هجرة العمالة وسوق العمل الأردني

بداية يجب أن نعترف بأن هجرة العمالة من دولة الى أخرى ومن إقليم لآخر تحدث بناء على عوامل العرض والطلب. فهناك دول مصدرة للعمالة الماهرة وغير الماهرة ودول مستقبلة أو مستوردة للعمالة بكافة أشكالها. وينتقل الناس للعمل في الدول الأخرى بسبب توفر فرص اقتصادية أفضل. ويفترض أن تقبل الدولة فئات من العمالة الوافدة بسبب وجود نقص في تلك الفئات من العمالة التي يحتاجها سوق العمل لديها. وتعد الولايات المتحدة الأميركية وروسيا وألمانيا والمملكة العربية السعودية وكندا أكثر خمس دول في العالم من حيث عدد العمالة المهاجرة إليها. حيث يصل عدد المهاجرين في تلك الدول إلى حوالي 50 مليونا، و15 مليونا و14 مليونا و8 ملايين و7 ملايين على التوالي. أما إذا أخذنا نسبة العمالة المهاجرة الى عدد السكان فتأتي دول مجلس التعاون الخليجي على رأس هذه الدول خاصة قطر (86.5 %) والامارات العربية المتحدة (70 %) وتعد العمالة المهاجرة مصدراً رئيسياً للدولة الأم من حيث التحويلات من العملات الأجنبية وعاملاً أساسياً لتنمية الدول المستقبلة لتلك العمالة. فعلى الرغم من اندلاع الأزمة المالية العالمية والأزمات السياسية في مختلف دول العالم، ما تزال الحوالات من العمالة المهاجرة تصل إلى مئات المليارات من الدولارات. ومعظم هذه الحوالات يصل الى عائلات العمالة المهاجرة في الدول النامية. وتشير التوقعات الى أن هذه الحوالات ستستمر بالزيادة لتقترب من ترليون دولار في السنوات القادمة. في حالة الأردن، وصلت حوالات الأردنيين العاملين في الخارج الى حوالي 2.6 مليار دينار العام 2018. حيث يصل عدد الأردنيين المغتربين في الخارج حوالي 800 ألف أردني وهو ما يشكل حوالي 11.4 % من إجمالي عدد المواطنين الأردنيين، أغلبهم موجود في دول الخليج العربي. إن أهم ما يميز العمالة الأردنية العاملة في الخارج أن غالبيتها (75 %) عمالة مؤهلة أكاديمياً وماهرة ومتخصصة، أما أهم ما يميز العمالة الوافدة الموجودة في الأردن أنها عمالة غير ماهرة تتركز في قطاعات الزراعة والانشاءات وعمالة المنازل. السؤال الذي يطرح هو هل فتح الأردن أبوابه للعمالة غير الأردنية لعدم توفر عمالة أردنية شبيهة؟ الإجابة الصريحة على هذا التساؤل هي لا. فأغلب العمالة الأردنية المتعطلة عن العمل وخاصة في فئة الذكور هي التي لا تحمل مؤهلات أكاديمية أعلى من التوجيهي. لذا فإن إحلال هذه العمالة مكان العمالة الوافدة يجب أن يكون أمراً سهلاً، من الناحية النظرية. لكن لماذا يكون الأمر صعباً من الناحية العملية إحلال الأردنيين محل العمالة الوافدة في القطاعات المذكورة ؟ هنالك عدة أسباب تعيق عملية الإحلال وهي عدم ملاءمة بيئة العمل من حيث ساعات العمل وتوفير تأمينات صحية وضمان اجتماعي وخاصة أن هذا النوع من الأعمال هو موسمي. علاوة على صعوبة العمل وعدم وجود آليات لتنظيم سوق العمل في بعض القطاعات وعدم توفر وسائل نقل عام من أماكن السكن إلى مواقع العمل. أما فيما يتعلق بالعائد من هذه الأنواع من الأعمال فأعتقد أنها مجزية. محاولات عديدة بذلت في السابق لإحلال العمالة الأردنية محل العمالة الوافدة، بعضها نجح ومعظمها لم ينجح. الحاجة ماسة لإعادة دراسة الأسباب التي تعيق دمج الأردنيين في القطاعات الاقتصادية التي تشغلها عمالة وافدة وخصوصاً أن ميزات وخصائص العمالة الأردنية المتعطلة عن العمل متشابهة مع خصائص العمالة الوافدة، ومن أهمها دراسة ظروف العمل وتوفير ميزات تستقطب العمالة الأردنية لتلك القطاعات.اضافة اعلان