هل حقاً الحظر الشامل هو الحل الوحيد؟

محمد أحمد الزواوي

الوضع الوبائي دخل منحىً يوصف بالخطر، واتخاذ القرارات في هذا المنعطف التاريخي لا بد وأن يكون سريعًا وفاعلًا لتجنب الأخطر. وبما أن الإغلاق الكامل ثمنه الاقتصادي باهظ، فعلى أقل تقدير لا بد من تفعيل بعض أقل آليات “تخفيض درجة الاختلاط” ضرراً من الناحية الاقتصادية، في محاولة لتسطيح المنحنى بأقل ثمن ممكن.اضافة اعلان
بما أن وقت الاختلاط الجماعي يبلغ ذروته مساءً، فمن البديهي أن الحد من تحرك السيارات في ساعات المساء يقلل من الاختلاط، وعليه يجب تحديد فترة السماح بتحرك السيارات من الساعة السادسة صباحاً وحتى السادسة مساءً مع السماح بعدها بالتجول لساعتين مشياً على الأقدام، وإغلاق المنشآت عند السادسة ما عدا المخابز وبقالات الأحياء والصيدليات حتى الثامنة، والسماح للمطاعم بالعمل باستخدام آلية التوصيل إلى المنازل حتى الواحدة بعد منتصف الليل وبتعليمات معينة ناظمة. ويترافق ذلك مع أمر دفاع يمنح حزمة من الإعفاءات الضريبية للقطاعات المتضررة مثل المقاهي والمطاعم.
أما الشطر الآخر من الاختلاط الواسع فيقع خلال ساعات العمل، ما يدعو إلى تحويل عمل المؤسسات الحكومية الى نظام الورديات مدة كل واحدة ست ساعات، وتقسيم العاملين على الورديات كلٌّ بناءً على طبيعة عمله، طبعاً بعد تحويل من تسمح طبيعة عمله بالعمل عن بُعد وبأجر كامل للجميع. وفي الوقت نفسه، على كل مؤسسة حكومية العمل على إيجاد آلية منطقية لمراجعي المؤسسات تتوافق ومنع الاكتظاظ، مثل زيادة الخدمات الإلكترونية، زيادة منافذ تقديم الخدمة، إضافة الى زيادة عدد ورديات العمل لتقليل التزاحم بالوقت نفسه.
أما في القطاع الخاص، فمن المقترح تقديم حزمة تحفيزية لتخفيف معدلات الاختلاط، وذلك ربما عبر إصدار أمر دفاع يمنح إعفاءات ضريبية لمؤسسات القطاع الخاص، في حال التزامها بتقسيم كوادرها للعمل عن بُعد على نظام التبادل بنسب معينة من الكادر، على أن تتناسب كل نسبة مع نسبة الخصم الضريبي بشرط دفع كامل أجر العامل، ودون غرامات في حال لم ترغب المنشأة بالحصول على الخصم في حال كون طبيعة عملها تقتضي ذلك. أما في حالة المنشآت الصناعية، فمن المقترح تطبيق نظام ورديات على مدار ساعات اليوم الأربع والعشرين مع تخفيف التواجد بالمنشأة ومنح خصومات ضريبية متناسبة، آخذين بعين الاعتبار استمرار الإجراءات المعمول بها حالياً دون أي غرامات لمن يختار أن يلتزم بأوامر الدفاع السابقة في حال اقتضت طبيعة العمل ذلك.
إضافة إلى الإجراءات آنفة الذكر، وبما أن هناك نقصا عاما بالوعي لدى المواطن حول الوباء ومدى خطورة استمرار الطرق الحياتية الحالية، فلا بد من التعلم من آليات اتبعتها معظم الدول في نشر الوعي -في معظم الأوقات- عبر إطلاق برامج توعوية احترافية بالتعاون ما بين وزارة الصحة ووزارة الإعلام للعمل على إيصال رسائل توعوية ذات فاعلية لإحداث تغيير فعلي بقناعات وبالتالي سلوكيات المجتمع المتعلقة بالتعامل مع الوباء.
وقد يكون من المناسب إصدار أمر دفاع يمنح بموجبه الضمان الاجتماعي الدعم لتغطية رواتب فئات محددة من موظفي القطاع الخاص (وفق معايير تحددها وزارة الصحة) لكل مؤسسة خاصة، بحيث تكون الفئات المستفيدة هي الأكثر عرضة للآثار الشديدة والمميتة للمرض، مثل أصحاب الأمراض المزمنة، بحيث يتم منحهم إجازاتٍ لفترة الإجراءات الخاصة بالسيطرة على المنحنى الوبائي على أن لا تتعدى نسبتهم مثلاً
15 % من موظفي الشركة. إضافة الى منح إجازة للأمهات الحاضنات للأطفال طوال مدة القرارات مع إيجاد حلول لتغطية رواتبهم إما بالتعاون مع الضمان الاجتماعي أو استخدام أرصدة إجازاتهم للسنوات المقبلة مناصفة مع صاحب العمل.
أما بالنسبة الى المواصلات ولتقليل الازدحامات وتخفيف التنقل غير الضروري، من الممكن العمل بنظام حرية حركة سيارات الفردي والزوجي فقط يومي الاكتظاظ الأعلى من الأسبوع (أي أول يوم في الأسبوع وآخر يوم في الأسبوع)؛ أي يكون السبت للفردي والخميس للزوجي والمداورة بينهما كل أسبوع، فيما تبقى حرية الحركة للجميع باقي الأيام في ساعات السماح، إضافة الى تقليل سعة النقل العام الى 50 %.
على أن يتم تطبيق ذلك لفترة محددة، مع وضع أهداف محددة، قابلة للتطبيق والقياس، ووضع آليات لقياسها، بما في ذلك قياس الآثار الاقتصادية المتوقعة، وتقييم مدى تحقق الأهداف مقابل الآثار الاقتصادية بشكل دوري لإيجاد الحلول الفاعلة لإعادة التقييم.