هل مسموح لـ "بلد" معارضة دولة يهودية وديمقراطية؟

هآرتس

بقلم: جدعون ليفي

اضافة اعلان

محكمة العدل العليا ستناقش (أمس) الالتماس الذي قدمه مركز "عدالة" ضد قرار لجنة الانتخابات شطب "بلد". اللجنة قامت بشطب هذا الحزب على قاعدة البند الموجود في القانون والذي يمنع حزب "ينفي وجود دولة إسرائيل كدولة يهودية وديمقراطية" من الترشح. حسب قواعد الاحتفال حتى الآن فان المحكمة العليا ستوافق على الالتماس وستقوم بالغاء الشطب، ومرة اخرى ستتمكن "بلد" من تقديم نفسها كمدافعة عن الديمقراطية. المحكمة يتوقع أن تفعل ذلك فقط لأنه من الصعب الاثبات بأن "بلد" حقا تنكر وجود اسرائيل كدولة يهودية، لكن بهذا لن يتم اثبات وجود الديمقراطية في اسرائيل. بالعكس. فمجرد وجود بند وحشي كهذا في القانون هو استعراض مناهض للديمقراطية، بقعة سوداء في كتاب قوانين اسرائيل، التي لا يتحدثون عنها كثيرا.
"بلد" كان يحق لها التنافس في الانتخابات حتى لو تم الاثبات، فوق أي اشتباه، بأنها تعارض بشدة وجود اسرائيل كدولة "يهودية وديمقراطية". وبدون هذا الحق فان اسرائيل لا يمكن اعتبارها دولة ديمقراطية. الحديث لا يدور عن ديمقراطية دفاعية لأنه لا يوجد أي شيء غير ديمقراطي في حلم المساواة. في الواقع المثالي فإن تأييد دولة يهودية، يسود فيها تفوق اليهود، هي التي كان يجب أن تكون خارج القانون لكونها غير ديمقراطية، الامر الذي كان سيؤدي الى شطب الأحزاب التي تؤيدها، أي جميع الأحزاب اليهودية.
من المؤسف أن "بلدا" لا يمكنها عرض الرؤيا التي كان يجب أن تكون رؤياها، ديمقراطية بين البحر والنهر. لو أنها طرحت ذلك لكان سيتم شطبها وتجريمها واخراجها خارج القانون. لذلك، هي مضطرة الى الاكتفاء بدولة كل مواطنيها، كوسيلة للتخوف. لكن بالنسبة لجهات واسعة، بما في ذلك من الوسط واليسار، حتى هذا الموقف غير شرعي. يهود إسرائيليون يمكنهم بشكل معين تأييد الفكرة، ومن المفضل أن يكون ذلك بلهجة مخففة، لكن محظور على العرب ذلك، حيث أنهم عندها سيتهمون بالتطلع الى تدمير إسرائيل، ماديا وشاملا، بما في ذلك المحارق وغرف الغاز، تريبلانكا ومايدينك، مع يهود يغرقون في البحر. حتى فكرة دولة كل مواطنيها، هي شرط لأي ديمقراطية – لأنه لا يوجد دولة ديمقراطية ليست دولة كل مواطنيها – تعتبر كفر وخيانة ولاسامية وتحريض على التدمير.
معارضة النظام السائد في إسرائيل غير مشروع. نحن نتأثر من شجاعة معارضي النظام في كل أرجاء العالم – هم اجريت معهم مقابلات في وسائل الإعلام وحصلوا على جوائز – لكن في إسرائيل الأمر غير وارد في الحسبان. اليهودي مسموح له قليلا أن يطرح نموذج مختلف، أما العربي فهذا ممنوع عنه تماما. كلمة المفتاح بالطبع هي الصهيونية، التي تعتبر النظام في إسرائيل هو اكبر بكثير من قيم الديمقراطية أو المساواة أو الحرية.
النظام السائد في إسرائيل هو نظام صهيوني. وإسرائيل هي دولة صهيونية أسبق بكثير من الشعار الكاذب والجشع بأنها يهودية وديمقراطية، وهو تعريف لا يجتاز أي امتحان عملي والأمر كله هو تناقض داخلي. اسرائيل كان يجب عليها الاختيار بين اليهودية والديمقراطية، لكن هذا الاختيار صعب عليها. الاغلبية اليهودية ستفضل كما يبدو اليهودية على الديمقراطية. وهذه هي الصورة التي تخجل منها اسرائيل. لذلك، يواصلون التحدث عن يهودية وديمقراطية حتى عندما يكون من الواضح بأنه لا يوجد ولن يوجد مثل هذا الخيار في دولة تصرخ فيها ثنائية القومية.
دولة تتفاخر بحرية التعبير كان يجب عليها على الاقل أن تسمح بالتعبير عن معارضة النظام، بالاساس لكونه نظام تهجيري ومضطهد وقمعي. يجب أن يكون في الكنيست تعبير عن هذا الصوت، حتى لو كان تآمري أو لا يروق للكثيرين، حيث أنه في نهاية المطاف الحديث لا يدور عن فكرة غير ديمقراطية من المشروع اخراجها خارج القانون. الحديث يدور عن الفكرة الديمقراطية جدا التي يمكن أن تخطر بالبال. ولكن هذا كبير على اسرائيل ونظامها الصهيوني. لذلك، هي تحاول قتلها وهي في مهدها: على سبيل المثال، عندما يقترحون دولة لكل مواطنيها. عندما ستستطيع "بلد" أو أي حزب آخر التنافس وهي تحمل راية الدولة الواحدة فسنعرف أن النظام في إسرائيل بدأ يتعافى.