هل نتشبّث بالأمل؟

برغم صدور الإرادة الملكية بالموافقة على قانون الانتخاب المعدّل (أمس)، إلاّ أنّ سياسيين ما يزالون يتشبثون بالأمل بأنّ ذلك ليس نهاية المطاف، ومن الممكن أن يتم تعديل القانون (لاحقاً)، إذا تبيّن أنّ الانتخابات "بمن حضر" لن تكون مخرجاً من الأزمة السياسية.اضافة اعلان
للمرّة الأولى، تنتقل المعارضة للقانون –علناً- إلى شخصيات محسوبة بقوة على "السيستم"، وهمساً إلى وزراء في الحكومة. في المقابل، يتمسّك رئيس الوزراء بالصوت الواحد في موقف معاند ومتشنّج غير مبرر، مع أنّ أغلب القوى الفاعلة أبدت مرونة في مطالبها السابقة.
أغلب الأصوات التي نسمعها اليوم، ومن شخصيات بعيدة تماماً عن المعارضة، تؤكّد أنّ زيادة صوت آخر للناخب، بالإضافة إلى الـ27 مقعداً للقائمة الوطنية، سيؤدي إلى "كسر" مناخ المقاطعة، وتعزيز الثقة بالعملية الإصلاحية والسياسية، وإحياء الأمل بأن تكون الانتخابات -بالفعل- نقطة تحوّل للخروج من الأزمة السياسية العميقة، وترد الاعتبار لمؤسسة البرلمان، وتصحّح العلاقة المضطربة والمخلخلة بين الدولة والمواطن.
المبرر الذي تسوقه المؤسسة الرسمية لتمسّكها بالصوت الواحد يتمثّل في أنّ "الإخوان" سيحققون انتصاراً كبيراً في حال أضيف هذا الصوت. هذه "الفزّاعة" تعتمد على نتائج أحد أكبر استطلاعات الرأي السرية، الذي أجرته مؤسسة سيادية قبل أشهر، ويحتوي على 14 ألف استمارة، لدراسة النتائج المتوقعة لهذا المشروع. وانتهى التقرير إلى أنّ "الإخوان" سيحصدون قرابة 75 مقعداً، وإذا أضفنا لها مقاعد المعارضة، فإنّ العدد قد يتجاوز 100 مقعد؛ أي أغلبية مريحة في البرلمان القادم، وهي نتيجة يعتبرها "مطبخ القرار" مجازفة كبيرة!
لا نريد مناقشة الأرقام، وسنسلّم –جدلاً- بها؛ ولا نريد أن نذكّر باللعبة الديمقراطية التي تجعل من حق أي حزب أو قوة سياسية أن تحصل على الأغلبية وتشكّل الحكومة، ولا أن نضرب مثالاً بالحالة المغربية، ودور الحزب الإسلامي الإيجابي هناك في تشكيل الحكومة والاستقرار السياسي؛ لكن ضمن هذه الدائرة من "الحسابات الرسمية" لدينا استعداد من قيادة الجماعة لحوار فعّال وجاد مع مؤسسات الدولة لمناقشة هذه المخاوف، من ضمنها قضية حصول الجماعة وحلفائها على الأغلبية، وهي الرسالة التي نقلها خالد مشعل بوضوح إلى "مطبخ القرار". في المقابل، لا يجرؤ –اليوم- أحد من قادة الإخوان على اقتراح المشاركة وفق الصوت الواحد أمام القواعد. ويكفي التذكير بأنّ 49 عضواً من 52 في مجلس شورى الجماعة كانوا مع المقاطعة، فيما حصل القرار على "الإجماع" لدى شورى جبهة العمل الإسلامي، فلا نتصوّر بأي حال من الأحوال أن تعود الجماعة عن قرار المقاطعة إذا بقي القانون الحالي.
ليس صحيحاً أنّ قصة قانون الصوت الواحد تقف عند الإخوان؛ فمعارضته تبدأ من شخصيات سياسية، وأخرى قريبة من "مطبخ القرار"، إلى مختلف القوى السياسية والحزبية. وفي داخل المحافظات يأخذ المزاج الرافض للصوت الواحد طابعاً أكثر حديّة، لأنّ تأثير الصوت الواحد سلبياً على المحافظات كان أشد فتكاً.
يضاف إلى هذه القائمة الطويلة التي تشكّل المزاج الشعبي حالياً، الجبهة الوطنية للإصلاح، والحراك الشعبي، وحزب له خطاب متماسك، كالجبهة الموحدة للإصلاح، وتيارات جديدة صاعدة، مثل "التيار الحرّ"، الذي يضم حالياً مئات من الليبراليين الفاعلين والمثقفين.
ما نأمله أن نجد حلاً لإخراج الانتخابات النيابية من القمقم، فهي مفتاح مهم لتصليب الجبهة الداخلية ومواجهة تمزقات اجتماعية خطرة، ومطلوبة للتعامل مع أزمة اقتصادية حادة، وأخيراً تطورات مقلقة على حدودنا الشمالية.