هكذا تبدأ الحرب

هآرتس

بقلم: تسفي برئيل

اضافة اعلان

4/8/2021

في شهر كانون الثاني 2010 أوقف اشخاص مجهولون دراجة مفخخة قرب سيارة عالم الذرة الايراني مسعود علي محمد. الدراجة انفجرت والعالِم قُتل. هذه كانت التصفية الاولى المعروفة والتي استهلت سلسلة تصفيات شخصية نسبت للموساد. بعد ذلك حدث في تشرين الاول 2010 انفجار في قاعدة حرس الثورة الايراني في خورام اباد، الذي قتل فيه 18 جنديا ايرانيا. وفي تشرين الثاني تم وضع عبوة ناسفة في سيارة علماء الذرة الايرانيين، حيث قتل احدهما والآخر اصيب باصابة بالغة.
منذ ذلك الحين سجلت مئات عمليات الاغتيال والانفجارات والتخريب في منشآت نووية وهجمات سايبر على محطات الكهرباء والقطارات، وبالطبع قصف جوي لقواعد ومنشآت ايرانية في سورية، التي جميعها نسبت لاسرائيل. وباستثناء ردود منعزلة، ادارت ايران الحرب ضد اسرائيل بواسطة مبعوثيها، الاهم منهم هو حزب الله. الهجوم الذي نفذته ايران ضد سفينة بملكية اسرائيل في شهر نيسان والهجوم في بداية شهر تموز والهجوم في يوم الخميس الماضي على سفينة "ميرسر ستريت" في خليج عُمان، جميعها تشير الى تغيير استراتيجي جوهري، حرب مباشرة ضد اهداف اسرائيلية.
هذا لا يعتبر تغييرا مفاجئا. فهو يأتي بعد سلسلة طويلة من الهجمات التي نسبت لاسرائيل والتي نفذت منذ نيسان الماضي، منها المس بسفينة استخبارية ايرانية في البحر الاحمر والتخريب في منشأة نتناز، الذي في اعقابه تم اطلاق الصواريخ على سفينة بملكية اسرائيل قرب امارة الفجيرة، والانفجار في مصنع البتروكيماويات في جنوب ايران، والتخريب في محطة الطاقة للمفاعل النووي في بوشهر، والاضرار الشديد بالمنشأة التابعة للهيئة الايرانية للطاقة الذرية، والحريق الكبير في منشأة قرب مدينة كراج، التي يتم فيها انتاج اجهزة الطرد المركزي، حسب الادعاء.
الآن وزير الدفاع، بني غانتس، يهدد بأن اسرائيل ستحاسب من يمس بها وكأن الحساب العنيف يبدأ مع الضربة الاخيرة، بغض النظر عن اللكمات التي ألحقتها اسرائيل بايران.
اسرائيل تنظر الى ايران بنفس الطريقة التي تنظر فيها لسورية ولبنان أو الضفة الغربية وغزة. في نظرها هذه مناطق سائبة حيث يسمح لها بالتصرف فيها كما تشاء، ويجب على الطرف الآخر أن يمتص الضربات ويصمت.
الكذبة هي أن الحوار العنيف الذي تخوضه اسرائيل مع ايران هو معركة بين حربين، "أنت فيها في الواقع تحاول تأجيل الحرب نفسها بقدر الامكان"، كما وصف ذلك القائد السابق لقسم العمليات الخاصة. ولكن ماذا لو كانت هذه المعركة بين حربين هي بحد ذاتها حرب، أو يمكنها أن تجر اسرائيل الى حرب؟ ماذا لو أدت الى تآكل أو حتى تقويض علاقات اسرائيل مع الدول الصديقة الاخرى؟
عندما تنتقل ايران الى هجمات مباشرة ضد اهداف اسرائيلية ردا على عمليات قتالية اسرائيلية فان هذا لا يعتبر معركة اخرى بين حربين، بل هذه بداية حرب. لأن الطريقة التي تدير فيها اسرائيل الصراع امام ايران، سواء في الساحة النووية أو ضد مبعوثيها في لبنان وفي سورية، تشعل الامكانية الكامنة للحرب وتزيد استعداد ايران للرد وتخلق تهديدا على اسرائيل بدلا من تبديده، هذا في الوقت الذي لا يوجد فيه أي تأكيد على أن الجيش الاسرائيلي والجمهور في اسرائيل مستعدون لمواجهة حرب كهذه.
نفس هذه المعركة بين حربين، التي تبهر العيون وكأنها قصة نجاح، لم تنجح حتى الآن في احباط التهديد النووي الايراني. فهي لم تدمر ولن تستطيع أن تدمر المعارف الواسعة التي راكمتها ايران أو اليورانيوم المخصب أو الدافعية لتطوير السلاح النووي. الاحتمالية الوحيدة الموجودة في هذه الاثناء لمنع تهديد ايران هي استئناف الاتفاق النووي الاصلي، الذي تسعى اليه الولايات المتحدة والدول التي وقعت عليه.
الدعم والتفهم الذي حصلت عليه اسرائيل من الولايات المتحدة وبريطانيا بعد مهاجمة "ميرسر ستريت" لا يجب أن يخدع. اسرائيل لم تحصل منها على رخصة لمواصلة حربها هذه. لأن نفس الزعماء الذين يدينون الآن ايران ليس بالضرورة سيقفون الى جانب اسرائيل اذا قوضت بردها فرص الاتفاق النووي.