هذا ليس يسارا

 

يديعوت- غي طؤوب

البروفيسور يهودا شنهاف نشر قبل أيام كتابا بعنوان "في شرك الخط الاخضر". وبمناسبة صدور الكتاب أجرى شنهاف مقابلة صحافية، وقال، ضمن امور اخرى، إنه يوصينا بالتخلي عن تقسيم البلاد لمصلحة حل الدولة الواحدة.

اضافة اعلان

هذا النوع من الحلول معروف: شنهاف ينتمي الى مجموعة مثقفين ما بعد صهاينة، يتباهون بالقاب مثل "اليسار الراديكالي" و"ما بعد الكولونيالية" ويطالبون اليهود بالتخلي عن حقهم في تقرير المصير، باسم الديمقراطية، بالطبع.

كل الموضوع محاط بلغة حقوق الانسان ومسنود بموقف أكثر عمومية يكرر نفسه في الاكاديمية منذ سنين: التعليم ما بعد الكولونيالي. وحسب اصحاب هذا الموقف، فان الغرب هو عدو الديمقراطية اللدود، وكل ضحاياه هم، على الاقل ضمنا، حماة الديمقراطية. هكذا، حسب شنهاف، عندنا ايضا: فقط نلغي الابرتهايد الغربي المسمى اسرائيل وستقوم هنا ديمقراطية رائعة مع اغلبية عربية.

وكي تصمد هذه الفرضية الاساس، يجب أن تكون هناك بكائية لفظية غير صغيرة، واحيانا ذكاء ثقافي. يمكن قول امور كثيرة عن البروفيسور شنهاف، ولكن لا يمكن اتهامه بالذكاء. وعليه فان المقابلة معه تكشف العورة الاخلاقية، وليس فقط الثقافية للمفهوم الذي يدفعه الى الامام.

حسب شنهاف، يجب أن يكون هناك خط مباشر يربط بين 1948 و 1967، وعليه - على حد قول المستوطنين – لا فرق حقيقيا بين إسرائيل داخل الخط الاخضر وإسرائيل خارجه. في نظره، الفارق بين العيش تحت الاحتلال وبين المواطنة في دولة إسرائيل هو على ما يبدو ليس أكثر من طيف. وهناك كراهية كامنة لدى من يحمي المشروع الصهيوني داخل الخط الاخضر في واقع الامر، لانه لا يريد حقا "الانخراط في الرحاب" العربي. الانخراط في الرحاب العربي بهذا المعنى هو خطة لتقدم الديمقراطية. اما إسرائيل، التي هي "فرع لأوروبا" فإن لها رائحة كريهة استعمارية تصل الى مسافات بعيدة. البلدان العربية هي على ما يبدو ديمقراطية نموذجية، اما اسرائيل، حسب شنهاف فتقوم على اساس "قوانين عنصرية وحالة طوارئ مستمرة".

المقال مليء بالادعاءات من قبيل: شنهاف يجد نفسه يتفق مع بني بيغن وينفر من "وطنية" دافيد غروسمان؛ المستوطنون واليمين هم "ليسوا بالضرورة" وطنيين، اما اليسار الصهيوني "ميرتس – العمل – كاديما" فهو وطني بوضوح. ما يمثل جوهر اسرائيل، حسب نظرية شنهاف، هو شعار ليبرمان لا مواطنة من دون ولاء، اما حقيقة أن اسرائيل رفضت مثل هذه الفكرة منذ لحظة وجودها فهي هامشية.

باختصار، من خلال شنهاف انكشفت المناورة الثقافية العقيمة هذه بكامل هشاشتها، وعليه لعله من المجدي ان نسمي الطفل باسمه: شنهاف ليس ما بعد استعماري بل استعماري جديد، وهو ليس قريب من اليسار بل من جورج دبليو بوش وسياسته في العراق. مثل بوش، شنهاف يتجاهل الارادة الحقيقية لـ "لمحليين"، الذين ليسوا راشدين بما فيه الكفاية بعد لتقرير المصير، وبدلا من ذلك سيفرض عليهم ديمقراطية مشتركة على النمط "السليم". ومثل روديارد كبلينغ قبله يعرف افضل ما يعرف المحليون كيف ينبغي لهم أن يقرروا مصيرهم.

واخيرا، ينبغي قول شيء ايضا عن انعدام المسؤولية الاخلاقية لمثل هؤلاء المثقفين الإسرائيليين. يحتمل أن يكون ما يطرحه شنهاف منسجما مع بعض الموضات الاكاديمية في خارج البلاد، وربما تكون الاحاديث عن ثنائية القومية و"الانخراط في الرحاب" العربي جيدة للطرح. ولكن كل ذي عقل يفهم بان حل الدولة الواحدة معناه حرب اهلية كبيرة. كما أن هناك شيئا مقرفا في أن من يحث هذه الفكرة في البلاد هم اساسا اناس اثرياء، ذوو مهن متحركة ودولية، يمكنهم ان ينصرفوا من هنا الى ستانفورد او كامبردج في الوقت الذي لا يكون للكادحين مكان يذهبون اليه – من يهود وعرب – فيغرقوا هنا في نهر من الدم.