هل يعاد إحياء نظام تصنيف المدارس؟

آلاء مظهر

في العام 2015 جرت الموافقة على الأسباب الموجبة لمشروع نظام التصنيف للمؤسسات التعليمية الخاصة، والذي أثار جدلا كبيرا في حينه، لكنه لم ير النور حتى اللحظة، ليصدر في العام ذاته نظام آخر سمي بـ"نظام تأسيس وترخيص المؤسسات التعليمية الخاصة والاجنبية رقم 130 لسنة 2015".

اضافة اعلان


وتناول النظام الجديد، بندا يشير إلى أن زيادة الأقساط المدرسية يجب ألا تتجاوز الـ5 % وفق مبررات تقدمها المدرسة التي تعتزم تعديل رسومها إلى وزارة التربية والتعليم، وتوافق عليها الوزارة. لكن هذا النظام عدل في العام 2017، ليلغي هذا البند ويستبدل بآخر ربط الزيادة بموافقة الوزير، وفق تنسيب لجنة تشكل لهذه الغاية.


ومن ثم عدل النظام أيضا في العام 2018، بحيث منع المؤسسات التعليمية من زيادة الرسوم الدراسية اثناء العام الدراسي أو في بدايته، وبما يتجاوز معدل التضخم للسنة السابقة، وبموجب تعليمات يصدرها وزير التربية والتعليم لهذه الغاية، بحيث يقصد بمعدل التضخم معدل النمو في الرقم القياسي لأسعار المستهلك، الصادر عن دائرة الإحصاءات العامة.


ومنذ ذلك الوقت، تمر الأعوام الدراسية وقضية ارتفاع الأقساط المدرسية وتفاوتها من مدرسة إلى أخرى، تراوح مكانها، في ظل عدم إحياء مشروع تنصنيف المدارس من جديد الذي يعتبره خبراء تربويون، طوق نجاة للأسر الأردنية التي تواجه في بداية كل عام دراسي "كابوس" الأقساط المدرسية.


مدير مديرية التأسيس والترخيص في إدارة التعليم الخاص في الوزارة عبدالحكيم الشوابكة، قال إن مشروع نظام التصنيف المؤسسات التعليمية منذ ذلك الوقت، لم يحدث عليه أي تغيير، فهو لم يقر لأسباب مختلفة.
وأضاف الشوابكة في تصريح خاص لـ"الغد"، ان نظام التأسيس والترخيص المعمول به حاليا، أسهم نوعا ما بالحد من ارتفاع الأقساط المدرسية، مؤكدا عدم الجواز للمدارس الخاصة رفع أقساطها إلا بموافقة الوزارة.


وبين الشوابكة أن الوزارة حددت فترة تقديم طلبات زيادة الرسوم المدرسية حسب المادة (6) من نظام تأسيس وترخيص المؤسسات التعليمية الخاصة في الفترة الواقعة بين 2 كانون الثاني (يناير) و20 نيسان (ابريل) من كل عام، وتقوم بدراسته لجنة مختصة للتأكد من الالتزام بالشروط.


وأشار الشوابكة إلى أن رفع الأقساط، يتم بموجب مبررات تتمثل بوجود زيادة في رواتب المعلمين عن العام السابق، وتوفير تأمين صحي للطلبة بنسبة 1 %، بالاضافة لوجود اعفاءات ومنح دراسية للطلبة بنسبة 1 % من الطاقة الاستعابية للمدرسة، وقبول طلبة ذوي اعاقة بنسبة لا تقل عن 1 % من الطاقة الاستيعابية للمدرسة.


وبين ان نسبة رفع الرسوم المدرسية لهذا العام بلغت 3 %، وبما يتواءم مع نسبة التضخم الواردة من دائرة الاحصاءات، لافتا إلى أن عدد المدارس الخاصة التي ووفق لها على رفع رسومها هذا العام بلغ 87.


وكشف الشوابكة عن توجه لتعديل النظام، إذ سيعالج النظام الجديد المعدل الكثير من القضايا، بما فيها الرسوم المدرسية، ما يساعد أولياء الأمور في اختيار وتحديد المدرسة المناسبة لخياراتهم.


نقيب أصحاب المدارس الخاصة منذر الصوراني، أيد المضي قدما بإصدار نظام خاص بتصنيف المدارس الخاصة، لما له من إيجابيات على العملية التعليمية التربوية، لينسجم مع تطور التعليم في الجوانب كافة، وان تحديد الرسوم المدرسية، وفق المراحل تسهم بتحسين ظروف المعلم المادية والمعنوية.


وقال الصوراني، ان هذا النظام إذا صدر بتوافق الأطراف المعنية، يجب أن يكون عادلا ومنصفا للمدارس الخاصة كبيرها وصغيرها على مستوى المملكة، لكن يجب أن يخضع نظام التصنيف المؤسسات التعليمية الخاصة إلى دراسة مستفيضة من لجان ذات خبرة لتصوغ نظاما قويا.


وأكد أن المعايير التي تحكم الأقساط المدرسية، تعتمد في المحصلة النهائية على ما تقدمه هذه المدارس من خدمات من بيئات تعليمية آمنه وبرامج أجنبية، وكتب إضافية إثرائية وملاعب وساحات ومسارح ومبان حديثة ومختبرات ووسائل تدفئة وتبريد، وأسطول حافلات مدرسية وانشطة منهجية ولامنهجية، وغيرها.


بينما دعا خبراء تربويون إلى إحياء تصنيف المدارس من جديد، كون الحاجة ماسة له، معتبرين بأنه سيجعل التعليم تحت المجهر، ووفق معايير علمية وتربوية، وسيساعد أولياء الأمور على اختيار المدرسة المناسبة لأبنائهم، وفق ما حصلت عليه من تصنيف.


الخبير التربوي ذوقان عبيدات، قال إن التعليم سلعة يقدمها المستثمرون في القطاع الخاص، بعكس المدارس الحكومية، بحيث يكون التعليم خدمة.


وأضاف أن السلعة يتحكم بها منتجها الذي يستثمر ليحصل على أرباح، فالربح أولا في القطاع الخاص، بحيث يسترد المستثمر أمواله، بما يمكنه من تحقيق 3 أهداف متمثلة: بتحسين جودة السلعة وهذا يتطلب مالا ومجهودا وخبراء، وتحقيق رضا العاملين، ما يتطلب رواتب وعلاوات ومكافآت، وتحقيق الربح بما يمكنه من الافادة وزيادة مشاريعه.


وبين عبيدات أن المسؤولية المجتمعية المتمثلة بمراعاة أحوال الأسر، لا تحتل أولوية، لذلك فإن الأطراف الثلاثة في القطاع الخاص (المستثمر والأهالي والحكومة، لا يوجد معادلة تنظم علاقاتهم، فالمدرسة الخاصة بالنسبة للحكومة هي شركة تجارية خالصة ينطبق عليها قوانين العرض والطلب، اما أولياء الأمور فيختارون السلعة المناسبة كجودة المدرسة وقربها ومستواها الاجتماعي وفلسفتها التربوية، ويجري اختيارها بحرية كاملة.


وأوضح أن المدرسة الخاصة، هيئة تجارية مستقلة لا قيود عليها سوى القيود الرسمية في مراعاة قوانين الدولة، لافتا الى انه اذ أردنا وضع معايير للأقساط المدرسية، فستمثل بمستوى المدرسة وجودة تعليمها وكلفة تشغيلها، بما فيها الرواتب وأرباح معقولة للمستثمر.


ولفت عبيدات إلى أن المعادلة السعرية، لها طرفان: الكلفة والعائد، فاذا زادت الكلفة عن العائد اغلقت المدرسة ابوابها، أو اتخذت اجراءات لتقليل الكلفة، كخفض رواتب المعلمين وتقليل عدد العاملين، أو زيادة عدد الطلبة في الصف الواحد.


وأكد أن تصنيف المدارس ضروري جدا، لكن هذه العملية ليست من مسؤوليات الدولة، فالجامعات مثلا لها تصنيفاتها المتعددة تقوم بها شركات خاصة عالمية، او معاهد ومراكز دراسات وتقييم، متسائلا هل ينشط القطاع الخاص بتشكيل هيئة واحدة - على الاقل - لتصنيف المدارس؟


وأشار عبيدات إلى أن معايير الجامعات متنوعة، تشمل نسبة المعلم إلى الطالب وعدد أعضاء الهيئات التدريسية ومستوياتهم، والبحوث والاختراعات والنمو المهني والإمكانات الإدارية والفنية وغيرها، مضيفا أننا بحاجة لهيئة تصنيف المدارس الخاصة والحكومية.


وشاركه الرأي مدير إدارة التخطيط والبحث التربوي بالوزارة سابقا محمد أبو غزلة، بقوله إن قطاع التعليم الخاص شريك استراتيجي ورديف داعم لنظام التعليم العام، لأنه يسهم بترجمة فلسفة النظام التعليمي، ويحقق أهدافه وسياساته ومبادئه.


وأضاف أبو غزلة، إنه نظرا لهذا الدور الذي يلعبة قطاع التعليم الخاص، سعت الوزارة وضمن خططها الاستراتيجية المختلفة لاعتماد وتصنيف المدارس الخاصة، لرفع جودتها وقدرتها على تقديم الخدمة التعليمية المتميزة، أسوة بما هو معمول به في غالبية الأنظمة التعليمية في لعالم.


وبين الوزارة ولأكثر من مرة عملت على إصدار نظام خاص بتصنيف المدارس الخاصة، لكن هذا التصنيف لم يكتب له النجاح لاعتبارات عدة، أهمها سيطرة قوى النفوذ التي حالت دون السماح بإقراره، كما أن لغياب الثقافة المؤسسية مفاهيم شراكة في إعداد هذا النظام، كانت من الأسباب التي دفعت المستثمرين في القطاع الخاص لرفضه، ويعتبرون بأن الإشراف الكامل على المدارس الخاصة الذي تقوم به الوزارة كاف، لتقديم تعليم متميز، بخاصة أنها تدرس المناهج التي تدرسها المدارس الحكومية، وبعض المناهج الإضافية المقرة من مجلس التربية والتعليم.


ولفت أبو غزلة، إلى أن إقرار نظام لتصنيف المدارس، سيزيل العبء الثقيل الملقى على كاهل أولياء الأمور باختيار المدارس، علما بأن أولياء الأمور يختارون لأبنائهم مدارس وفق معايير علمية وغير علمية، لكنها قد تشكل أساسا للتصنيف، فمثلا هناك من يختار المدرسة وفقا للمنهاج الذي يدرس للأبناء، أو وفقا للرسوم المدرسية وتوفير المواصلات، وقرب المدارس، وسمعتها، وطبيعة المنهاج أكان دوليا أو وطنيا، وغيرها، معتبرا بأن هذه المتغيرات جميعها، تتقاطع مع معايير التصنيف المدرسي الذي يلعب دورا أساسيا بتحديد الرسوم.


وأوضح ان هذا التصنيف سيمكن الدولة والوزارة المعنية من وضع اطار علمي لتحديد الرسوم، بحيث تحدد فيه قيمة الرسوم والشروط اللازمة لطلب رفعها في ضوء نتائج التقييم التي تحصل عليه، والمرتبط بجودة اداء المدرسة، وبهذه الطريقة يمكن المحافظة على حقوق الطلبة وأولياء أمورهم والمستثمرين في قطاع التعليم الخاص.


ورأى أن إعادة إحياء موضوع تصنيف المدارس العامة والخاصة اصبح ضروريا، ويجب أن يكون ممنهجا في نطاق سياسات وعمليات الوزارة، وأن ينفذ من جهة محادية، فالأمر يتعلق بتحسين جودة مخرجات النظام التعليمي، لذا أعتقد بأنه من المهم أن يطور نظام لإطار مرجعي مبني على معايير تقويمية علمية للتصنيف، بمشاركة المعنيين، بحيث يقيس هذا الإطار مدخلات ومخرجات المنظومة التعليمية في المدارس، وقياس درجة كفاءتها وتأثيرها في مواصفات المخرج التعليمي.


وأكد أن تصنيف المدارس يجعل التعليم فيها تحت المجهر، ووفق معايير علمية وتربوية تطال عناصر المنظومة التعليمية في المدرسة، وتكون قادرة على قياس مدى جودتها، ودرجة أو مستوى تصنيفها، وسيساعد أولياء الأمور على اختيار المدرسة المناسبة لأبنائهم وفق التصنيف الذي حصلت عليه.


كما سيساعد نظام التصنيف، بحسب ابو غزلة، القائمين على إدارة النظام التعليمي في القطاعين العام والخاص، على تقديم الدعم للمدارس التي تحتاج لتحسين مدخلاتها وعملياتها للارتقاء بجودة التعليم في هذه المدارس، ونشر ثقافة التقييم الذاتي لدى القائمين على إدارتها وعامليها، وعندها ستتمكن إدارة المدارس من وضع خريطة للتطوير التربوي والتعليمي في مدارسهم وتحقيق التنافس الإيجابي بينها، بالاعتماد على معايير وطنية ودولية، تكون الأساس في الحكم على نوع التعليم المقدم.


واعتبر ان التصنيف يجب أن يتبعه نظام للاعتماد المدرسي على المستويات المختلفة، لأنه يتقاطع معه وهدفه الارتقاء بالعملية التربوية، كما أن الاعتماد يجب أن يمر بتحديد الإجراءات الأولية التي تطور أداء المدرسة، لتصبح في المستوى الأفضل وطنيا أو اقليميا أو دوليا، لافتا الى أن الاعتماد يمنزلة عقد مكتوب بين المدرسة والجهة المشرفة عليه، حكومية أو خاصة أو محلية او دولية، ومع وأولياء الأمور والطلبة، وفيه توضح الخدمات التعليمية التي ستقدمها المدرسة للطلبة، بناءً على المعايير التي وضعتها أو ألزمت نفسها بتنفيذها، وفق الاعتماد الذي حصلت عليه من جهة متخصصة.

اقرأ المزيد :