والد محمود: ابني يموت أمام ناظري.. أنا عاجز عن إنقاذه

figuur-i
figuur-i

مزن السفاريني

عمان- فقد الأب عمله مرغما على ذلك، والعواقب: طفل يصارع الموت وحيدا، وبجهد كبير يحاول والد الطفل محمود إنقاذ أسرته “إن أخطأت أتقبل العقاب، ولكن لا تتركوا أطفالي للموت”، وأعقب ذلك صمت فقط.
هذه ليست قصة من ضرب الخيال، بل واقع أسرة تعيش في مدينة العقبة، اضمحلت أمامها سبل الأمل بالنجاة.
محمود، طفل لم يتجاوز الاعوام الخمسة، يعاني من إعاقة حركية كاملة وضمور في الدماغ وشلل رباعي، وهو فاقد للحركة والنطق، لم يجد إلا صوت والده يصرخ عبره في وجه الحياة: أريد أن أحيا.
من خلف أوراق التحاليل والتقارير الطبية، ثابرَ والده ليخفي نظرة عينيه “إنني أعيش خائفا على مستقبل أطفالي”، وتساءل: ماذا فعلتُ ليُعاقبوا ويواجهوا مصيرا قاتما هكذا؟ وأي عقاب هو هذا؟ وما شكل الثمن القاسي الذي يدفعونه ويحاسبون عليه؟
يقف الوالد عاجزا بعد أن فقد عمله وتأمينه الصحي الذي كان يتكفل بعلاج طفله في المستشفيات الخاصة بمدينة العقبة.. أب لخمسة أطفال، ومحمود أكثرهم حاجة للعلاج والرعاية الصحية المتواصلة والحثيثة.
تقطعت السبل لتوفير أبسط مستلزمات العيش لأسرته. يتلفظ الوالد بضع كلمات ويصمت “ظلمت، والظلم يقع على أطفالي اليوم، حرمت من عملي، لو عدت إلى العمل كسابق عهدي لحصلت على تقاعدي خلال ثلاثة اعوام، بعد عمل دام 22 عاما، وكنت سأحقق متطلبات اسرتي وأوفر التأمين الصحي الخاص لعلاج طفلي”.
غير أن واقع الحال أمرّ من تحقيق ذلك. ذوو الطفل يطالبون رئاسة الوزراء بقرار استثنائي لإعادة والد محمود للعمل، على الرغم من شمول قضيته التي كانت امام القضاء بالعفو العام، مؤكدا أنه لم يُجرَّم من المحكمة بأي ذنب، ليعاقب بالفصل من عمله.
فقد اليوم محمود بصرهُ الذي كان يرى فيه نور الحياة وبصيص الأمل، والسبب انقطاع العلاج، وعجز الأسرة عن متابعة علاجه ومراجعة المستشفى، فالمسافة طويلة والقدرة المادية تكاد تكون معدومة.
لم يعد محمود يقوى على الحركة أو النظر.. سرعان ما تلاشى أمامه خيطٌ كان يربطه بالعالم المحيط به، لا صوت، لا ضوء، ولا حركة… صوت أنفاس محمود تملأُ المكان، كان لوقع أنفاسه المتهدجة العالية وعينيه المطفأتين صراخ أعلى من مطالب الأب بالعودة للعمل، وأكبر من حقه بتأمين صحي يساعده على الحياة، كان أقسى من أن تشيح بنظرك عنه، كان لوقع نفسه العالي صوت يقول: جميعكم مذنبون في حقي.

اضافة اعلان