واشنطن تركت شركاءها الأفغان تحت رحمة طالبان

تقرير خاص – (أحوال تركية) 2/6/2021
في مطلع آب (أغسطس)، أفاد البيت الأبيض بأن حوالي 20 ألف أفغاني عملوا مع الأميركيين تقدموا بطلبات للحصول على تأشيرة هجرة خاصة، أي حوالي مائة ألف شخص مع أفراد عائلاتهم. لكن تقديرات أخرى أعلى يجري تداولها تشمل "الأفغان المعرضين للخطر" الذين لا يستوفون معايير هذه التأشيرة الخاصة. ولم تحدد إدارة بايدن عدد الذين لم يتسن إجلاؤهم من تلك الفئة.

  • * *اضافة اعلان
    واشنطن - أعلن مسؤول أميركي الأربعاء الماضي أن الولايات المتحدة اضطرت إلى أن تترك في أفغانستان غالبية الأفغان الذين عملوا معها وكانوا يرغبون في الفرار من البلد. وقال ذلك متحدثا عن دبلوماسيين يتملكهم "هاجس" الخيار الذي اتخذوه خلال الجسر الجوي الذي أقاموه في كابول للجلاء عن البلد.
    وكان رئيس هيئة أركان الجيش قد أقر شخصيا بوجود "شعور بالألم والغضب"، وبدا وكأنه يقوم بمراجعة للذات في ختام حرب استمرت عشرين عاما وانتهت بعملية إجلاء كبرى شملت 123 ألف شخص وسط مناخ من الفوضى.
    وقال الجنرال مارك ميلي في مؤتمر صحفي إن الأيام القليلة الماضية كانت "صعبة للغاية عاطفيا". وأضاف: "نحن جميعا ينتابنا شعور بالألم والغضب والحزن من جهة، وشعور بالفخر والصمود من جهة أخرى"، متعهدا باستخلاص "الدروس" من "هذه التجربة".
    وكانت عملية الإجلاء التي بدأت في 14 آب (أغسطس) وتوقفت الاثنين الماضي مع انتهاء انسحاب الولايات المتحدة، قد شملت الأميركيين والأجانب الآخرين، لكنها شملت أيضا الأفغان الذين اعتبروا "معرضين لخطر الانتقام" مع وصول طالبان إلى السلطة في البلد. ومن بين هؤلاء بالتحديد أولئك الأشخاص الذين عملوا لسنوات مع الأميركيين، أو دول حلف الأطلسي، أو الحكومة الموالية للغرب التي سقطت أمام انتصار المتمردين الإسلاميين السابقين.
    في مطلع آب (أغسطس)، أفاد البيت الأبيض بأن حوالي 20 ألف أفغاني عملوا مع الأميركيين تقدموا بطلبات للحصول على تأشيرة هجرة خاصة، أي حوالي مائة ألف شخص مع أفراد عائلاتهم. لكن تقديرات أخرى أعلى يجري تداولها تشمل "الأفغان المعرضين للخطر" الذين لا يستوفون معايير هذه التأشيرة الخاصة. أما كم عدد الناس الذين لم يتسن إجلاؤهم من تلك الفئة، فلم تكن إدارة جو بايدن قادرة على تحديد العدد.
    يوم الأربعاء الماضي، قال مسؤول كبير في الخارجية الأميركية يكان على الخط الأمامي في مطار كابول خلال الأسبوعين الماضيين، متحدثاً عن أعداد الأفغان الذين تُركوا: "يمكنني قول غالبيتهم، على أساس الشهادات بشأن الاشخاص الذين تمكنا من دعمهم". وهذا يعني أن عددهم مع عائلاتهم قد يكون بعشرات آلاف الأشخاص.
    ومن بين هؤلاء كان العديد من العاملين في "إذاعة آزادي" المدعومة من الولايات المتحدة، والتي تبث برامج بلغتي الداري والباشتو، أي مئات الأشخاص إذا شملنا عائلاتهم.
    وتحدث جايمي فلاي، رئيس إذاعة "أوروبا الحرة"/ راديو ليبرتي، التي تشرف على هذه الخدمة، عن "واجب أخلاقي" للحكومة الأميركية تجاه "حماية الصحفيين الأفغان". وقال النائب الجمهوري مايكل ماكول أن ما يجري هو "أمر مخز تماما" معتبراً أن إدارة بايدن لم تفِ بالتزاماتها تجاههم.
    وفي رسالة نشرتها صحيفة "وول ستريت جورنال"، طلب مترجم أفغاني سابق لدى الجيش الأميركي عالق في كابول، المساعدة من جو بايدن، الذي كان قد ساعد في إنقاذه من عاصفة ثلجية في أفغانستان في العام 2008. وقال محمد متوسلاً، ولم يذكر اسم عائلته لأنه يخشى على حياته منذ عودة طالبان إلى السلطة: "لا تنسني هنا".
    لكن واشنطن تعهدت مجددا الأربعاء بفعل كل شيء ممكن لمساعدة الأشخاص الراغبين في الرحيل. وقال دبلوماسي أميركي طلب عدم الكشف عن اسمه أن "كل من عايشوا" تجربة الإجلاء "يتملكهم هاجس الخيار الذي اضطروا إلى اتخاذه، وبشأن الأشخاص الذين لم نتمكن من مساعدتهم على الرحيل".
    وأضاف: "لقد تطلب الأمر تسويات وخيارات مؤلمة بالفعل بالنسبة لي في محاولة تحقيق أولوياتنا"، وبالنسبة "لموظفي القنصليات الأميركية الذين وقفوا بشكل بطولي عند نقاط الوصول مع مشاة البحرية الأميركية أو العسكريين الأميركيين وجنود حلف الأطلسي لمحاولة التعرف على الأشخاص المعنيين ضمن الحشد، أو حتى بالنسبة لأولئك الذين خرجوا وساروا بين الأفغان باحثين عن أشخاص يحملون جواز السفر الأميركي أو بطاقة الإقامة الأميركية".
    ووصف هذا المسؤول وضعا "صعبا" مع وجود حشود كبيرة من الأفغان عند مداخل مطار كابول، والذي كان يمكن أن "يتحول إلى أعمال شغب في أي لحظة".
    وتحدثت دبلوماسية أخرى كانت قد أوفدت الى العاصمة الأفغانية عن عدد كبير من "الأطفال الذين فصلوا" عن عائلاتهم وسط الفوضى، أكثر من 30 في اليوم الواحد، وفي بعض الأحيان رضّع. وروت أنها ذهلت لرؤية صبي في الثالثة عشرة أو الرابعة عشرة من العمر "والدماء على ملابسه، وقال أن شخصا تعرض للقتل أمامه وكل عائلته تشتت"، مؤكدة أن العسكريين الأميركيين تناوبوا على محاولة التسرية عن هؤلاء الأطفال المصابين بصدمات نفسية.