وادي الأردن: الفقر يدفع بالمرأة للعمل الزراعي الموسمي دون حقوق عمالية - فيديو

xj60aaxb
xj60aaxb

حابس العدوان

الأغوار الوسطى – دفعت التحولات الاقتصادیة، التي أثرت بشكل كبیر على قدرة أرباب الأسر في توفیر الموارد المادیة لاعالة أسرهم المرأة لتقود زمام المبادرة، وتفرض نفسها كركيزة أساسية في إعالة الأسرة وتوفیر كلف العیش، وصنع مستقبلها من خلال عملها بالقطاع الزراعي.
وما يزال القطاع الزراعي الذي شهد تراجعا كبيرا خلال السنوات الماضية، يوفر الملاذ لآلاف النسوة اللاتي يجدن في العمل الفرصة للنهوض بالعائلة من خلال تحسين مدخولها الشهري، في حين بات القطاع يعتمد بشكل كبیر على عمالة المرأة، التي تعتبر الأفضل في عملیات القطاف والتدریج وغیرها من العملیات الزراعیة الضروریة، ولا یمكن الاستغناء عنها في عملیة الإنتاج الزراعي.

;feature=youtu.be
اضافة اعلان


ويجسد وادي الأردن، الذي يعتبر من المناطق الأشد فقرا على مستوى المملكة كل صباح أهمیة دور المرأة الریفیة في العمل جنبا لجنب مع الرجل، بل وفي بعض الأحیان تكون الركن الأساسي لإعالة الأسرة في منطقة ترتفع فیها معدلات الفقر والبطالة بشكل كبیر.
وتبدأ الثلاثینیة عایدة صلاح یومها بالقيام بواجباتها المنزلیة كأم، إذ تقوم بترتیب بیتها وإعداد طعام الإفطار لزوجها وبناتها الست اللاتي سیذهبن للمدرسة، قبل أن تذهب إلى العمل الذي أصبح جزءا من حیاتها الیومیة، قائلة إن "سوء الأوضاع المعیشیة دفعني والمئات من سیدات البلدة إلى العمل في القطاع الزراعي لمساعدة أسرنا على توفیر لقمة العیش الكریم".
وتوضح عايدة ان " الأوضاع المعیشیة الصعبة ومتطلبات الأولاد فرضت علي العمل، سیما وأن راتب زوجي لا یكفي للوفاء بمتطلبات الأسرة المكونة من ثمانیة أفراد معظمهم على مقاعد الدراسة"، مضيفة " اننا كنساء نسعى إلى تحسین الأوضاع المعيشية لاسرنا لان الراتب وحده بالكاد لا يغطي الالتزامات الشهریة كأثمان الكهرباء والماء وأجرة المنزل وغیرها الكثیر".
وتشير الأرملة ام احمد إلى أن معظم نساء الوادي سواء العاملات أو غير العاملات، یقاسین ظروفا معیشیة صعبة، لان معظم الأسر لا يوجد لها مداخيل شهرية، وحتى الأسر التي يعمل فيها الرجل فان الراتب غالبا ما يكون غير كاف لتوفير متطلبات العيش الكريم، لافتة إلى أن بعض الرواتب وخاصة رواتب المعونة الوطنية لا تكفي لتوفير الطعام طيلة الشهر.
وتضيف" لا يوجد سبيل آخر لتوفير مصدر دخل سوى العمل، وغالبية النسوة يجبرن على العمل في القطاع الزراعي لتوفير مبلغ خمسة دنانير، حتى ولو كان على حساب الواجبات المنزلية"، مشددة على ضرورة دعم المراة وتمكينها من خلال تذليل الصعوبات التي تواجهها خاصة مزاحمة العمالة الوافدة.
وتؤكد حنان أن المرأة باتت تعاني كثيرا، نتيجة فقدان فرص العمل في القطاع الزراعي، سواء نتيجة تراجع القطاع أو مزاحمة العمالة الوافدة، مشيرة إلى أن الفتاة الأردنية مؤهلة وتتمتع بالخبرة الكافية في مجال العمليات الزراعية.
وتبين أن عمالة المرأة في القطاع الزراعي موسمية، تبدأ من شهر كانون الأول( ديسمبر) وتنتهي في نيسان(ابريل) من كل عام ، لافتة إلى أن اوضاع الاسر الاقتصادية تتحسن خلال هذه الفترة، التي تتمكن فيها غالبية الأسر من تأمين احتياجاتهم المعيشية وتوفير جزء من مصروف ما تبقى من أشهر السنة.
ویؤكد مدیر زراعة وادي الأردن المهندس بكر البلاونة، أن المرأة أثبتت وجودها في العمل الزراعي، حتى اصبحت من الركائز التي لا غنى عنها في العملیات الزراعیة، كالزراعة والقطاف والتعبئة والتدریج وتركیب الأشجار، وما الى ذلك من الأعمال التي لا تحتاج الى جهد كبیر، مشیرا الى أن آلاف النساء یعملن یومیا في القطاع الزراعي في وادي الأردن.
ویضیف أن تنامي دور المرأة في العمل یأتي مع العزوف الكبیر للذكور عن العمل في القطاع الزراعي، ما عزز من مكانتهن في العمالة الزراعية، مؤكدا أن "مشاهداتنا تشیر الى أنهن أصبحن یضاهین العمالة الوافدة خاصة في الأعمال التي سلف ذكرها فیما یقتصر دور العمالة الوافدة على الأعمال التي تحتاج الى جهد عضلي".
ویوضح البلاونة أن المرأة في وادي الأردن تعتبر بحق حجر الزاویة للأسرة الریفیة لأنهن یقمن بمسؤولیة الإنفاق على أسرهن، خاصة وان غالبیة النساء العاملات هن من أسر تعیش دون مستوى خط الفقر، لافتا الى أن المعضلة الوحیدة التي تواجه هؤلاء النساء أنهن یعملن بشكل موسمي، لذا فإنهن لا یتمتعن بالحقوق العمالیة كالضمان الاجتماعي والتأمین الصحي، حتى إن الأفكار التي حاول البعض تجسیدها على أرض الواقع لتوفیر هذه الحقوق لهن باءت بالفشل.
من جانبه يبين مصدر في وزارة العمل ان المرأة العاملة، اسهمت في حل جزء كبير من مشكلة العمالة الزراعية في وادي الأردن، رغم حرمانها من حقوقها الأساسیة مثل الضمان الاجتماعي والتأمين الصحي وغيرها من الحقوق العمالية التي تتمتع بها العمالة الوافدة، مشيرا إلى ان عدم وجود عقد عمل بين العاملات وارباب العمل كون العمل في القطاع الزراعي موسمي يحرمهن من الحصول على مثل هذه الحقوق.
ويشير مدیر تنمیة لواء دیر علا قاهر السعایدة، أن المرأة أصبحت تلعب دورا مهما في النهوض بواقع الأسر المعیشي في وادي الأردن، ما دفع وزارة التنمیة الى الاهتمام بالمرأة، خاصة على صعید التمكین الثقافي والاجتماعي والاقتصادي والصحي، مبینا أن المنطقة التي یعتاش أكثر من ربع سكانها على رواتب المعونة الوطنیة، وتصل فیها نسبة الفقر الى 18 % أبرزت الدور الكبیر الذي تحمله المرأة على عاتقها، لتطویر الذات والأسرة للوصول الى أسر قادرة ومعتمدة على نفسها، في توفیر متطلبات قوتها الیومي، وتحقیق الحد الأدنى من الرفاه الاجتماعي.
ویشیر السعایدة الى أن الوزارة تقدم عدة خدمات للمرأة لتمكینها من تحسین ظروف عائلتها المالیة والاجتماعیة كسبیل للحد من الفقر والظواهر الاجتماعیة السیئة، من خلال تمویل مشاریع الأسر المنتجة من صنادیق الائتمان، بقروض تصل الى 4 آلاف دینار للمشروع الواحد، إضافة الى تمویل المشاریع التنمویة، بما لا یقل عن 10 آلاف دینار والتي تتیح المجال لخلق فرص عمل للنساء، لافتا الى أن الوزارة تسعى من خلال التشارك مع الجهات المعنیة الى توفیر فرص عمل في الشركات والمصانع والجمعیات ومراكز تنمیة المجتمع المحلي.
ویؤكد السعایدة دور الوزارة من خلال مدیریاتها في وادي الأردن في تقدیم التوعیة والتثقیف والتأهیل للسیدات، وتوفیر المنح من المؤسسات المعنیة بالمرأة، بما یكفل لها معرفة حقوقها وواجباتها تجاه أسرتها ومجتمعها، ویمكنها من تحقیق رفعة المستوى الاقتصادي والاجتماعي والثقافي لأفراد عائلتها.
وتؤكد مديرة مركز الأميرة بسمة للتنمية البشرية / الشونة الجنوبية رندا الصرايرة، ان المرأة وصلت إلى مرحلة متقدمة في التنمية المجتمعية في وادي الأردن، حتى اصبحت جزءا لا يمكن الاستغناء عنه، مستدركة ان تراجع القطاع الزراعي خلال السنوات الماضية قلص من الدور الهام، الذي يقع على عاتق المرأة في النهوض بالأسر اقتصاديا.
من اجل ذلك اوضحت الصرايرة، ان المركز بدأ منذ سنوات العمل على تمكين المرأة اقتصاديا من خلال تدريبهن وتأهيلهن على أعمال اخرى غير العمل في القطاع الزراعي بما يسهم في استمرارها في دورها الحيوي، لافتة إلى أن المركز عمل على عقد الكثير من الدورات المتخصصة في اعمال السباكة والتصنيع الغذائي والخياطة والتشبيك مع الجهات المعنية، لتوفير القروض الميسرة لانشاء المشاريع الصغيرة للنساء.