هوس نتنياهو

هآرتس

أسرة التحرير

بنيامين نتنياهو هو فقط واحد من رؤساء الوزراء الذين عالجوا تهديد السلاح النووي الإيراني منذ بداية التسعينيات. يتسحاق رابين، إيهود باراك، أريئيل شارون وإيهود اولمرت انشغلوا بالمسألة وكذا رؤساء أذرع الأمن والاستخبارات في إسرائيل. ورغم ذلك، لم يرفع أي منهم إيران إلى رأس قلقه بهتافات النجدة ونبوءات الخراب لدرجة المس بذخائر حيوية أخرى، بما فيها العلاقة بين القدس وواشنطن. اضافة اعلان
موقف بنيامين نتنياهو من إيران لا يتميز بالثبات، بل بالهوس الذي يخرب المصلحة الإسرائيلية. وقد بلغ هذا السلوك ذروته في قضية خطاب نتنياهو في الكونغرس الأميركي في شهر شباط رغم معارضة الرئيس الأميركي، مما فاقم حتى الدرك الاسفل العلاقات بين حكومة إسرائيل والادارة الأميركية، وفي نهاية المطاف عزل إسرائيل عن دائرة الشراكة في المشاورات في موضوع الاتفاق مع إيران.
لقد وضع البلاغ عن توقيع الاتفاق في فيينا أمام نتنياهو خيارا: الاعتراف بالحقائق، التكيف مع الوضع المتشكل واستخلاص المنفعة لإسرائيل من ذلك، او الاصرار على تحطيم الحائط بنطحها. واختار نتنياهو البديل الثاني الذي يعني مواجهة جبهوية مع براك أوباما وجولة أخرى من محاولات النبش في السياسة الأميركية، بما في ذلك محاولات التجنيد ضد أوباما في اوساط خصومه الجمهوريين وشركائه الديمقراطيين. لقد شن نتنياهو حربا على أوباما في بيته، رغم الفشل الواضح لهذا التكتيك.
لا أساس لادعاء نتنياهو بأنه يعلّم العالم التاريخ. فتقديراته السابقة بشأن تحقق الخطر الإيراني تبددت. وقبل خمس سنوات فقط عارض العقوبات التي يصف رفعها اليوم كـ "خطأ تاريخي". ولو كان حصل على مبتغاه في حينه، وتلقت المنشآت النووية الإيرانية قصفا، إسرائيليا كان أم أميركيا، لكانت هذه المنشآت قد ترممت وإيران باتت أقرب اليوم من الوصول إلى سلاح نووي.
لقد حقق اتفاق فيينا عقدا على الأقل من الاعفاء من رعب النووي الإيراني، إن لم يكن من الرعاية الاستخبارية لما يجري في إيران ومن اعداد الادوات لحملة كشف الخدعة الكبيرة والانطلاق نحو قدرة عسكرية. هذا العقد تعتزم إيران استغلاله لإعادة بناء اقتصادها وتلبية احتياجات سكانها. إسرائيل هي الأخرى ينبغي لها ويمكنها أن تفعل ذلك، ولكن قيادتها السياسية تواصل الوقوف حاجزا في وجه استغلال المهلة لتوجيه الاموال الامنية في صالح اهداف مدنية وتحقيق تسوية سياسية مع الفلسطينيين أيضا. ويدور الحديث أساسا عن نتنياهو ووزرائه، ولكن لشدة العار عن رئيسي المعارضة اسحق هيرتسوغ ويائير لبيد أيضا ممن يكرران وراءه شعار "اتفاق سيء". هما أيضا، مثل نتنياهو، لا يشخصان الفرص للانعطاف الذي ينطوي عليها الاتفاق.