واشنطن خرجت خاسرة من وارسو

معاريف شلومو شمير 17/2/2019 أعلن الرئيس ترامب عن حالة طوارئ ولكنه أخطأ وفشل في اختيار الهدف الذي يتطلع إلى تحقيقه من خلال هذه الخطوة الشاذة والدراماتيكية. إذا ما حاكمنا الأمور وفقا لمكانة الولايات المتحدة البشعة ومدى نفوذها شبه الصفري في الساحة العالمية مثلما انكشف الأمر في مؤتمر وارسو، فإن ترامب ملزم بان يعلن على الفور عن حالة طوارئ وطنية. ليس كرد على رفض الكونغرس تخصيص المليارات له لبناء السور على حدود المكسيك، بل لغرض بذل جهد سياسي أعلى لإعادة بناء المعنى العملي، المؤثر والرائد للتواجد الأميركي في المناسبات الدولية. معنى كان في الماضي غير البعيد مفهوما وملموسا، ودحر إلى زاوية مظلمة بركلة تلقتها من شعار "أميركا أولا". إن الولايات المتحدة هي التي بادرت ونظمت المؤتمر بهدف التجنيد لأكبر عدد ممكن من الدول في جبهة مرصوصة لصد التطلعات النووية لإيران وبالتوازي اشراكها في الجهود لتحقيق السلام والاستقرار في الشرق الاوسط. وأشركت وزارة الخارجية الأميركية بولندا في الاستعدادات للمؤتمر. واختار الأميركيون وقرروا وارسو كمكان لانعقاد المؤتمر كرسالة استفزازية للرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي بولندا هي كريهة نفسه، فأصبحت دولة برعاية الولايات المتحدة ولتدفعه لأن ينسى محاولاته لعرقلة انخراطها في العالم الغربي. ولكن الولايات المتحدة هي التي خرجت من مؤتمر وارسو بصفتها الخاسرة وبشكل معيب تحمل لقب "قوة عظمى". فقد فشلت الجهود لرص صفوف الغرب ضد إيران. الأوروبيون وافقوا بنصف فم على أن يشجبوا، وليس صراحة، إيران كداعمة للإرهاب وكمن يهدد الاستقرار في المنطقة، ولكن الاتحاد الاوروبي، الذي بعث إلى وارسو بمندوبين على مستوى منخفض، امتنع بشكل معلن واستعراضي عن التراجع عن تأييده للاتفاق النووي مع إيران. لقد رفض الاتحاد حتى الغاء إطار التجارة مع إيران، والذي اوجده خصيصا بهدف الالتفاف على العقوبات الأميركية. أما الرابح الاكبر من الحدث في وارسو فكان رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، الذي خرج من المؤتمر كزعيم ذي مكانة دولية. والمشكلة في هذه الصورة الايجابية هي في انها محدودة في مجال واحد- الصراع ضد التحول النووي الإيراني. فالرضى والحماسة اللذان أبداهما نتنياهو من الاحتكاك بحاكم عمان أو بوزير خارجية اليمن كان مبالغا فيهما. فدبلوماسيون كبار في مركز الامم المتحدة في نيويورك يدعون منذ زمن بأن التقارير عن التقارب بين إسرائيل ودول الخليج الفارسي ليست دقيقة وليس لها أي تعبير في ساحة الأمم المتحدة. إن هدف التواجد في وارسو لجارد كوشنير، صهر ومستشار ترامب الكبير، كان الاثبات بأن الولايات المتحدة تشارك بشكل نشط في المساعي لتحقيق حل سياسي للنزاع، ولكن التردي الحاد في مكانتها في الساحة العالمية وضعفها كجهة مؤثرة ورائدة، يمسان باحتمالات قبول "صفقة القرن" لترامب.اضافة اعلان