هل سنتعلم دروسا من حرائق استراليا؟

تهاني روحي

بعد أن تم وصف حرائق استراليا ( بنار جهنم على الأرض)، أطلق قادة عالميون وناشطون بيئيون تحذيرات كثيرة للعالم أجمع، ومنهم السيناتور بيرني ساندرز على أنّ الحرائق التي حصدت أرواح 18 شخصاً حتى اليوم وأبادت ما يربو على 500 مليون حيوان، يتوجّب أن تحثّ العالم على تحرّك "شرس" لمواجهة الأزمة المناخية. كما وسبقها تصريحات هيلاري كلينتون التي قالت في تغريدة لها انه "مع حرائق أستراليا وذوبان الجليد في القطب الشمالي، من الواضح أننا نعيش حالة طوارىء مناخية."

اضافة اعلان

تعليقات كثيرة، وكلمات فضفاضة ووعود باهتة، في الوقت الذي تشهد فيه استراليا موجةٍ جديدة من الأحوال الجوية الخطيرة خلال الأيام القادمة إذ يُتوقّع أن تشتدّ سرعة الرياح وترتفع درجات الحرارة مما سيهدّد بتأجيج النيران الى مناطق اوسع.

أسئلة صعبة ومتشابكة تظهر علاقة المناخ العابر للقارات والذي لا يعرف الحدود، لها علاقة وطيدة بالعدالة والإنصاف والمسؤولية والالتزام. وبينما لا تزال المجتمعات المحلية وصانعو السياسات في مختلف أنحاء العالم حائرة عن وجود حلول لهذه الأسئلة، ومدى جدية هذه الوعود والالتزامات التي ستتحقق في القريب العاجل، وما بين مؤتمر للمناخ يجتمع فيه قادة العالم سنويا، وما بين الاضرار المدمرة التي نشهدها، تبقى الأمور في صورة شجب ووعود بدون أية التزامات واقعية للتغيير!!

اذن، هنا تتضح الحاجة إلى اتباع نهج جديد يركز على مبادئ العدالة والإنصاف لمواجهة الآثار المدمرة للتغير المناخي، التي تفاقمت بسبب الانانية، وما لم يتوجب علينا التفكير بعقلية المواطنة العالمية وتوسيع دائرة الاخلاق للخروج من أزمة المناخ سنبقى في دائرة الشجب والشفقة.

فالتحدي الماثل امامنا هو ليس تحدياً مناخيا تقنيا فحسب، بل أخلاقياً أيضاً، والذي يتطلب منا جميعا سكان الكرة الأرضية قاطبة تحولاً في الأفكار والسلوكيات يؤدي بهيكلنا الاقتصادي والاجتماعي لتوسيع نطاق فوائد التطور على الناس كافة، وان ننظر بمنظور ان الجسم البشري هو واحد ويحتوي على مليارات الخلايا، فان تداعى اي عضو من هذا الجسم، على الخلايا العضوية مساعدته ليبقى سليما، والا فإن الانانية والانغلاق ستؤدي الى بتر هذا العضو من الجسم. فخلايا الجسم البشري عددها لامتناهي في الشكل والوظيفة، بيد أنها متحدة في الهدف المشترك الذي يسمو فوق الغرض الذي صنعت من أجله أجزاؤه المركبة.

حرائق استتراليا لن تنقذها مؤتمرات المناخ المخملية والذي ينتهي بالعادة بصورة جماعية لا تخفي بهتان الابتسامات التي جاهد الروساء في رسمها، بل هو مكان للالتقاء والتشاور الحبي؛ يسعى إلى إعادة صياغة التفاعل البشري الغير عادل، لتحل محلها أنماط أخرى تعكس الروابط والعلاقات التي تجمعنا كأعضاء جنس بشري واحد. فلم نعد نحتمل قرارات وتوصيات هلامية ختامية وكلمات نظرية غير تطبيقية؛ فإن ما أردنا التقدم، علينا الإصرار بأن يتشارك الكل في المسؤوليات لهدف ازدهار جميع الشعوب، يجب على هذا المبدأ أن تتغلغل جذوره في وجدان المشاركين.

وأخيرا، فان الإستجابة للتغير المناخي، تتطلب تغيرات عميقة على مستوى الفرد والمجتمع ودول العالم. فالتغير المناخي، يحتاج الى تضييق الفجوة ما بين الفقر المدقع والغنى الفاحش، والمساواة بين الجنسين، والتنمية والتي تسعى للإستفادة من الموارد البشرية والطبيعية بطريقة تسير لترقي وإزدهار الناس كافة، فهل سنأخذ عبرا من درس حرائق استراليا؟