والقياس مع الفارق

ضحى عبدالخالق*

ليست مهمة مدير الموارد البشرية في المؤسسات اليوم، أن يكون ضابط الحساب والعقاب والحضور والغياب، أو أن ينحصر تأثيره على الناس بتسليمهم الراتب (آخر الشهر)، ثم الاقتطاع منه، وفي المراقبة! فقد دخلت معايير إلى الإدارة العامّة، هي اليوم عصرية مرنة، وطويلة الأمد، ومحفزة. هدفها استحضار أفضل ما لدى المورد البشري من طاقات، بغرض تعظيم الأداء والفائدة للكل بفرضية التوزيع العادل للكل ضمن معادلة إنتاج صحيحة. اضافة اعلان
ولطالما تساءلتُ عن ماهية المؤسسة أو الشخص الذي يُعنى بالموارد البشرية لدينا في الأردن؟ وبالعامية، يعني السؤال: "مين بيدير بالو على الناس؟". أي لو كان الأردن شركة مساهمة عامة (والقياسُ بالطبع مع الفارق)، فمن هي الهيئة أو الشخص الذي يعمل بها كمدير للموارد البشرية، بهدف التطوير المفيد والإدارة المنسجمة، بما سيُحقق الربح للجميع؟
ولاختبار الانطباعات في هذه الجزئية، طرحتُ السؤال على أكبر عدد ممن حولي. فحصلت على إجابات متعددة، هي بالترتيب: أولا، أنّ الملك هو أب للجميع و"بيدير باله على الكل". وهي إجابة متوقعة، ولكنّها بالطبع مستحيلة التطبيق على أرض الواقع. ثانيا، أنّ أهم واجب لرئيس الوزراء هوأن يطمئنّ شخصيا على الناس في محاور الإدارة العامة كافة. وثالثا، وزير تطوير القطاع العام؛ من ناحية تنظيم علاقة الناس بوظائفها من الكادر الحكومي. ثم محور المدرسة والجامعة بمنشآتها العلميّة الفكريّة. ثم المؤسسات المختصة؛ حيث تدحرجت الإجابات هنا بين هيئات ولجان ومراكز تطوير الموارد البشرية والتشغيل، ومجلس التعليم العالي، ومؤسسات الصحة والفن والثقافة والوقاية والتعبئة والحريات العامة! والسبب هو أن موضوع تنمية البشر موصول وطويل! فما هو الشيء المهم؟ ومن هو المهم للتنمية البشرية؟ وكيف البداية؟
لهذا، استقبل المراقبون بسرور التوجه والقرار بتأسيس لجنة وطنية للموارد البشرية، هي لجنة استشارية، تحدّيها أن تتوافق بتقاطعات وإشكاليات واقع القضايا، مع مؤسسات أخرى. وستتحمل عبء بعضها، وهو شائك، لكى تتمكّن من تصوّر قوانين ضرورية لتطوير المورد البشري للأردن بطريقة شمولية، وبمحاور مفصلية؛ منها في محور المناهح: هل يتعلّم الطلبة المساواة والحوار والموسيقى، أم يتعلّمون العنف؟ وكيف يمكن قياس ذلك؟ وفي محورالإنتاجية: العلاقة الخالصة بين الفرد والناتج القومي. وبشأن الكادر البشري: الأمن الاجتماعي، وعنصر التكنولوجيا للنمو، وعنصر الإبداع والتدريب والتفاوض وتصدير الفرد والموهبة الأردنيّة، والرؤية الإعلامية والانطباعات. ومن محور العمل العام: مفاهيم الحاكمية الرشيدة، ومدونة السلوك وخدمة الجمهور.
ولكى لا تتحول اللجنة الوطنية للموارد البشرية إلى لجنة من اللجان المُتناثرة، فإن البداية من نوادي الإقناع المدني التي يلحقها سريعا التشريع الحديث على ذات رؤية "الإنسان أغلى ما نملك". وهو الشعار الذي تكسّر على صخور واقع المؤسسات بأنظمة وقوانين آن الأوان تعديلها. لأنّها ذات الأنظمة والقوانين التي تجعل الأردني يقف على الدور، ولا يضرب القطّة، ولا يرمي القمامة، ولا يقطع الإشاره الحمراء، ولا يُهدر المال العام في بلاد أخرى. فالنظام هو الذي يحمي الجميع، والقانون الحديث هو المسطرة الجديدة.

*خبيرة في قطاع تكنولوجيا المعلومات