واشنطن والعلاقة بين العرب وايران

ربما هي من المرات القلائل او ربما تكون الاولى التي يخرج فيها المسؤولون الايرانيون عن صمتهم ويتحدثون بهذا النوع من الصراحة حول الموقف العربي من ايران. جاء ذلك في اعقاب اجتماع المجموعة 5+1 مع مندوبي  7 دول عربية هي( مصر، الاردن، السعودية، الكويت، الامارات العربية المتحدة والعراق)  في نيويورك الاسبوع الماضي. الاجتماع الذي وصفته وزيرة الخارجية الاميركية بانه لمناقشة البرنامج النووي الايراني وقلق الجوار الايراني من الدور الذي تلعبه في المنطقة،  تلاه بيان مقتضب  ألقته رايس ولم يعقبه اي تصريحات اخرى. هذا الاجتماع تلا اجتماعا اخر كان قد عقد في شرم الشيخ بحضور خافير سولانا منسق الشؤون الخارجية والامن في الاتحاد الاوروبي في بداية شهر تشرين الاول (اكتوبر) 2008. اجتماع نيويورك يبدو ملفتا للانتباه بسبب الحضور العراقي الامر الذي يبدو ان أركان الحكومة الايرانية تلقوه بقلق شديد.

اضافة اعلان

الردود التي جاءت من ايران جاءت من ثلاث قنوات رسمية، بدأها المرشد الاعلى للثورة اية الله علي خامنئي بوصفه ما جرى في ونيويورك بانه "محاولة الاجانب لتحريض بعض دول المنطقة للوقوف امام حق ايران في امتلاك الطاقة النووية"، واصفا ان هذا التحريض هو "عمل الاعداء". تصريحات المرشد هذه تلاها تصريحات لا تقل حدة  جاءت من رئيس مجمع تشخص مصلحة النظام ورئيس مجلس خبراء القيادة والرئيس الايراني السابق هاشمي رافسنجاني، رافسنجاني  اعتبر زج العرب في مسألة الملف النووي الايراني بأنها "مؤامرة"، داعيا اركان الدولة في ايران الى الحذر المضاعف، رافسنجاني تحدث عن عدم توقيع ايران اتفاقية صلح، ويبدو انه يقصد العراق، اذا انه بعد اكثر من عشرين سنة على انتهاء الحرب بين البلدين ليس هنالك اتفاقية صلح موقعة بين البلدين، ويبدو ان الحضور العراقي للاجتماع في نيويورك اثار القلق الايراني من محاولة واشنطن والعرب لتبني مواقف سياسية ضد ايران. الرد الثالث على اجتماع نيويورك جاء من الناطق الرسمي في وزراة الخارجية الايرانية الذي اعتبر ان ما حدث ما هو الا "مغازلة الوداع مع رايس، وان هذا لن يكون له فائدة" او تأثير على ايران. الناطق باسم الخارجية الايرانية فرق بين الموقف الرسمي وبين شعوب المنطقة في اشارة الى "أن شعوب المنطقة ليست قلقلة من ايران".

يبدو ان هناك قلقا ايرانيا من تطورات المنطقة المقبلة. صحيح ان ايران تجاوزت فترة الادارة الجمهورية بسلام في اشارة الى عدم استخدام الخيار العسكري، لكن يبدو ان هناك منهجا جديدا لمواجهة ايران، ويبدو ان هذا المنهج يتركز على ابعاد سورية عن ايران من خلال دفع المفاوضات السورية الاسرائيلية بالرعاية التركية، وكذلك من خلال جذب العراق نحو بعده العربي بمساعدة اميركية، وبذلك يمكن ان يعود العراق ليلعب دوره التقليدي في مواجهة ايران. يبدو ان ايران ايضا تدرك ان القلق العربي الذي تزايد بعد الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد والتسريع في زيادة القدرات النووية الايرانية وامكانية استخدامها كورقة ضغط لتحقيق حضور اقليمي اكبر، وبالتالي رغم كل الجهد الدبلوماسي الذي تقوم به ايران لتوضيح مواقفها للدول العربية فان القلق لدى الجانب العربي ما يزال موجودا.

رغم الثقة التي تظهرها ايران بالنسبة الى ادائها الدبلوماسي والسياسي داخل اقليم الشرق الاوسط، فانها لم تستطع ان تتجاوز الجهد الدولي المتزايد لبناء نوع من التحالف الاقليمي لمواجهة ايران، هذا التحالف ربما يدفع الى مزيد من العزلة، لكنه في ذات الوقت يواجه شروخات حقيقية، فعدم حضور قطر وعمان له دلالاته، كما ان الاشارة الاميركية الى ان دعم تقديم المساعدة لبناء برنامج نووي سلمي في الامارات مرهون بتشديد الاجراءات الاماراتية على النشاطات الاقتصادية الايرانية التي تحدث عبر الامارات يشير بوضوح  الى ان الشروخات جدية. اجتماع نيويرك قد يكون الطلقة الاخيرة التي تقوم باطلاقها ادارة بوش فيما يتعلق بايران، وبالتالي فان الانتظار سيكون سيد الموقف لحين تولي الرئيس الاميركي الجديد سلطاته؟

[email protected]