هل ترضخ قطر؟

بعد مرور ثلاثة أيام على بدء سريان العقوبات الخليجية على قطر، لم يصدر من الدوحة أي إشارة تفيد بنيتها الرضوخ للشروط مقابل رفع الحصار عنها.
لقد توسعت دائرة العزلة حول قطر بانضمام دول جديدة لقائمة المقاطعين، كما أن الوساطة الكويتية توقفت عند هذا الحد، ولم يصدر بعد زيارة أمير الكويت لجدة ما يشير إلى نجاحها في احتواء الأزمة المتصاعدة.اضافة اعلان
لكن على الجانب الآخر، وجدت قطر من يناصرها في الإقليم والعالم. إيران أعلنت مبكرا استعدادها لمد يد المساعدة، وفتحت أجواءها أمام رحلات الطيران إلى الدوحة، وبادرت إلى عرض تأمين احتياجات قطر من السلع الأساسية. تركيا اختارت ايضا الوقوف إلى جانب قطر، وفي الأنباء المتداولة أمس ما يفيد بوجود مباحثات قطرية تركية مكثفة لتأمين احتياجات قطر من المواد الغذائية جوا.
أوروبيا سارعت ألمانيا إلى إعلان موقفها إلى جانب قطر، وحمّلت إدارة ترامب المسؤولية عن الأزمة في البيت الخليجي. فرنسا ليست بعيدة عن هذا الموقف، وربما بريطانيا.
الدول الأوروبية عموما ترتبط بشبكة مصالح اقتصادية ضخمة مع الدوحة، ولن تتخلى عنها بسهولة. ومن غير المرجح أن تسمح روسيا أو الصين بصدور قرار أممي ضد قطر في مجلس الأمن.
الاصطفافات حيال الأزمة الخارجية في طور التشكل إقليميا ودوليا، وتبعا للمصالح والحسابات الخاصة بكل دولة. بمعنى آخر المنطقة العربية تمنح القوى الإقليمية والدولية أزمة جديدة تحولها لفرص واعدة، لاستثمارها لحسابها كما هو الحال مع أزماتنا المشتعلة في عديد الأقطار العربية.
واستنادا إلى خريطة التحالفات المتشكلة حتى اللحظة، هناك فرصة حقيقية لقطر للمناورة أطول فترة ممكنة، لا بل والتعايش مع القطيعة الخليجية، بالاعتماد على شبكة تحالفات يجري نسجها يوميا.
وإذا ما استمرت إدارة الأزمة على هذا النحو فإن قطر ستجني مكاسب أكبر في الشارع العربي، خصوصا أن الاتهامات الموجهة لها بدعم حركة حماس وحركة الإخوان المسلمين تمنحها الزخم المطلوب في الشارع بوصفها داعمة للمقاومة الفلسطينية.
الدول النافذة في الخليج العربي تملك بالطبع أوراقا كثيرة لممارسة المزيد من الضغوط على قطر، وتحريك الوضع الداخلي، وليس مستبعدا العمل بشكل جدي لإحداث تغيير سياسي في قطر إذا ما أخفقت هذه الدول في إجبار النظام القطري على تغيير سلوكه.
وفي هذه الحالة ينبغي أن نضع في الاعتبار رد فعل إيران على أي تحرك سعودي على مقربة من شواطئها. وعليه فإن الأزمة الحالية مرشحة للتطور إلى حرب إقليمية كبرى إذا لم تتدخل قوة وازنة وتضغط على الكوابح.
النظام في قطر قد يبدو- وتلك مفارقة هذا الزمان - في وضع مشابه للنظام السوري؛ ليس لديه ما يخسره في كل الأحوال، فالرضوخ للشروط الخليجية يعني التضحية بشرعية خطابه السياسي، وتأجيج الصراع أكثر يمنحه فرصة للمناورة ستكون باهظة التكاليف على جميع الأطراف.
في ظل نوعية ومستوى اللاعبين في المنطقة، لن يكون بمقدور أحد توقع النتائج أو التنبؤ بمسار الأحداث. لكن في كل الأحوال المباراة رديئة للغاية.