وادي الأردن .. بنية متهالكة والتطوير توقف منذ الثمانينيات

حابس العدوان

وادي الأردن- في الوقت الذي تعاني فيه مناطق وادي الأردن من تهالك في البنية التحتية وغياب المشاريع التنموية، يؤكد معنيون ان المنطقة بحاجة لمبادرة وطنية تسهم في تطوير البنية الأساسية والخدمات الاجتماعية والأوضاع الاقتصادية، وتأهيل الشباب وتدريبهم على غرار الخطط الخمسية في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي.اضافة اعلان
وكانت مناطق وادي الأردن قد شهدت خلال القرن الماضي، نهضة تنموية شاملة من خلال الخطط الخمسية التي بدأ بتنفيذها العام 1976 وتوقفت العام 1988 شملت كافة مناحي الحياة من تعليم وصحة وبنية تحتية وتنمية بشرية وزراعية ومشاريع تنموية.
ويرى عبدالكريم الشهاب، ان منطقة وادي الأردن رغم انها مصنفة من ضمن المناطق الأفقر في المملكة الا انها تزخر بالموارد والفرص المتاحة لاحداث نهضة تنموية، موضحا ان المنطقة تعتبر سلة غذاء المملكة ورافدا مهما للاقتصاد الوطني، فضلا عن أهميتها السياحية سواء بتوافر المعالم الطبيعية كالبحر الميت أو الدينية كمقامات الصحابة وموقع المغطس.
ويضيف ان المنطقة لم تشهد أي تطوير شامل منذ ثمانينيات القرن الماضي حين نجحت الحكومة بتطوير المنطقة بدءا من بنية تحتية شاملة من مدارس ومراكز صحية ومستشفيات وطرق ومشاريع ري، عززت انذاك من استقرار ابنائها ومكنتهم من تطوير مهاراتهم الحياتية خاصة في قطاع الزراعية.
ويقول"بعد هذه السنوات عدنا إلى نقطة الصفر مجددا، إذ اصبحت المنطقة بيئة طاردة، فالبنية التحتية متهالكة وتحتاج إلى معالجة عاجلة وغياب المشاريع المولدة لفرص العمل دفعت الشباب إلى الانتقال إلى المدن، وقد ظهر هذا الأمر جليا خلال جائحة كورونا مع فقدان آلاف الشباب لوظائفهم سواء في المشاريع القائمة أو في القطاع الزراعي المنهك."
ويضيف "يجب على الحكومة تبني سياسات إصلاحية شاملة تعتمد مبدأ الشراكة بين القطاعين العام والخاص التي من شأنها جعل قطاع الزراعة قطاعا جاذبا للاستثمار، ومراجعة العوامل المؤثرة في كلفة الإنتاج الزراعي من مستلزمات إنتاج وعمالة ورسوم وضرائب، والعمل على زيادة الجدوى الاقتصادية للاستثمار الزراعي وتعزيز فرص منافسة منتجات هذا القطاع في الأسواق الإقليمية والعالمية وإعادة النظر في السياسات التسويقية والجمركية على المنتجات الزراعية.
وبحسب البيانات الصادرة عن دائرة الاحصاءات العامة، فان نسبة البطالة خلال الربع الأول من العام 2020 ارتفعت لتصل الى 19.3 %، مقارنة بـ 18.6 % نهاية 2019، في حين ان إغلاق العديد من المصانع والمنشآت وتراجع العمل في قطاعي السياحة والزراعة دفع هذه النسبة للارتفاع.
ويرى النائب عماد زيدان العدوان، ان مناطق وادي الأردن تفتقر بشكل كبير لأي مشاريع تنموية مولدة لفرص العمل في الوقت الذي ما نزال نشهد فيه فقدان آلاف العاملين لمصادر دخلهم نتيجة جائحة كورونا وتأثيراتها السلبية على القطاعين السياحي والزراعي، قائلا "حتى المشاريع القليلة التي كانت تشغل المئات من ابناء المنطقة أغلقت أبوابها ومعظم المنشآت السياحية استغنت عن عدد كبير من العاملين منذ بدء الجائحة".
ويبين ان مناطق وادي الأردن رغم أهميتها الاقتصادية سواء على صعيد الزراعة أو السياحة، ما تزال تعاني من قلة الاهتمام الحكومي سواء بتطوير المنطقة زراعیا وسیاحیا، بما يسهم في تحسین مستوى المعیشة لأبنائها أو دفع رأسمال القطاع الخاص للاستثمار فيها، وتهيئة الظروف المناسبة لاقامة المشاريع التنموية، لافتا إلى أن ارتفاع نسب البطالة أسهم بتفشي الفقر بشكل كبير ليصل إلى مستويات غير مسبوقة.
ويشدد العدوان، على ضرورة العمل على النهوض بالواقع الاقتصادي والمعيشي للمواطنين والاستفادة من الميزات الفريدة للمنطقة، لافتا إلى ان غياب المتابعة والعمل فاقم من أوضاع البنية التحتية وخاصة الشوارع الرئيسة والفرعية والزراعية، التي باتت تؤرق أهالي الوادي.
وبحسب دراسات غير رسمية، فإن ما يزيد على 15 % من سكان الأغوار يتقاضون معونات حكومية شهرية، في حين ان أعداد المحتاجين ارتفعت بشكل لافت بعد جائحة كورونا.
ويقول رئيس بلدية معدي الجديدة فندي اليازجين، أن الواقع الاقتصادي والمعيشي في وادي الأردن يشهد ترديا كبيرا في ظل ارتفاع نسب الفقر والبطالة، نتيجة تراجع القطاع الزراعي منذ عقد تقريبا إضافة إلى تداعيات جائحة كورونا، ما يتطلب من الجميع أفرادا وشركات ومؤسسات وصناع قرار إعلان حالة الطوارئ لمساعدة الأسر الفقيرة المنهكة تاريخيا بالفقر المدقع وخاصة فئة الشباب لإيجاد فرص عمل لهم بالاستفادة من الموارد المتاحة في قطاعي الزراعة والصناعة.
وينوه إلى أهمية دور البلديات في النهوض بالواقع التنموي في المنطقة من خلال اقامة المشاريع أو تطوير البنية التحتية سواء شبكات المياه أو الكهرباء أو الطرق الرئيسة والفرعية لإيجاد بيئة مناسبة لإقامة مثل هذه المشاريع، مستدركا "الا ان الأوضاع المادية لغالبية البلديات لا يمكنها من أداء مهامها على اكمل وجه، خاصة في ظل العجز في الموازنات وتراجع الإيرادات إثر إغلاق القطاعات الاقتصادية وارتفاع النفقات الجارية."
ووفق اليازجين، "يجب على الحكومة العمل بالشراكة مع القطاع الخاص والبلديات تنفيذ مشاريع تنموية مولدة لفرص العمل، من شأنها خفض معدلات الفقر والبطالة بين أبناء لواء الأغوار،" مضيفا " ان استمرار تراجع الأوضاع التنموية سيكون له عواقب كارثية على الإنسان والمجتمع والقيم".
ويؤكد عضو مجلس محافظة البلقاء الدكتور عمر العدوان، ان مناطق وادي الأردن عانت من الإهمال على مدار عقود، نتيجة عدم وجود خطط واستراتيجيات واضحة للنهوض بواقعها المتردي، ما يتطلب من الحكومة العمل على تبني استراتيجية واضحة ومحددة ومستدامة لدفع عجلة التنمية، لافتا إلى ان المشاريع التنموية غائبة تماما في موازنة مجلس المحافظة والتي اقتصرت على المشاريع الخدمية في كافة القطاعات والتي لم ينفذ جزءا كبيرا منها بسبب جائحة كورونا التي قلصت موازنة مجالس المحافظات بنسبة 50 %.
ويضيف"ان نسب الفقر والبطالة في وادي الادن مفزعة، وتسببت بظهور آفات اجتماعية خطيرة كتعاطي المخدرات والاتجار بها والانحراف، مع ما يتضمن ذلك من سرقات وخروج على القانون، وزواج القاصرات وأمراض اجتماعية لم نكن نعهدها سابقا،" مبينا "ان تراجع الجدوى الاقتصادية للقطاع الزراعي والانتكاسة التي يشهدها القطاع السياحي وفقدان الآلاف من الشباب والفتيات لوظائفهم وأعمالهم يشكل أخطر تحد يواجه المجتمع في الأغوار."
ويشدد العدوان على ضرورة العمل على تطوير البنية التحتية وتأهيل المراكز المهنية والشبابية وايجاد مشاريع استثمارية في مختلف القطاعات بهدف تحسين مستوى معيشة المواطنين في تلك المناطق والنهوض بالواقع الاقتصادي والاجتماعي لهم، مؤكدا على ضرورة العمل على تحسين واقع البنية التحتية كطريق يمهد لأي جهد تنموي بما في ذلك التوسع في الخدمات الصحية والتعليمية التي لا تتواءم مع الزيادة السكانية المضطردة والعمل على تشجيع الاستثمار في القطاعات الاقتصادية المختلفة ومنح المستثمرين حوافز وتسهيلات لضمان استمرارية ونجاح مشاريعهم، وخصوصا في المشاريع الصناعية والزراعية والسياحية، واستغلال مقومات المنطقة الطبيعية مثل خامات مواد البناء والبحر الميت والطقس الدافئ قرب شتاء التجمعات وضفاف بحيرات السدود.