هذه توصيات الدول الأعضاء بـ‘‘حقوق الإنسان‘‘ للأردن

المنسق الحكومي لحقوق الإنسان باسل الطراونة- (أرشيفية)
المنسق الحكومي لحقوق الإنسان باسل الطراونة- (أرشيفية)

 هديل غبّون وغادة الشيخ

جنيف– شهدت جلسة مناقشة الاستعراض الدوري الشامل لحقوق الإنسان (UPR) للأردن أمام مجلس حقوق الإنسان أمس، زخما في ما قدمته الدول الأعضاء من توصيات، تمحورت في الدفاع عن الحريات العامة وحقوق الفئات الأكثر عرضة للانتهاك.اضافة اعلان
وأعلن الوفد الرسمي برئاسة المنسق الحكومي لحقوق الإنسان باسل الطراونة، الرد على التوصيات من حيث قبولها لاحقا؛ إذ تعقد لجنة الترويكا الفنية مع الوفد اجتماعها التفاوضي؛ بشأن التوصيات اليوم، وفق تأكيدات سابقة من الوفد، لإعداد التقرير النهائي عن الاستعراض للأردن.
وتتألف الترويكا من فنزويلا وأفغانستان وآيسلندا؛ المنضوية في اللجنة بعد انسحاب الولايات المتحدة الأميركية قبل أشهر.
وبرزت توصيات في مداخلات 98 دولة شاركت بالمناقشة، من بينها 13 دولة عربية، ابرزها: انتقاد قانون الجرائم الإلكترونية والتعديلات المقترحة على القانون، المتعلقة بإضافة خطاب الكراهية، وتقييد حرية استخدام الإنترنت وملاحقة الصحفيين والناشطين بقضايا الرأي، وزواج الأطفال، والادعاء بالتعذيب وسوء المعاملة في أماكن الاحتجاز، وإعادة تفعيل تطبيق عقوبة الاعدام.
كما تكررت توصيات عدة دول، لإلغاء كل أشكال التمييز ضد المرأة، بخاصة في منح الأردنية الجنسية لأبنائها.
وأوصت دول، بعدم تطبيق الأردن لـ"مبدأ الطرد القسري" للاجئين السوريين، فيما أشادت دول أخرى بتحمل الأردن لأعباء اللجوء السوري خلال أعوام.
وحظيت حقوق ذوي الاعاقة ، والعمال المهاجرين، بخاصة عاملات المنازل، والاتجار بالبشر والقيود المفروضة على حرية التعبير والرأي وتشكيل الجمعيات، بحصة لافتة من توصيات الأعضاء، ولم تخل المداخلات من إشادات بكرم المملكة في استضافة اللاجئين السوريين على أراضيها، وإقرار الخطة الوطنية الشاملة لحقوق الإنسان، وإلغاء المادة 308 من قانون العقوبات التي أعادت ملاحقة المغتصب قانونيا، ووصف بأنه تطور للنظام الإداري؛ المتعلق بإنشاء مؤسسات وهيئات معنية بحقوق الإنسان، والإشادة باللجنة الملكية لتطوير القضاء.
وشكلت حقوق الأطفال المهمشين، بخاصة ذوي الاعاقة وصعوبات دمجهم اجتماعيا وتعليميا، وحقوق المرأة والعنف ضدها، بخاصة العنف المنزلي، والتوقيف الإداري للمعرضات للخطر منهن، مصدر قلق لدول عديدة؛ وفقا لمداخلات رصدها فريق "الغد".
وتضمنت توصيات أخرى؛ ضرورة اعتماد نصوص قانونية تجرم التمييز العنصري، والتصديق على اتفاقية العام 1954 المتعلقة بعديمي الجنسية، والتوقيع على البروتوكول الاختياري لاتفاقية مناهضة التعذيب، وعديل المادة 208 من قانون العقوبات حول التعذيب، والنظر في التصديق على البروتوكول الثاني الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، الرامي إلى إلغاء عقوبة الإعدام.
ولم تحظ قضايا البيئة والحقوق الاقتصادية والاجتماعية؛ كالصحة والتعليم باهتمام كبير، وكذلك القضايا المتعلقة بالمشاركة السياسية. 
امتدت المناقشة 3 ساعات ونصف الساعة؛ بعد أن بدأت بكلمة للطراونة، عرض فيها أبرز ما حققته المملكة من انجازات في مجال حقوق الانسان منذ الاستعراض الدوري الشامل الثاني في 2013، بما في ذلك استحداث منصب المنسق الحكومي برئاسة الوزراء.
وأكد أن "الأردن يدرك أنّ التقدم في حالة حقوق الإنسان عامل رئيس في تحقيق الاستقرار وتعزيز الأمن والسلام العالميين، وتجذير إحساس الأفراد والمجتمعات بالمواطنة الحقة".
ولفت الى إيلاء هذا الجانب أهمية خاصة؛ وأفردت له حزمة تشريعاتِ وإجراءات، أضفت على الشعور الجمعي إحساسا بالانتماءِ الحقيقي والعدالة في الوصول إلى الفرصِ والحقوق.
وأكد الطراونة؛ أن آلية الاستعراض، أتاحت للمملكة فرصة لتقييم حالةِ حقوقِ الإنسانِ موضوعياً، للوصولِ إلى حالةٍ مُثلى، برغمِ مما تعانيه المملكةُ، بسببِ التحدياتِ والظروفِ المحيطةِ.
ولفت لأبرز الانجازات في مجال حقوق الانسان، بدءا بإقرار الخطة الوطنية الشاملة لحقوق الانسان 2016-2025؛ ثم اللقاءات الحوارية التشاركية مع المجتمع المدني، وتشكيل فريق التنسيق الحكومي من ضباط الارتباط بالوزرات والمؤسسات المعنية بحقوق الانسان، وتشكيل لجنة وزارية عليا مؤخرا لمواءمة التشريعات الوطنية مع الاتفاقيات الدولية، وإطلاق المنصة الإلكترونية الحكومية لتلقي الشكاوى، وإجراء الأردن للانتخابات النيابية في 2016 بمشاركة من أتم السابعة عشرة، إذ شهدت نسبةُ تمثيل المرأةِ ارتفاعا في البرلمان الثامن عشر لتصل الى 15.4 % في حين كانت 10.6 %  في المجلس السابق لعام 2012.
وأشار الطراونة لإجراء الانتخابات البلدية واللامركزية العام الماضي، بهدف تطبيق نهج اللامركزيةِ.
وفي إطار تعزيز منظومة النزاهة وتكثيف جهود الرقابة وتوحيدها، أشار الى دمج "هيئة مكافحة الفساد" و"ديوان المظالم" في "هيئة النزاهة ومكافحة الفساد"، وصدرت بقانون خاص، يُعد خطوة إصلاحية لتوحيد المرجعيات في مكافحة الفساد والتحقيق في الشكاوى والتظلمات وتعزيز منظومةِ النزاهة، بالاضافة لتشكيلُ اللجنة الملكية لتطوير الجهاز القضائي وتعزيز سيادة القانون.
وتشريعيا، تطرق لتعديلات قانون أصول المحاكمات الجزائية، وأصول المحاكمات الشرعية، والنظام الخاص بصندوق تسليف النفقة، وتشكيل لجنة حكومية متخصصة لمراجعة قانون منع الاتجار بالبشر.
وأكد الطراونة أن الحكومة تراجع تشريعات ذات صلة بمنظومةِ حقوق الإنسان، وتمر حاليا بالمراحل الدستورية والتشريعيةِ لإصدارها، كقوانين: النزاهة ومكافحة الفساد، وضمان الحق في الحصول على المعلومة، والكسب غير المشروع، ما يعزز مناخ النزاهة ومنظومةِ حقوقِ الإنسان.
كما لفت الى تشكيل مجلسُ الوزراء "لجنة وزارية لتمكين المرأة" في الحياةِ العامة والسياسية، ولتبني الحكومة خطة التنمية المستدامة لعام 2030، تأكيدا على التزامِها بإدماج النوع الاجتماعي في عملها، منوها بتحديثَ الاستراتيجية الوطنية للمرأة 2013-2017 للفترة 2020-2030.
وبشأن الطفولة؛ أشار الطراونة الى قانون الحماية من العنف الأسري رقم 15 العام الماضي، وبنوده الإصلاحية للحفاظِ على كيان الأسرة، وتوفير الخدمات الشرطية والقضائية والاجتماعية والصحية والإيوائية لضحايا العنف الأسري من النساء والأطفال، وتطرق لدار إيواء النساء المعنفات المستحدثة العام 2016، ولحقوق ذوي الاعاقة وتخصيص محاكم خاصة للأحداث.
ودافع عن السياسات الرسمية في تعزيز حرية الصحافة واستخدام الانترنت، وتعديل مشروع قانون حق الحصول على المعلومة الذي يخفض مدة الحصول عليها من شهر إلى 15 يوما.
وعن البيئة الاحتجازية أشار لإعادة تأهيل أماكن الاحتجاز المؤقت، وتحسين نوعية الخدمات المقدمة للمحتجزين والإجراءات الأولية في التعامل مع الأشخاص المحتجزين من حيث إبلاغهم بحقوقهم، وبما سيتم من إجراءات أثناء وجودهم قيد الاحتجاز.
أما التوصيات، فتضمنت؛ دعوة الأردن لرفع التحفظات على المادة 9 من اتفاقية (سيداو)، وإحالة جرائم التعذيب للمحاكم المدنية المستقلة بدلا من المحاكم الشرطية، ومنح المرأة حقوقها كاملة، وبذل جهود مضاعفة لحماية النساء والفتيات من العنف والتمييز، وضمان ممارسة حقوقهن الجنسانية والانجابية.
كما أوصى بالموافقة على الصكوك الدولية التي ما يزال الأردن غير مصادق عليها، وإلغاء المحاكم الخاصة، وعدم محاكمة مدنيين أمامها.
الوفد الرسمي؛ أكد أن قضايا محكمة أمن الدولة؛ حصرت النظر في الجرائم في 4 قضايا هي: الإرهاب، وفقا لما قاله المدعي العام العسكري القاضي علاء بني فواز.
وعن أبناء الأردنيات، قال بني فواز؛ إن مجلس الوزراء أصدر قرارا يتضمن منحهم تسهيلات ومزايا تتعلق بالحصول على التعليم والصحة والعمل والاعفاء من غرامات الاقامة ورخص القيادة والحصول على بطاقات تعريفية، واستثناءهم من إقامة الأم في الاردن لخمس سنوات متواصلة.
ومن ابرز التوصيات في حرية الرأي والتعبير والصحافة، تشكيل لجنة خبراء مستقلين للنظر في التعديلات على التشريعات ذات الصلة بالاعلام، ومراجعة خطاب الكراهية، وتمكين الوصول غير المحدود للانترنت، دون انتهاك لحرية التعبير أو الحق في الخصوصية، ووإيقاف عمليات احتجاز الصحفيين والكتاب ومحرري المواقع، بناء على اتهامات تتعلق بحرية التعبير.
كما أوصى بتعزيز استقلال السلطة القضائية، والمصادقة على اتفاقية العمال المهاحرين، وتعزيز عقوبة الاتجار بالبشر.
وأتاح المنسق الوطني لأعضاء من الوفد المؤلف من 13 عضوا، بالتعليق على المداخلات، بينها تعقيب ممثل مديرية الأمن العام المقدم سامح الهدبان، حول توصيات دول بمنع التعذيب، مبينا ان تعريف التعذيب متوافق مع اتفاقية مناهضة التعذيب، وأنه لايؤخذ بالأسباب المخففة في هذه القضايا، مشيرا لإصدار مدونة سلوك متعلقة بإجراءات توقيف الافراد في أماكن الاحتجاز، وفقا للمعايير الدولية، مؤكدا أن تعذيب الاشخاص المحتجزين، من الممارسات الممنوعة في القوانين الأردنية.
وتمحورت توصيات دول حول منع "استغلال الأطفال" في التشغيل، بخاصة اللاجئين منهم، فقالت ممثلة وزارة العمل غدير عطية إن الوزارة اتخذت إجراءات عديدة لحمايتهم بينها حملات التفتيش في أماكن العمل. مبينة عدم تدخل وزارة العمل بعمل النقابات العمالية.
زيد الطلافيح من وزارة العدل قال إن قانون العقوبات عدل مرارا بخصوص العقوبات البديلة المجتمعية، وتسمية ضباط ارتباط لها حاصلين على شهادة في القانون.
ورأى مدير مكتب الشرق الاوسط وشمال إفريقيا في مفوضية حقوق الإنسان بالأمم المتحدة محمد علي النسور، إن هذه الدورة من المراجعة الدورية؛ تميزت بمشاركة واسعة من الوفد الحكومي والمجتمع المدني، والاعلاميين في جنيف، لافتا للانطباعات الإيجابية من سكرتاريا الأمم المتحدة والمفضوية والدول الاعضاء المشاركة.
وأكد ملاحظة الأمم المتحدة، المتعلقة بالاهتمام الواسع أردنيا بالاستعراض، منوها بأن الأهم؛ المضي قدما بتنفيذ التوصيات التي وجهت للأردن في الدورة، وموضحا أن هناك اجتماعا أمميا مع الوفد الرسمي ولجنة الترويكا لمناقشة التوصيات وآفاق تنفيذها.
ومن المقرر أن تقدم "الترويكا" تقريرها النهائي عن مناقشة الأردن للاستعراض في 13 الشهر الحالي.
مشاركون من منظمات المجتمع المدني، راوا أن توصيات الدول الأعضاء جاءت "شاملة ومحددة"، بخاصة المتعلقة بالحريات العامة والشخصية، وفق الناطق الإعلامي باسم التحالف المدني الأردني أحمد عوض الذي قال لـ"الغد" إن مداخلات الدول الأعضاء وتوصياتها المكثفة والمحددة؛ كانت "شبه شاملة"، وتطرقت لأغلبية القضايا، برغم أن الحقوق الاقتصادية والاجتماعية لم تحظ بالاهتمام المأمول، وتاتي في آخر اهتمام المنظومة الاقتصادية العالمية الليبرالية.
ورأى عوض أن توصيات الصحة والتعليم "خجولة"، وهي "بالمجمل شبه شاملة؛ والفجوات التي كنا نتحدث فيها مع الحكومة ما تزال قائمة، وكان يجب ردمها في الشهور الماضية، وبرغم تغيير الحكومة، فما يزال التضييق مستمرا على حرية الرأي والتعبير والتجمع، والدول المستقلة القوية في الأمم المتحدة، قدمت توصيات محددة قوية وواضحة، خاصة الدول الأوروبية".
الوفد الرسمي عبر رئيسة البعثة الأردنية في جنيف السفيرة سجى المجالي، أعلن ان الأردن سيرد على ملاحظات وتوصيات الدول التي وجهت للأردن في وقت لاحق، فيما رجحت مصادر أن يعلن عن ذلك في آذار (مارس) العام المقبل.