هل فشل مؤتمر لندن للمانحين؟

بعد مضي ثمانية أشهر على انعقاد مؤتمر لندن للمانحين، نستطيع القول إن المجتمع الدولي فشل في تقديم دعم مالي وفني للدول المستضيفة للاجئين السوريين، خصوصاً الأردن الذي استضاف مئات الآلاف من هؤلاء اللاجئين حتى باتت تقدر نسبتهم بـ20 % من عدد سكان المملكة.اضافة اعلان
وتتقاسم الحكومة، سواء الحالية أو السابقة، مع دول كبرى، مسؤولية هذا الفشل أو الإخفاق. فمعظم الدول الكبرى لم تلتزم بدفع ما عليها من مستحقات مالية، ولم تف بالوعود التي قطعتها خلال المؤتمر المنعقد في العاصمة البريطانية في الرابع من شباط (فبراير) 2015، للمساهمة في تحسين الأوضاع المعيشية لكل من اللاجئين والمجتمعات المضيفة الفقيرة، والأردن أحدها.
فالمجتمع الدولي لم يقدم إلا الجزء البسيط من الدعم المالي والفني للأردن لتنشيط الاقتصاد وتمويل عمليات الإغاثة والمساعدات. ولم تلق نداءات ودعوات المنظمات المحلية والعالمية، وعلى رأسها منظمة الأمم المتحدة، آذانا صاغية لتأمين التمويل اللازم لمعالجة قضية اللاجئين بشكل جذري. فمنظمة الأمم المتحدة تؤكد أنه لم يتم تحصيل سوى أقل من نصف المبالغ المالية اللازمة لتلك الأزمة.
أضف إلى ذلك أن حكومتنا لم تقم باللازم، وبشكل مقنع لتلك الدول للوفاء بالتزاماتها. فعلى صعيد المدارس، لم تستغل التمويل الذي أقره المؤتمرون وقتها بخصوص بناء مدارس بقيمة مليار دولار أميركي خلال الفترة ما بين العامين 2016 و2018، بهدف امتصاص مشكلة اللاجئين السوريين. وتؤكد الحكومة أن المملكة بحاجة إلى نحو 50 مدرسة جديدة لاستيعاب الطلبة من اللاجئين السوريين، وذلك في ظل وجود 30 ألف طالب سوري على قائمة الانتظار، و90 ألف طفل في سن الدراسة خارج المدارس.
وبشأن إعلان دول الاتحاد الأوروبي عن تخفيف بعض قوانين وشروط المنشأ بشأن الاستيراد، لتسهيل دخول المنتجات الأردنية إلى السوق الأوروبية، فقد قصرت الحكومة في التعامل مع ذلك، ولم تستثمره كما يجب، حتى هذه اللحظة.
ولا أحد يعلم، أيضاً، أين وصلت الحكومة في خطتها القاضية بتشغيل الأردنيين واللاجئين السوريين، والذي كان أحد شروط الدول المانحة للحصول على دعم مالي. وكذلك خطة العمل التي وضعتها لمتابعة تنفيذ توصيات مؤتمر لندن، وتتضمن 8 محاور، أهمها: تبسيط قواعد المنشأ، إعادة تنظيم سوق العمل وبناء المهارات والتدريب، تطوير بيئة الأعمال والاستثمار، وتطوير المناطق التنموية لاستقبال الاستثمارات، ودعم قطاع التعليم.
حتى إن الحكومة لم تفصح عن أي عقبات اعترضتها أو قد تعترضها لتنفيذ أي مشروع يعود بالنفع على الوطن والمواطن واللاجئ السوري. فمؤتمر المانحين أقر تقديم منحة للأردن بقيمة 700 مليون دولار سنويا ولمدة 3 أعوام، أي ما مجموعه 2.1 مليار دولار. لكنه اشترط أن يتم تجهيز خطط لتوفير فرص عمل للسوريين.
ولا يوجد شيء يلوح في الأفق يبعث بإشارات أمل من قبل الحكومة خلال الفترة المقبلة، كي تقوم بأي خطوة فعلية للأمام، في سبيل الحصول على دعم مالي كاف حتى يتسنى للأردن الاستمرار بالقيام بواجبه الإنساني. إذ يجب على الحكومة أن تبذل مزيدا من الجهد والعمل لتوفير التمويل.
وقدرت تكلفة استضافة اللاجئين السوريين في الأردن ما بين العامين 2011 و2015 بحوالي 6.6 مليار دولار، فيما تقدر تكلفة استضافتهم خلال العام الحالي والعامين المقبلين بنحو 7.2 مليار دولار.
على المجتمع الدولي أن يعي حاجة الأردن لمزيد من الدعم المالي لمواجهة احتياجات اللاجئين والمجتمعات المحلية المضيفة لهم. وعلى الحكومة أن تبذل جهودا مضاعفة في سبيل تحقيق ذلك، فالأردن يرزح تحت أعباء بدأ المواطن الأردني يلمس آثارها السلبية، ما يُنذر بعواقب قد تكون وخيمة.