، أصبح من الممكن أن يوفر الاستيلاء على باما منصة إطلاق لشن هجوم على أجزاء من مايدوجوري، عاصمة الولاية، التي تبعد حوالي 65 كيلومتراً (40 ميلاً)، والتي يبلغ عدد سكانها أكثر من مليون نسمة. وكانت هذه المدينة مهد التمرد. وتشكل المنطقتان اللتان استولت عليهما المجموعة في الأسابيع الأخيرة هلالاً استراتيجياً حول المدينة. وقد دمرت جماعة بوكو حرام سلسلة من الجسور، بما في ذلك العديد منها على مقربة من مايدوجوري، في محاولة لإحباط إمكانية وصول الجيش وعزل أجزاء من الولاية.
يؤشر الاسيتلاء على الأراضي على تحول عن تكتيكات الكر والفر التي كانت تستخدمها مجموعة بوكو حرام. وربما يكون ذلك تمشياً مع التصريحات التي أدلى بها أخيراً زعيمها المتشدد، أبو بكر شيخو، والتي قال فيها إن أجزاء من ولاية بورنو هي "أراض إسلامية" في ما يبدو تقليداً لخطاب الخلافة التي أعلنها تنظيم "الدولة الإسلامية في أجزاء من العراق وسورية". وقد رفعت بوكو حرام الأعلام على البلدات التي غزتها، مما أجبر السكان المتبقين فيها على اتباع نسختها الصارمة من الشريعة أو التعرض للقتل.
يمكن أن تتسبب أي مكاسب إقليمية أخرى تحرزها المجموعة في المزيد من مفاقمة الوضع الإنساني المتردي أصلاً. وكان الآلاف من اللاجئين قد سعوا إلى البحث عن ملاذ في مايدوجوري، وتعتقد الأمم المتحدة أن 9.000 شخص هاربين من العنف قد وصلوا إلى الكاميرون في الأيام العشرة الماضية، مع عبور 2.000 آخرين إلى النيجر، الدولة الصحراوية التي ترزح أصلاً تحت ضغط استيعاب نحو 50.000 لاجئ منذ أيار (مايو) 2013.
ليس لدى قوات الأمن النيجيرية سوى فرص ضئيلة لدحر التمرد. ويقال إن الجنود الحكوميين فروا من باما، كما كانوا قد فعلوا في هجمات سابقة شنت على المدن الأخرى؛ كما هربت كتيبة كاملة منهم إلى الكاميرون في الشهر الماضي. وادعى الجيش النيجيري أنه صد الهجوم على باما، ثم قام بتمديد حظر التجول في مايدوجوري. وقد أشار تقرير صدر مؤخراً عن مؤسسة تشاتام هاوس؛ المؤسسة الفكرية التي تتخذ من لندن مقراً لها، إلى أن الجنود في شمال شرق البلاد يعانون من سوء المعدات وانخفاض الروح المعنوية والفرار والتمرد. ورغم الزيادة الكبيرة في الإنفاق الحكومي على الجيش، فإن القليل من هذه الهبات وجدت طريقها إلى الخطوط الأمامية: العديد من القوات التي تقاتل ضد بوكو حرام جرى الدفع بها إلى هناك في وقت متأخر، أو أنه لم يتم الدفع بها على الإطلاق في بعض الأحيان.
كما أن هناك دعوة إلى التغيير في التكتيكات أيضاً. ويؤكد التقرير أن الجيش يحتاج قبل كل شيء إلى أن يقوم بحماية المدنيين. وكان قبل أكثر قليلاً من عام مضى حين أدلى الرئيس النيجيري، جودلاك جوناثان، الذي من المتوقع أن يرشح نفسه لإعادة انتخابه في شهر شباط (فبراير)، باعتراف محرج نوعاً ما عندما قال إن أجزاء من ولاية بورنو لم تعد تحت سيطرة الحكومة. لكن وعد السيد جوناثان بإنهاء "التهديد الخطير لوحدة الوطن والتراب" يبدو فارغاً على نحو متزايد. إن الأوضاع في شمال شرق نيجيريا تتدهور، والجنود ينشقون وهناك مجموعة إرهابية تكسب الزخم.

*نشر هذا التقرير تحت عنوان:
 Nigeria’s jihadists: The other caliphate

[email protected]

alaeddin1963@