هل ينجح مشروع "الانتخاب" في تكريس سلوك انتخابي جديد؟

أحد اجتماعات اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية-(أرشيفية)
أحد اجتماعات اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية-(أرشيفية)

موفق كمال

عمان - "ما النموذج الديمقراطي الأردني الذي نريد؟" كان هذا جوهر وهدف عملية المخاض الذي عاشته اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية طيلة الفترة الماضية قبل أن تختتم أعمالها وتسلم تقريرها إلى جلالة الملك عبدالله الثاني أمس.

اضافة اعلان


وأسفر النقاش بين أعضاء اللجنة التي مثلت مختلف الأطياف السياسية والفكرية والقطاعات عن مشروعين لقانونين جديدين للانتخاب والأحزاب، وتعديلات دستورية متصلة حكما بالقانونين وآليات العمل النيابي، إضافة إلى توصيات متعلقة بتطوير التشريعات الناظمة للإدارة المحلية، وتوسيع قاعدة المشاركة في صنع القرار.


وكان التحدي أمام اللجنة تكريس الفرادة وتجسيد الخصوصية الاردنية في صوغ المسار الديمقراطي الوطني، والأخذ في الاعتبار مستويات التطور الاجتماعيّ والاقتصاديّ للاردنيين، بعد أن أثبتت الأدبيات السياسيّة المعاصرة أنّ الفشل هو مصير "النَّسْخ الكربونيّ" للتجارب الديمقراطيّة، فالديمقراطيّات ليست وصفات يمكن أن تُستورَد من الخارج.


ولتحقيق النجاح لهذا المشروع، كانت الضمانة ملكية بامتياز منذ بدء العمل وصيرورته ونتائجه، لإحداث نقلة نوعية في الحياة البرلمانيّة والحزبيّة، وعلى نحوٍ يضمن التأسيس لحياة برلمانيّة وحزبيّة فاعلةٍ وقادرةٍ على إقناع الناخبين بطروحاتها، وقادرةٍ كذلك على التخلُّص من تشوهات الماضي البعيد والقريب التي ألَـمّت بالعمل الحزبيّ والبرلمانيّ.


ويمثل قانونا الانتخاب والأحزاب السياسية رافعتين أساسيتين ومفصليتين في مسيرة الأردن الديمقراطيّة، لذلك كان مدار البحث في غالبيته من قبل أعضاء اللجنة من نصيب هذين القانونين والدخول في نقاشات تخلو من المجاملة او المواربة في محطات مهمة في مسيرة التحديث السياسية.


لذلك، انصب النقاش على قدرة مشروع قانون الانتخاب الجديد في تغيير سلوك الناخب ليصبح على أساس برامجي، وانعكس هذا الهدف في نحو 74 اختلافًا ضمها المشروع الجديد عن قوانين الانتخاب السابقة، بهدف تعزيز الهوية الوطنية الجامعة، وتعزيز مشاركة أوسع للمرأة والشباب انتخابًا وترشُّحًا، وترسيخ استقلالية الهيئة المستقلّة للانتخاب، ومراعاة مبدأ التدرُّج للوصول إلى النموذج المطلوب في المنظومة الانتخابية.

والقانون المقترح مختلف عن سابقيه من القوانين من حيث الشكل والمضمون فهو مخصص للأحزاب، وللتمثيل المحلي، ويدعم مشاركة المرأة والشباب، ويحفظ تمثيل (المسيحيين والشركس والشيشان) كمكون من المجتمع الأردني.


ويحمل القانون في طياته عقوبات مغلظة مرتبطة بالمال الفاسد، ويعبر عن تطلعات قوى وتيارات حزبية وسياسية ومجتمعية، كما أن القانون المقترح سيأخذ الأردن إلى خطوات إصلاحية تقدمية وضعته مجموعة متنوعة سياسيًا ومجتمعيًا يمثلون جميع الأطياف السياسية، وهذه الركيزة الأساسية التي يمكن البناء عليها.

واتسع النحت في مشروع القانون الجديد، ليشمل الدوائر المحلية باتجاه التوسيع بهدف ترسيخ الهوية الوطنية، وأنشأ مشروع القانون الدائرة العامة على المستوى الوطني، وهي مخصصة للأحزاب، التي ستعزز من خلال القوائم الوطنية العملَ الرقابيَّ والتشريعيَّ للنواب، بسبب عدم ارتباطهم بتوفير الخدمات على المستوى الجغرافيّ الضيّق، كما ستعمل الدائرة العامة على تطوير الآليات الوطنية في إنتاج النخب السياسية الجديدة التي تعمل على أساسٍ برامجيّ، الأمر الذي من شأنه أن يسهم في تطوير الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية.


كذلك منح المشروع الجديد للناخب صوتين، يسهمان، مع توسيع الدوائر المحلية، في حماية المكتسبات الوطنية التي تحقّقت، كما ستسهم في تطوير آلية اختيار المترشحين من قِبَل الناخبين، الأمر الذي يعمل على تطوير السلوك الانتخابي وتوجيهه نحو التركيز على المصالح والكفاءة.

وتناول مشروع القانون الجديد، الذي لم يشارك فيه أي من السلطات الثلاث، أيضا، النظام الانتخابي الجديد وما تضمّنه من تدرُّج يتيح للمواطنين اختيار المترشّحين على أسس برامجية وفكرية، سيفضي إلى إنهاء العمل بنظام الكوتا وفتح الدوائر المغلقة.


واعتمد مشروع القانون نظاما انتخابيا مختلطا يشتمل على مستويين من التمثيل؛ الأول وطني ويسمى: الدائرة العامة، والثاني محلي ويسمى: الدوائر المحلية، فيما تقسم المملكة إلى 18 دائرة انتخابية محلية ودائرة عامة واحدة، ويتشكل مجلس النواب من 138 مقعدا.
ويحفز القانون الجديد أيضا، مجلس النواب على التوجه نحو كتل برلمانية حزبية وازنة وفاعلة تقوم بدورها التشريعي والرقابي، وهذا من شأنه أن يرسخ مفهوم الكتل البرامجية المعارضة.