هل يزيد الدين العام؟

بعد صدور قرار الحكومة بالموافقة على تنفيذ كامل شبكة السكك الحديدية الوطنية باستثناء الخط الواصل من إربد إلى وادي الأردن، يصبح العائق الأكبر في وجه التنفيذ توفر التمويل.

اضافة اعلان

القرار الحكومي تضمن أيضا بدء التحضيرات اللازمة لإنشاء مؤسسة السكك الحديدية الأردنية لتكون مسؤولة عن الاقتراض لتمويل وتنفيذ وتملك شبكة السكك الحديدية الوطنية والأراضي المخصصة للتطوير العقاري واللوجستي لتكون عاملة اعتبارا من شهر تشرين الأول (أكتوبر) المقبل.

عمل الشركة المزمع إنشاؤها سيبدأ في الفترة المقبلة، ويظهر بين ثنايا القرار أن حيرة الحكومة حيال تصنيف ديون المؤسسة السابقة زالت، ويبدو أيضا أن الحكومة ستمضي بالمشروع بغض النظر عن وجهات النظر المناوئة لاحتساب قروض المشروع خارج معادلة الدين العام للمملكة.

فالمؤسسة بالتأكيد ستقترض، والحصول على المبالغ المطلوبة لن يكون يسيرا وسهلا من دون كفالة وضمانة حكومية، والمعنى أن الخزينة ستتكفل بالسداد في حال تعثرت الشركة في السداد، ما يؤكد أن الديون ستكون جزءا من الدين العام سواء رغبت الحكومة أم لم ترغب.

الدين الجديد لتمويل السكك سيغدو جزءا لا يتجزأ من إجمالي الدين الذي وصل أصلا لحدود غير آمنة تهدد الاستقرار المالي، بعد أن تزايد حجمه خلال الأعوام القليلة الماضية بشكل صارخ نتيجة التوسع في الإنفاق وأخطاء سوء التقدير لحجم الإيرادات المتوقعة.

وللخروج من الحرج، والتبعات السلبية لمثل هذا القرار الذي تعلم الحكومة جيدا خطورته، لجأت للحصول على مشورة ومباركة صندوق النقد الدولي بهذه الخصوص، وما تزال تنتظر ردا من صندوق النقد بشأن تصنيف القروض المقرر منحها للمملكة لتنفيذ مشروع الشبكة الوطنية للسكك الحديدية.

وطلبت الحكومة من الصندوق رأيا يدعم توجهها ونواياها المبيتة في احتساب القرض المقرر للمشروع خارج معادلة الدين العام، معتمدة على أن التمويل سيكون لشركة خاصة مملوكة للحكومة.

والمعلومات الأولية التي ترشح من "كرودورات" الحكومة تشير إلى أن القروض التي ستحصل عليها الشركة لن تضاف إلى قيمة الدين العام.

ولهذا التوجه تبعاته السلبية على الاقتصاد والأجيال المقبلة التي ستتحمل عبء ديون جديدة.

الحقيقة والمنطق يقولان، إن كل قرش ستحصل عليه الشركة لتمويل الشبكة هو دين حكومي، وغير ذلك يعد التفافا صارخا وغير بريء، ما يزيد عبء الدين الذي يتوقع أن يبلغ من دون احتساب قروض السكك حوالي 10.7 بليون دينار نهاية العام الحالي.

الحكومة تتكئ على فكرة ذكية تمكنها من التواطؤ والمواربة، من خلال الحصول على توصية تقول إنه في حال أثبتت المؤسسة الحكومية أن 50 % من دخلها ليس من خزينة الدولة، فإن الأموال التي تعطى لها لا تحتسب من الدين العام، أما إذا كانت عكس ذلك فإن الأموال التي ستمنح لها سيتم إدراجها في إطار الدين العام.

مشروع السكك مهم وضروري، بيد انه ليس أهم من ضمان الاستقرار المالي في الاقتصاد، والتعامل بصراحة وإعادة النظر بالتوجه مهم ومطلب، حتى لا يأتي يوم نقول، ماذا فعلنا بأنفسنا وببلدنا؟.

[email protected]