نيلسون مانديلا

الزعيم التاريخي لجنوب أفريقيا، نيسلون مانديلا (94 عاما) في وضع طبي حرج. وفي الوقت الذي يبذل فيه الأطباء جهودا جبارة لإنقاذ حياته، نجد ملايين البشر من مواطنيه الجنوب أفريقيين، وفي كل العالم، يلهجون بالدعاء لمانديلا بالشفاء. اضافة اعلان
فهذا المناضل التاريخي ضد الفصل العنصري في جنوب أفريقيا، قضى من حياته 27 عاما في السجن، رافضا أن يتنازل قيد أنملة عن مواقفه الوطنية، متحملا سنوات السجن ببطولة وبتضحية كبيرة.
وحافظ مانديلا بعد خروجه من السجن على إخلاصه ومبادئه؛ فرفض أن يستمر أكثر من دورة واحدة رئيسا لدولة جنوب أفريقيا (1994-1999)، وكان بإمكانه البقاء حتى الآن في الحكم، لشخصيته القوية، ولمحبة الناس بالدرجة الأولى. ولكنه فضل التقاعد، وإتاحة الفرصة للآخرين للوصول إلى مقعد الرئاسة.
لقد استطاع هذا المناضل، بفضل إخلاصه وتضحيته، وحبه لشعبه وللحق والعدالة والديمقراطية، كسب محبة ملايين الناس في كل العالم. فنادرا جدا أن يتنازل رئيس عن الحكم، مفضلا منح الفرصة للآخرين. ففي التجارب العالمية، هناك تشبث كبير بالحكم، حتى ولو على حساب الشعوب وحياتها ومصيرها. فالكثير من الرؤساء في "دول العالم الثالث"، والذين هم أقل كثيرا من حيث الإمكانات والتجارب ومحبة الناس مقارنة بمانديلا، يرفضون مغادرة الحكم بعد انتهاء مدة ولايتهم، ويبقون على حساب مصلحة البلد والمواطنين.
إن تجربة مانديلا ناصعة البياض؛ فهذا الزعيم المحبوب، والذي كان بإمكانه البقاء الفترة التي يريدها في الحكم، غلّب مصلحة وطنه والمواطنين، وتقاعد.
يا ترى، كم رئيسا يتقاعد وهو في أوج قدراته ومحبة الناس له؟ ما يحدث في بلادنا العربية، وغيرها من "دول العالم الثالث"، يدل على أن الرؤساء لا يتنازلون طواعية، ويبقون في الحكم برغم الرفض الشعبي الواسع لهم ولحكمهم. ومن ثم، تدفع الأوطان أثمانا كبيرة نتيجة رفض الرؤساء مغادرة الكرسي الرئاسي.
نيلسون مانديلا زعيم شعبي عالمي بامتياز؛ فالملايين يصلّون ويدعون له بالشفاء العاجل. وهذه المحبة للرئيس لم تأت من فراغ؛ فهو قبل أن يصبح رئيسا كان مناضلا من أجل وطنه وشعبه، ولخير العالم والديمقراطية. والرئيس عندما أصبح رئيسا لم يتمسك بالرئاسة إلى الأبد.
محبة الناس لمانديلا لا تقتصر على شعبه، وإنما ملايين البشر في كل أنحاء العالم يحبونه ويحترمونه ويقدرونه، ويتمنون له الشفاء. مانديلا تجربة عالمية ناصعة البياض.