"هوامش" في عمان.. مبادرة شبابية للتنوير بالقراءة والحوار

Untitled-1
Untitled-1

عمان - لا شك في أن من يتابع الإحصائيات الصادرة في تقارير منظمة "اليونيسكو" ومراكز الدراسات المهتمة بالتنمية الثقافية والمطالعة وطباعة ونشر الكتب في البلاد العربية، ستنتابه الصدمة عندما يعرف أن متوسط قراءة الفرد العربي لا يتعدى 6 دقائق في العام.اضافة اعلان
هذه الأرقام تؤكد وجود أزمة كتاب ونشر وأزمة قراءة أيضا، وهي أزمات تعاظمت في ظل تنامي الفضائيات وانتشار وسائل التواصل الاجتماعي، وإقبال الشباب المحبط على ارتياد المقاهي، إضافة إلى ارتفاع أسعار الكتب المطبوعة، في ظل أزمة اقتصادية تعيشها معظم البلاد العربية.
من قلب هذا الواقع، ومن داخل "مقهى أرسطو" في جبل اللويبدة بعمان، خرجت مجموعة مكونة من ثمانية شباب من أعمار متقاربة بفكرة تحمل دعوة جادة لإحياء هواية المطالعة وقراءة الكتب ومناقشتها، رغم أنهم يحملون أفكارا وقناعات قد تختلف أو تتقارب.
وعن ظروف ميلاد هذه المبادرة، تقول علا الشريف، وهي واحدة من المؤسسين، "نحن مجموعة من الأصدقاء الشباب نؤمن بالتعددية التي قد تغني التجربة، بل إن ما يميز تجمعنا أننا مختلفون في توجهاتنا لكننا نلتقي في مقهى "أرسطو" للسمر ولعب الورق والنقاش حول قضايا عديدة منها قراءة الكتب".
هذا النقاش قاد لولادة فكرة مناقشة كتب فكرية وفلسفية وروايات منتقاة، واتفق المؤسسون على مبدأ التعددية، وكانت "هوامش" مساحة لكل المهتمين لتنتقل إلى مؤسسة عبد الحميد شومان التي رحبت بالفكرة وقدمت المكان.
وتمت إلى الآن مناقشة تسعة كتب منها "من النهضة إلى الردة" لجورج طرابيشي، و"خارج المكان" للكاتب إدوارد سعيد، ورواية "طائفة الأنانيين" لإيريك إيمانويل شميت.
وسميت هذه المبادرة باسم هوامش لأنها مشتقة "من معاني الهامش: التعليق والإضافة، ويكفينا الهامش لنقول رأينا فيه"، وفق ما تقول ليلى حديدون.
أما عن كيفية اختيار الكتب ومناقشتها، فتوضح ليلى "إن جيلنا يبحث في طيات كتب فلسفة التنوير في أوروبا، وكتب بواكير النهضة العربية في القرن التاسع عشر، لإيجاد إجابة عن سؤال ملّح هو كيف ننهض وكيف نخرج من عنق الزجاجة والإفلات من براثن التخلّف وبالتالي تحرير الأرض والإنسان؟".
الجزيرة نت شاركت في حلقة نقاشية تناولت رواية عبد الرحمن منيف "حين تركنا الجسر"، ورصدت طريقة العرض وكيفية إدارة الجلسة ونجاح المنظمين في اجتذاب الشباب. وقد بدأت هذه الظاهرة تتوسع وتنتشر بين أبناء جيل الشباب في الأردن، وصار لها من يشجعها، بل إن أعداد التجمعات الشبابية لمناقشة الكتب الأدبية والنقدية تتزايد.
ويقول أحد الشباب الذين حضروا معظم الحلقات إن "هوامش" تشكل نموذجا يرفع قيمة الحوار باعتباره مصنعا كل جديد ومحركا لكل قديم، كما أنها تعطي للنص روحا وتعزز مهارات الحوار وتبادل الأفكار وتقبل الآراء.
ساحة فكرية
ويضيف الشاب رشيد أن "هوامش" ساحة فكرية حرة ممتعة، لا تتبنى فكرا ولا رأيا موجها، مما يجعلها مناسبة لمسميات عدة من مثل "عائلة هوامش الفكرية"، لما يشعر بهِ الحضور من انسجام وتناغم بين مرتاديه، رغم اختلاف آرائهم واتجاهاتهم.
أما مدرسة الآداب الدكتورة ريم مرايات التي حضرت اللقاءات النقاشية ويرافقها طلابها، فتقول إن "هوامش" تجربة فكرية تأخذ صفة شبابية رائدة ومؤثرة، وتساعد على نشاط الحركة الثقافية والتواصل بين المثقفين وتعزيز التفكير الناقد، كما أنها تؤسس لبناء الديمقراطية وتعمّق قيمها الرفيعة وتؤصلها في حياتهم وفي المجتمع عبر الحوار واحترام الاختلاف.
وبحسب ريم فإن هذه التجربة تكسر حدة الروتين والملل والفراغ الذي تعاني منه فئة عريضة من الشباب وتضعهم في مواجهة قضايا عصرهم، حين يناقشون القضايا والمشكلات التي تناولها الكتاب، بوصفها قضاياهم ومشكلاتهم، وتتيح لهم فرصة الاطلاع على الآراء المختلفة عبر تعدد وجهات النظر.- ( الجزيرة نت)