هنادي وإيمان.. سنوات من التشرد والمعاناة (فيديو)

منزل الشقيقتين هنادي وايمان-(الغد)
منزل الشقيقتين هنادي وايمان-(الغد)

حابس العدوان 

في قصة معاناة طويلة، تجاوزت فصولها حدود الدراما وخيال كتابة السيناريوهات الحزينة، لتتخطى حتى تفاصيل الألم، وتذهب إلى أبعد من معاني الحرمان، هي أكثر من هذا وذلك، هي تجسيد حرفي لسنوات التشرد وغياب الرعاية وافتقاد الحنان لتكون حياة للبؤس بكل ما تحمله الكلمة من معنى.

اضافة اعلان


بعمر الخمس سنوات، بدأت هنادي أولى رحلات التشرد، ما بين منزل اختها الكبرى إلى أن انتهى بها المطاف بغرفة من "الزينكو" ببيت خالتها، لتجتمع فيها مع اختها التي عانت هي الأخرى من التشرد.


حكاية "هنادي 25 سنة وايمان 45 سنة" بدأت بعد وفاة والدتهما وزواج والدهما بأخرى، فما بين افتقاد الرعاية والسند، تاهت بوصلتهما لتفترقا لمدة ثمانية عشر عاما قضتهما ما بين منزل الأخت الكبرى والعم، إلا أن ظروف الحياة القاسية وازدياد الأعباء على الأسرتين دفعتهما إلى التخلي عن رعاية الشقيقتين لتجدا نفسيهما بلا مأوى ما دفع بخالتهما إلى بناء غرفة من الطوب وألواح "الزينكو" والأخشاب والأقمشة كمسكن لهما في محاولة لوقف حالة اللامأوى وغياب المعيل، وغموض القادم.


تقول هنادي التي فاضت بها مشاعر الحزن واليأس "الأوضاع المعيشية سيئة للغاية، فإن تجد نفسك عاجزا حتى عن توفير لقمة العيش والاعتماد على غيرك أمر يبعث الحسرة والألم في النفس"، مضيفة "أعيش وأختي إيمان سنوات من الفقر والحرمان في غرفة هي أشبه بمستودع تخزن فيه الأشياء غير المفيدة".


وتتابع هنادي في وصفها لمسكنها "مع بدء هطول الأمطار تفاجأنا بأن ألواح الزينكو هي أيضا عاجزة عن حمايتنا من المياه التي تتقاطر على الفراش ما يجبرنا اللجوء إلى إحدى زوايا الغرفة التي لا تزيد مساحتها على 10 أمتار مربعة لنحمي أنفسنا من المطر" مشيرة إلى "أنها واختها تعيشان معاناة لا يمكن وصفها نتيجة الخوف والجوع والبرد الذي ينخر عظامهما ليلا".


وتوضح أيمان "أن والدهما المريض الذي يناهز الثمانين عاما يقطن في بيت متهالك آيل للسقوط ويتقاضى راتبا من المعونة الوطنية لا يتجاوز 50 دينارا الأمر الذي لا يسعفه ان يقدم لهما أي شيء، ما دفعهما الى السكن في غرفة ملحقة ببيت الخالة"، لافتة إلى "أنها (أي الخالة) لديها عائلة وأطفال وتكاليف أسرة ومنزل، ما يحد من قدرتها على الانفاق عليهما بشكل مستمر خاصة وأنها تعاني من أمراض عدة وبحاجة لعملية جراحية للغدد".


وتضيف، "نفتقد لأدنى مقومات العيش، صحيح أننا نأكل معا طعام العائلة أو مما يجود به المحسنون، إلا أننا كفتاتين لدينا احتياجات كثيرة من ملبس ومأوى ملائم واحتياجات خاصة، ناهيك عن غياب وسائل تدفئة تخفف من برودة الغرفة ورطوبتها".


وتشير إلى أن معاناتهما في الصغر وحرمانهما من التعليم ابقاهما رهن الجهل والأمية ما حرمهما من الحصول على فرص عمل لعدم اجادتهما القراءة والكتابة، مبينة "ان اختها هنادي تزوجت لمدة ستة أشهر ثم تطلقت، الأمر الذي فاقم من اوضاعهما المعيشية والاجتماعية".


اما خالتهما ام عمران فتقول "إن الفتاتين تعيشان أوضاعا صعبة خاصة على المستوى النفسي كونهما تشعران انهما عالة على الآخرين وليس بمقدورهما فعل شيء"، موضحة "أنها ومنذ تسعة أشهر تكفلت بهما وقمت ببناء غرفة ملحقة ببيتي لتوفير مأوى لهما بما توفر من إمكانات مادية".


وتضيف "أنها تقوم برعاية الفتاتين وتوفير المأكل والمشرب وما تستطيع توفيره من احتياجات أخرى حسب إمكانات العائلة المادية لانها هي أيضا لديها عائلة وأطفال ولديهم احتياجات كثيرة"، لافتة الى "أن اخوالهما ساعدوا بتأمين قطعة أرض لبناء مسكن دائم وملائم لهما إلا أن الإمكانات المادية تحول دون ذلك".


وعودة لهنادي التي تحمل في قلبها التسليم بقدر الله والخوف على اختها المريضة فأنها تقول "أعلم أن هناك الكثير من الفقراء والمعوزين، إلا أن الألم والحسرة لا يشعربها سوى من يعيشها"، متمنية "ان يكون لهما مأوى ملائم يوفر لهما قليلا من الطمأنينة والسكينة ومصدر دخل يدفع عنهما شبح الخوف مما تحمله الأيام".

اقرأ المزيد :