هل يتمكن الأردن من تقليل خطر كورونا؟

الاستعدادات والإجراءات التي اتخذتها مؤسسات الدولة؛ الحكومة والجيش والأجهزة الأمنية لمواجهة احتمالات توسع انتشار وباء جائحة كورونا، رافقتها تحديات متعددة في التنفيذ والتطبيق والدعم اللوجستي والاستجابة بالالتزام من قبل المواطنين، الأمر الذي أدى الى إجراء تغيرات متعددة في قرارات التنفيذ بين ساعة وأخرى من قبل الحكومة بهدف رفع مستوى الاستجابة من قبل المواطنين والإبقاء على زخم الجهود الهادفة الى حصر تفشي الوباء.اضافة اعلان
فيما يتعلق بالسياسات التطبيقية، نجحت الحكومة في ضبط الحجر الصحي للعائدين من الخارج، فيما كانت قرارات الحجر الذاتي المنزلي وقرار الدفاع رقم 2 بمنع التجول الكامل لجميع المواطنين موضع عدم التزام وتذمر من المواطنين.
وقد رافق ذلك فشل واضح في استراتيجية آليات التوزيع للخبز التي كانت تهدف الى دعم الاستمرار في تطبيق قرار حظر التجول الكامل، وعلى أساس ذلك تم تنفيذ توزيع الخبز بالحافلات على المواطنين في أماكن سكنهم يوم الثلاثاء الماضي.
قرار الحكومة بالتحول عن مسؤولية القيام بالتوزيع، وترك تلك المسؤولية الى المواطن مباشرة، وقرار رفع حظر التجول جزئيا (8) ساعات بضوابط محددة، وفتح البقالات للتسوق المباشر من قبل المواطنين، كلها أمور لاقت استجابة إيجابية عالية من قبل المواطنين لثلاثة أسباب هي:
إعادة جزئية لحرية المواطن في اختياراته في تأمين الاحتياجات حسب رغباته، ثم اطمئنانه بنفسه مباشرة على توفر السلع بالكميات المطلوبة في الأسواق، وثالثها إعادة الثقة للمواطن بأنه قادر على تقدير المسؤولية والالتزام بالتعليمات الرسمية.
انعكست هذه الإيجابية على سلوك المواطنين، والتزامهم بالتوقيتات المحددة للتسوق، وانتظامهم مع مراعاة قواعد السلامة اللازمة في عملية التسوق، ثم الانسجام والتعاون مع رجال الأمن الذين راقبوا بنجاح سير العملية فترة الرفع الجزئي لمنع التجول.
وقد رافق العملية مخالفات قليلة من البعض، وخاصة المخالفة باستخدام المركبات التي تم حجز العديد منها من قبل الأمن العام، ومن المتوقع انخفاض هذه المخالفات في الأيام اللاحقة.
الأردن يسير بخطوات إدارة الأزمة بمؤشرات ستمكنه من التقليل من خطر كورونا واحتواء مخاطره الكارثية، وأهم هذه المؤشرات استقرار حالات الارتفاع اليومية حول معدل 15-20 حالة معظمها من نفس بؤر إصابات سابقة، والمؤشر الثاني استمرار الاستقرار الجيد للحالات المصابة في المستشفيات وعدم تسجيل وفيات ذات مؤشرات خطيرة، ثم المباشرة في استخدام علاجات تم إقرار استخدامها من قبل لجنة الأوبئة في الأردن، ويتم استخدامها حاليا من العديد من الدول المتقدمة في العالم بما فيها الولايات المتحدة. وأخيرا مؤشرات الشفاء لعدد من الإصابات حسب المصادر الطبية.
مستوى السيطرة على الأحداث، والتحوط للتطورات المتوقعة ووضع الخطط الرئيسية والتنفيذية والخطط البديلة والمتحولة لمواجهة المخاطر المتوقعة، واحتمالات سيناريوهات أكثر سوءا والتحضير لمواجهتها والحد من تأثيراتها السلبية على القطاعات كافة وأهمها: مخاطر كورونا على حياة الناس، ثم إدارة المرافق الحيوية والسلع التي تسير حياتهم وشؤونهم اليومية، هي المحاور المفترض متابعتها بشكل حثيث من قبل الحكومة والجهود الوطنية الشاملة الهادفة الى تعزيز الاستجابة من قبل المواطنين لتمكين الأردن من التقليل من تفشي كورونا وتخطي مخاطره.
الإنجازات جيدة حتى الآن في محاصرة تفشي الوباء، ومرد ذلك الى ثلاثة عوامل رئيسية أولها: الاستباقية التي قادها الملك للتنبه لمخاطر انتشاره، وتوجيهاته للحكومة بالاستعداد لمواجهة الأزمة وتداعياتها بالتعاون الكامل مع الجيش والأجهزة الأمنية وسلطات الدولة كافة.
وثاني هذه العوامل التقدم بمستوى الأداء الحكومي ودور القوات المسلحة والأجهزة الأمنية وكوادر الصحة العامة، وهم اليوم الجنود المجهولون من الأطباء والممرضين والإداريين والكوادر العلاجية المساندة.
وثالث هذه العوامل مستوى الاستجابة المسؤولة من قبل الغالبية العظمى من أبناء الشعب الأردني للتعليمات الرسمية، وتوجيهات الملك التي تدخل الطمأنينة والروح المعنوية العالية على نفسية وحياة المواطنين كافة.