هابي فالينتاين!

القلوب السعيدة لن تنتبه كثيرا إلى مرور الرابع عشر من شباط، فهي معتادة على الفرح والسعادة واللقاء. المنكسرة سوف تفتقده. سيكون ثقيلا عليها، وتتمنى مروره بسرعة، وبأقل قدر من الذكريات الأليمة.اضافة اعلان
لا أريد أن أكون سوداوياً في يوم يفترض أن يكون جميلا، ومكللا بالأغنيات. لكن ما نعيشه اليوم يبعد عنا حتى احتمالات أن نضع مثل هذه الذكرى في خيالاتنا، فالبال متخم بصور كثيرة تقبع بكامل ثقلها فوق صدورنا.
قريباً من الحدود الشمالية، يسير نهر طازج من الدم كل نهار، من دون يفكر أحد، جديا، بإيقافه. هناك، يموت الناس من البراميل المتفجرة والطائرات والقناصة، ويموتون من الجوع، كذلك، والذين يريدون أن يتشبثوا بالحياة، يتوجب عليهم أكل الكلاب والقطط والحمير، في حال توفرت.
وراء تلك الحدود تغيب الملامح، ويبهت المشهد، ما جعلنا غير مدركين لما يحدث بالضبط.
في مكان آخر، قريباً من الحدود الشرقية، يموت الناس بالجملة، مستعيدين "ملحمة" رديئة عن "داحس والغبراء". عقد كامل مرّ، وما يزال الموت هناك على الهوية، حين استيقظ الأشقاء ذات صباح على احتلال إمبريالي جعلهم "يكتشفون" أن وئامهم الذي اعتادوه منذ شق النهران طريقهما في شرايينهم، كان خديعة كبرى!
قريباً من الحدود الغربية، تأبى اللغة استيعاب حجم الألم. فالفجيعة والموت يفرضان واقعهما منذ زهاء ثمانين عاماً، من غير أن يمنحا ولو هدنة قصيرة.
ذلك ليس الواقع جميعه؛ ففي لبنان، يستعد المشهد لكي يتأثث بصور عرفناها في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي، حين ثار برميل البارود، واستعاد الناس هناك "طائفية الجميلة". وفي اليمن تتكدس الجثث في الساحات مغدورة بطائرات من دون طيار وقناصة. لكن "الموتى" هناك يتحدثون عن انفصال وشيك يقسم الوطن الى قسمين. مصر التي اعتقدنا أنها ستكون دائماً، الأقدر على الاحتفاظ بهدوئها وشخصيتها. باتت اليوم من دون ملامح، وفيها موت مجاني، ومحاولات شيطنة بين أبناء الدم الواحد.
هكذا يأتي عيد الحب علينا اليوم، والطامة الكبرى أن هناك ساحات أخرى مرشحة للسقوط في أتون العنف والدمار والموت، بسبب نزوعنا الشديد نحو التطرف؛ التطرف في كل شيء.
أيها الأحباء؛ عن أي "فالينتاين" تتحدثون؟!
 لننتشل أرواحنا، أولاً، من الموت المحدق فينا من كل جهة، وبعدها لنفكر بغير ذلك!

 

mwaffaq001@