هل يتخطى الأردن الحدود مع سورية؟

لم يستبعد مفوض شؤون اللاجئين في الأمم المتحدة أنتونيو غوتيريس، وصول عدد اللاجئين السوريين إلى أربعة ملايين هذا العام، إذا لم يتوقف النزاع في سورية. وحذر المفوض الأممي الدول المجاورة لسورية من خطر انفجار الأوضاع في منطقة الشرق الأوسط إذا استمرت الأزمة في سورية.اضافة اعلان
إذا ما صدقت توقعات غوتيريس، فإن حصة الأردن من هذا الرقم لن تقل عن النصف، بالنظر إلى المعدلات اليومية لأعداد اللاجئين الوافدين إلى مخيم الزعتري.
في غضون أسابيع قليلة، تحول مخيم الزعتري إلى مدينة كبيرة يصعب السيطرة عليها. ومع التوجه إلى فتح مخيمين إضافيين بالقرب منه، تبدو مناطق واسعة في شمال المملكة وكأنها جزء من الأراضي السورية. ولا يتوقف الأمر عند هذا الحد؛ فالأغلبية الساحقة من اللاجئين السوريين يتواجدون خارج المخيمات. وفي بعض البلدات الأردنية، يناهزون عدد السكان.
التصريحات المتواترة للمسؤولين الأردنيين في الأسابيع الأخيرة، تشي بقرب الإعلان عن عجز الحكومة عن استقبال المزيد من اللاجئين. لكن الحكومة في ورطة؛ فهي، ولاعتبارات قانونية وإنسانية، لا تستطيع أن تغلق حدودها في وجه الفارين من مناطق القتال التي تنعدم فيها كل أشكال الحياة. لكنها، وفي الوقت ذاته، تدرك أن الصراع في سورية سيطول، وسيستمر تدفق اللاجئين، ومعهم مخاطر الانفجار الذي حذر منه المفوض الأممي، ويحيط المسؤولون بحقائقه من قبل.
المجتمع الدولي لم يقم بواجبه الكامل في مساعدة الدولة المستضيفة للاجئين؛ المساعدات بالقطارة، وبالكاد تسد الحاجات الأولية للمهجرين، وهو غير مستعد أيضا لتدخل عسكري في سورية على غرار ما فعل في مناطق نزاع أخرى. أقصى ما يمكن أن تفعله الدول الغربية هو تقديم أسلحة ومعدات عسكرية للمعارضة، ليس مرجحا أن تحسم المواجهة مع النظام في وقت قريب.
ما السبيل إذن للخروج من هذا الكابوس؟
في الآونة الأخيرة، قفز إلى أذهان المسؤولين سيناريو غريب بعض الشيء، لكن يحمل في طياته حلا جذريا لمشكلة تدفق اللاجئين، ويقوم على مبدأ التدخل الوقائي لغايات إنسانية. يقضي السيناريو المقترح بتأمين شريط حدودي داخل الأراضي السورية، وبعمق 40 كيلو مترا، ليكون بمثابة ملاذات آمنة يعاد فيها تجميع اللاجئين السوريين من مختلف المناطق، وخاصة المتواجدين في مخيم الزعتري. وتخضع هذه المناطق لإدارة مشتركة من جانب الأمم المتحدة والجيش السوري الحر الذي بات يسيطر على أجزاء واسعة من المناطق الحدودية مع الأردن.
الفكرة تنطوي على قدر كبير من المجازفة، ويتوقف النجاح في تطبيقها على موافقة الدول صاحبة الشأن في الأزمة السورية؛ أميركا وروسيا على وجه التحديد، بالإضافة إلى دول جوار، وفي المقدمة تركيا التي تستضيف نحو مئتي ألف لاجئ سوري.
سبق للأردن أن فكر بسيناريو مماثل إبان الاحتلال الأميركي للعراق، وذلك لدرء مخاطر انتقال الفوضى الأمنية إلى أراضيه، ودرء خطر تنظيم القاعدة الذي استوطن المناطق القريبة من حدوده. لكن مشروع "احتلال الرمادي" لم ير النور حينها، واستبدل بخيارات أخرى.
الوضع أكثر تعقيدا في الحالة السورية، نظرا لطبيعة الصراع، والموقف الدولي المنقسم حيال الأزمة هناك. لكن في ضوء انعدام الخيارات الدولية، لا تتردد دول جوار سورية التي تحترق أصابعها بنيران الأزمة في التفكير بكل الخيارات لتجنب اللهيب.

[email protected]