هل يفضل نتنياهو حماس على عباس؟

هآرتس

عكيفا الدار - 2012/2/14

بعد العاصفة حول قبول السلطة الفلسطينية لليونسكو قبل نحو من شهرين، أمر الرئيس محمود عباس بتجميد طلبات قبولها لمنظمات اخرى للأمم المتحدة. يتبين ان عباس وعد الرئيس باراك اوباما بأنه لن يقيه حتى انتخابات الرئاسة ان يختار بين تصويت يغضب الناخب اليهودي وتصويت يغضب الناخب الفلسطيني. والمشكلة هي ان اوباما محتاج الى هدوء سياسي مطلق حتى انتخاباته في حين يحتاج عباس الى انجاز سياسي حقيقي حتى انتخاباته.اضافة اعلان
ان بنيامين نتنياهو هو الشخص الوحيد الذي يستطيع ان يُقدم السلعة اليهما. لكن الملايين التي يصبها صديقه شلدون ادلسون على خصوم اوباما يمكن ان تدل على ان نتنياهو لن يذرف دمعة اذا اضطر الى إخلاء البيت الابيض. ان رفض تجميد البناء في المستوطنات والافراج عن جميع الأسرى القدماء من فتح كما تم الاتفاق عليه في مؤتمر الشرم في 1999 يمكن ان يدل على انه لا يهمه ان تعرض حماس معسكر عباس باعتباره أداة فارغة في انتخابات قيادة السلطة ومنظمة التحرير الفلسطينية.
ربما يريد نتنياهو ان تفوز حماس لأنه لا محادثة مع سلطة ومنظمة مسلحة. أو انه لا يعلم ان حماس تبني قوتها على بناء المستوطنات. ولماذا يجب عليه ان يعلم كل شيء؟. فهو في الحاصل العام رئيس حكومة. وقد تبين له أمس فقط في الكنيست أنه لم يعلم كم هو خطير الوضع في أم الفحم فكيف يعلم ما هو الوضع في جنين؟.
ان رفض نتنياهو دخول تفاوض جدي على أساس حدود 1967 قضى على مبادرة الرباعية من ايلول 2011 التي كانت ترمي الى تجميد توجه الفلسطينيين الى الامم المتحدة. والموقف الذي عرضه المبعوث الاسرائيلي، المحامي اسحق مولخو، في المحادثات في الاردن وفحواه ان الضفة "ارض متنازع عليها" وليست "ارضا محتلة" أخرج الفلسطينيين عن اتزانهم. وصعب على دبلوماسيين اجانب رأوا الوثيقة الاسرائيلية ان يخفوا حرجهم.
ان فشل الرباعية لم يترك لعباس ردا على المستشارين الذين ضغطوا لإعادة حبة البطاطا الساخنة الى ساحة الامم المتحدة. فإذا لم توجد مفاجآت فسيضطر اوباما قبل الانتخابات في تشرين الثاني الى ان يقرر هل يعترف بحكومة فتح – حماس فيدعو الجمهوريين الى اتهامه بمفاوضة المسلحين أم يركض الفائز بجائزة نوبل للسلام برجليه ويهرب من مستنقعنا.
ان لمجموعة كبيرة من الاعضاء في الامم المتحدة وبخاصة من اميركا اللاتينية الناهضة، ولجنوب افريقيا والنرويج وسويسرا التي ليست هي اعضاء في الاتحاد الاوروبي، ان لها "بطنا مملوءة" على الرباعية. فزعماؤها يشتكون من ان الأمين العام للامم المتحدة بان كي مون ينجر وراء الاميركيين ولا يُجهد نفسه في استيضاح مواقفها. وقد استقرت آراؤها على العمل على توسيع الرباعية لتصبح خُماسية وعلى فتح قناة مباشرة لمنظمات سلام اسرائيلية وفلسطينية. وقد بدأت رئيسة الارجنتين، كريستينا كيرشنر الخطوة الاولى ودعت مندوبين عن نادي منظمات السلام الى بونس آيرس. وقد بُشروا في اللقاء معها في نهاية الاسبوع بأن وفدا من وزراء الخارجية من المنطقة يخطط لزيارتنا في الأيام القريبة. فإذا لم يأت الخلاص من اميركا الشمالية فإنه يصعب ان نصدق ان يأتي من الجنوبية.
سلب بموافقة المحكمة العليا
قضى واحد من القرارات الاخيرة التي خلفتها رئيسة المحكمة العليا دوريت بينيش بأنه يحل لإسرائيل لا ان تبني بيوتا على ارض محتلة فقط بل ان تستعمل ايضا مقالعها لبناء بيوت في اسرائيل والمستوطنات. ففي قرار الحكم الذي صدر في الاستئناف الذي رفعته منظمة "يوجد حكم" كتبت بينيش ان وقف عمل المقالع قد يفضي الى أضرار بالبنى التحتية القائمة وبفرع المقالع الذي يُدخل في خزينة المستعملين الاسرائيليين عشرات ملايين الشواقل كل سنة. وقد قبلت دعوى الدولة ان المقالع مصدر رزق لمئات الفلسطينيين وأن الأرباح المدفوعة الى الادارة المدنية تستعمل للإنفاق على مشروعات لمصلحة السكان كافة. وذكرت بينيش ان جزءا كبيرا من منتوجات المقالع تباع من الفلسطينيين و"مستوطنين" اسرائيليين.
يزعم المحاميان ميخائيل سفراد وشلومي زخاريا اللذان يمثلان "يوجد حكم" أن سُنة المحكمة العليا الجديدة تُمكّن في الواقع من سلب الموارد الطبيعية في ارض محتلة. وبإزاء المعنى المبدئي لقرار الحكم استقر رأيهما على طلب مداولة اخرى بتشكيلة أوسع. وضُم الى الطلب رأي استشاري منقطع النظير كتبه بتطوع بعض من الخبراء ذوي الشأن في مجال القانون الدولي في الاكاديميا وهم: الدكتور غي هرباز، والبروفيسور يوفال شني، والبروفيسور إيال بنفنستي، والدكتور عميحاي كوهين، والدكتورة ياعيل رونين، والبروفيسور براك مدينه والبروفيسور آرنا بن نفتالي.
يزعم خبراء القانون السبعة ان المحكمة العليا فسرت أحكام الاحتلال تفسيرا مخطوءا وهي الأحكام التي تتعلق بصلاحيات المحتل ان يدير أملاك الجمهور في الارض المحتلة. وقالوا ان قرار الحكم لا يخالف فقط المبادئ الأساسية للقانون الدولي بل يخالف سُنة سابقة راسخة منذ ثلاثين سنة للمحكمة العليا تتعلق بأحكام الاحتلال. وهم يؤكدون ان استمرار الاحتلال خاصة – وهو دعوى علقت عليها المحكمة العليا بقرارها الجديد صلاحيات المحتل – يوجب الحرص على ان تنبع قرارات القائد العسكري فقط من تقديرات أمنية ومن الحاجة الى حماية الاملاك العامة للسكان الواقعين تحت الاحتلال. ومن المؤكد انه ليس في استمرار الاحتلال ما يُسوغ كسب أرباح منه من اجل مواطني الدولة المحتلة.
سيكون من المثير ان نتابع قرار الرئيس الجديد آشر غرونس، في هذه القضية المهمة.