هناك في غزة

سنكتب مجددا عن همجيتهم، عن فاشيتهم، عن عنجهيتم، عن إجرامهم، فهم يريدوننا أقلها أن نتوقف عن الكتابة، نتوقف عن متابعة أخبار المجازر التي ترتكبها قوات الاحتلال الصهيوني ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، وعن احتلالهم للأرض وقتلهم للبشر.اضافة اعلان
هم يريدوننا حتى أن نتوقف عن عد الشهداء، نتوقف عن الحديث عن القضية، الحديث عن النكبة الفلسطينية، عدم تذكر وجود أهل أصليين لكل القرى الفلسطينية التي هدمها الفاشيون الصهاينة عام 1948.
هم يعتقدون أن مصافحة هذا العربي وزيارة تلك العاصمة، ومرور طيرانهم فوق تلك الدولة ووجود ناعقين يؤيدونهم شرقا وغربا، عربا وعجما، قد ينسينا القضية، وأن نكون  كما شعوب أخرى نمر عن اعداد الشهداء مرور الكرام، لا؛ فنحن في الاْردن لسنا كذلك ونرفض ان نكون، فالشهيد الذي يرتقي في غزة أو الضفة تشعر به عمان والكرك والسلط وعجلون، كما يشعر به سكان البقعة والوحدات وجرش، والألم الذي تزرعه كل طلقة صهيونية في رفح أو خان يونس يسمع صداها هنا في الاْردن، وما يعانيه الناس غرب النهر يرتد صداه شرقا.
الكيان الصهيوني يعتقد جدلا أن خطوط التواصل التي فتحها، والحماية الدولية التي يوفرها له ساكن البيت الأبيض في واشنطن يجعله أقوى بطشا، ويتركه يفعل ما يشاء وقتما شاء، ويضعف مقاومة شعب بات مجبولا على مقاومة الاحتلال والتصدي لغطرسته بصدور عارية تارة، وبمعدات أولية تارة أخرى.
الحقيقة المستقرة لدى الكيان الصهيوني وقادته أن جذوة المقاومة لن تكسر طالما بقي الاحتلال في الأرض المحتلة، وطالما ولد طفل فلسطيني لجأ أهله من قريته العام 1948 وما يزال مزروعا في يقينه أن الأرض أرضه، والشجر والبحر له، وأن هناك من شرد أهله وجدوده من بلادهم، وأسكنوا بدلا منهم محتلين استقدموهم من أصقاع العالم.
في غزة، كما في فلسطين المحتلة العام 1948، وفِي جنين والخليل والقدس ونابلس يقين ان الظروف وإن انقلبت، والنفوس العربية وإن تغيرت، والموازين الدولية وإن تبدلت، سيبقى الحق واضحا، وستبقى الأرض يوميا تنجب أبطالا يضحون بحياتهم لإدامة نبراس قضيتهم، ورفع علمهم، وإقامة دولتهم المستقلة على تراب أرضهم المحتلة، أولئك لا يعنيهم إن فتحت عواصم عربية أحضانها لإرهابيي الاحتلال، أو نطق بعض الأعراب انتصارا للكيان أو دعما له، أو غرد البعض الآخر ضد حق واضح دفع شعب بأكملة من دمه الاف الشهداء للوصول الى حقه بالحياة.
أرتقى الشهداء في غزة خلال الأيام الماضية، وكل يوم سترتقي دفعة جديدة من الشهداء لباريها، ويوميا ستضاعف قوات الكيان الصهيوني همجيتها وعدوانها، ولكنها لن تستطيع أبدا وإن تغيرت المعادلات أن تزحزح طفلا فلسطينيا عن أرضه ولن تستطيع قوة النيران التي تقصف غزة يوميا إقناع أهل القطاع وكل فلسطين رفع الراية البيضاء، والتسليم بالواقع العربي والغربي الصامت عن حق شعب في الحصول على استقلاله، وإقامة دولته المستقلة.
حاليا، لا يوجد ما تخسره غزة ولا سكانها، ولن يلتفت من اختار المقاومة طريقا له لتحقيق هدفه والوصول لاستقلاله وكنس المحتل، لن يلتفت لتصريحات وإدانات العرب والغرب المستهلكة، التي بات يعرفها عن ظهر قلب، ولن ينتظر أن تجتمع الأمم المتحدة لوقف العدوان، وهو يعرف أن ذات المنظمة التي أصدرت قرارات مختلفة ضد وجود الكيان الصهيوني دون أن تمتلك القدرة على تنفيذ أي منها؟
هذا الشعب سيبقي المقاومة في وجدانه، ولن يكترث أبدا للأوصاف التي يطلقها البعض على مقاومته، فهو يعرف أن وجود المحتل يعني الدفاع عن الأرض بكل الوسائل المتاحة، وستبقى كل التوصيفات الأخرى تفاصيل لا تقنعه ابدا.