وادي الأردن: الصقيع يفقد سيدات فرص عملهن

مزروعات تالفة بسبب الانجماد في إحدى مزارع جرش - (الغد)
مزروعات تالفة بسبب الانجماد في إحدى مزارع جرش - (الغد)

علا عبد اللطيف

الغور الشمالي - لم تكتف تأثيرات الصقيع والانجماد بإصابة المزروعات في وادي الأردن بالتلف، وتكبيد المزارعين خسائر كبيرة في محاصيلهم، بل تعدته أيضا، لتلقي بظلالها على أوضاع العاملات في القطاع الزراعي، اللواتي تعطل أغلبهن عن العمل، نتيجة تلف المحاصيل.اضافة اعلان
وتضيف هذه الأوضاع الصعبة للعاملات في الوادي الذي يرزح غالبية قاطنيه تحت خط الفقر، أعدادا جديدة من الأسر المحتاجة، في ظل شتاء قاس، وأحوال جوية واقتصادية صعبة.
وقالت عاملات توقف عملهن في المزارع المنتشرة في لواء الغور الشمالي، بسبب دمار الموسم الزراعي، بعد ان ضرب الصقيع، أجزاء كبيرة منه، أنهن لم يعدن قادرات على تدبر أوضاعهن، لافتات الى أن عملهن بالمياومة، انقطع، ولا يوجد لهن مصادر دخل أخرى، تمكنهن من تجاوز هذه الظروف بأي شكل من الأشكال.
ولفتن إلى أن عددا كبيرا من نساء الأسر الغورانية، يتجهن الى العمل في المزارع، كعاملات مياومة، للمساهمة بإعالة أسرهن، لافتات الى أنهن عادة ما يعتمدن على تغطية اجزاء من التزاماتهن، بالعمل في هذا الموسم بقطاف الحمضيات والخضراوات، لكن الصقيع أحبط عملهن، وأقعدهن في بيوتهن، لان أصحاب المزارع اكتفوا بالعمال الوافدين لجني ما لم يتلف من المحاصيل، بذريعة أن أجور العمالة الوافدة زهيدة.
العاملة الزراعية فاطمة الحمد، أشارت الى أنها لم تتردد في قبول أي عمل في القطاع في المواسم السابقة، وأحيانا بأجر زهيد وفي ظروف جوية مختلفة، باردة أو شديدة الحرارة، من أجل إعالة أسرتي.
ولفتت الى أن حياتها في هذا الموسم تعطلت، فأصحاب المزارع لم يعودوا بحاجة لنا، لان محاصيلهم تعرضت للتلف، وان ما بقي منها سليما، يترك العمل فيه للعمالة الوافدة، الى جانب عملهم في اقتلاع التالف من المحصول.
وأشارت الى أنها كانت تتطلع الى أي عمل، وبأجرة معقولة، لتتمكن من تدبير أمورها، لكن الأمر خرج من يدها، وأصبح في يد المزارعين والعمال الوافدين.
وتقول العاملة الزراعية علياء خالد، إنها تعمل من أجل أبنائها الأيتام، لسد رمقهم بأدنى المتطلبات، مشيرة الى أنه يترتب عليها ايضا تسديد قروض وإيجار منزل وفاتورتي الكهرباء والماء، وغيرها من الالتزامات.
وأوضحت أن معاناتها تزداد مع توقف عملها الذي كان يوفر لها مصدر دخل لعيش كريم، مضيفة أنها ومئات النساء في اللواء، سيجبرن على الانتظار والتريث، لحين بدء الموسم الجديد أو الانتهاء من موجة البرد والصقيع، برغم أنهن بحاجة للعمل لتوفير الدفء لمنازلهن، لاسيما وأن أزواجهن أيضا يعانون من فقدان وظائفهم، جراء الإغلاقات المتكررة بسبب جائحة كورونا.
واضافت العاملة الزراعية عائشة حمد، أنه وبرغم أن العمل في القطاع، لا يوفر أي حماية اجتماعية (تأمين صحي، ضمان اجتماعي) ولا يلبي احتياجات أسرهن، إلا أنه الوحيد المتاح أمامهن، في ظل انعدام أي منافذ عمل أخرى في اللواء.
ودفع الصقيع أسرا عاملة، الى التوجه والبحث عن مصدر للحصول على مساعدات مالية او عينية لمواجهة الفقر والبرد، موضحة أن البرد الذي تعرض له اللواء لم يسبق وان تعرض له منذ عقود.
وأشارت الى أن ما يواجه العاملات الزراعيات في اللواء من مشاكل خلال عملهن في القطاع الزراعي، هو انتفاء أي شكل من أشكال الحماية العمالية والاجتماعية والصحية لهن، مؤكدة أن عملهن بالمياومة، أي أنه لا يوجد استقرار وظيفي لهن، لان هذا العمل يخضع لحاجة صاحب العمل في الموسم، ويتوقف عملهن نهائيا مع نهاية الموسم.
واضافت عاملة أخرى رفضت الكشف عن اسمها، أن عدم وجود مشاريع تنموية لتشغيل المتعطلين عن العمل، يشكل عقبة حقيقية أمام فتيات اللواء، وغالبا ما يؤدي إلى حرمان أبنائهن من الحصول على الخدمات الصحية والتعليمية الفضلى.
وأوضحت أن انتشار البطالة بين الشباب، رفعه من تفاقم الظواهر والآفات الاجتماعية والتي لم تكن موجودة في اللواء سابقا كانتشار تعاطي المخدرات وتناول الكحول، ناهيك عن الأعمال المخلة بالآداب والجرائم.
مهتمون بالعمال الزراعيين، طالبوا الحكومة بأن تلبي وعودها في انعاش الاقتصاد الوطني، وتوزيع المشاريع الاستثمارية بعدالة على المحافظات، ما يمكن من توفير فرص عمل دائمة للنساء والفتيات في الوادي، من أجل الاستمرارية بتوفير المداخيل على مدار العام.
ويرى الناشط الاجتماعي خالد العربي، أن مشكلة العاملات الزراعيات تستوجب البحث عن بدائل كفيلة وقادرة على حل مشكلة المرأة في الأرياف، وخصوصا العاملات في الزراعة، والحد من استغلال أصحاب المزارع لهن، وتشديد الرقابة على المزارع، وإنشاء صندوق يشارك فيه المزارعون لتأمين الحماية الاجتماعية والصحية للعمال الزراعيين.
وأكد ضرورة إيجاد برامج لتمكين الفقراء والحد من الفقر، تأخذ على عاتقها إقامة مشاريع تنموية لتوفير فرص عمل، وتوجيه المؤسسات الإقراضية لدعم المشاريع الصغيرة للأسر الريفية بالتزامن مع معالجة مشاكل القطاع، كخفض كلف الإنتاج وتسهيل انسياب المنتجات إلى الأسواق التصديرية، والتوجه الى الصناعات التحويلية الغذائية.
وتبلغ مساحة الأراضي الزراعية في مناطق الوادي نحو 330 ألف دونم، تستفيد منها 11 ألف أسرة تعتمد في دخلها على العمل في القطاع، فيما يقبع أكثر من ثلثي سكان الوادي تحت خط الفقر، مع ارتفاع ملحوظ في نسبة البطالة، بخاصة بين الشباب.