وحيد في تل ابيب

هآرتس

عودة بشارات  15/8/2016

بعد أن صب المحلل اليهودي الأميركي المعروف جيفري غولدبرغ جام غضبه على صحيفة "هآرتس" وقال إن النازيين الجدد يستغلون مقالاته الانتقادية ضد حكومة إسرائيل، سارع وزير الأمن الداخلي جلعاد اردان إلى التغريد بحماسة "واو، لا توجد كلمات". وقد هُمس في أذن غولدبرغ بأن كلماته تعطي الذخيرة لليمين المتطرف في إسرائيل.اضافة اعلان
إن الخيار منذ غابر الازمان أمام صاحب الضمير صعب: هل يفضل اخراج الغسيل الوسخ إلى الخارج لانقاذ اصحاب البيت من رائحته، وبذلك المخاطرة واخراج سمعة سيئة للبيت، أم يفضل منع هؤلاء الأشخاص من الاستمتاع، ولو كان الثمن الاختناق من الرائحة. تبين خلال الوقت أن الخيار الأول هو المنتصر: لأن السيئين اعتادوا على أن اصحاب الضمير من بين سكان المبنى المجاور يقومون بنفض السجادة بشكل ممنهج ويعيدونها نظيفة إلى الداخل، بل هم بدأوا بالحسد من عمليات التنظيف الدائمة في البيت المقابل.
ليعرف غولدبرغ أنه في الايام المشرقة للاتحاد السوفييتي لم يكن النظام ضد حرية التعبير. ففي نهاية المطاف لم يرغبوا هناك في تقديم الذخيرة للعدو الذي يوجد على الحدود. كانت الصراعات شديدة ضد أي انتقاد حتى لا يصل إلى أذن العدو، إلى أن أدى ذلك إلى انهيار الامبراطورية السوفييتية.
لماذا أهاجم صديقنا في أميركا، الذي يعيش في اوساط الاغيار، بعيدا عن صخب الجرافات التي تقوم بتسخين محركاتها بانتظار فرصة هدم القرية الفلسطينية سوسيا؟ قد يكون من الافضل أن أهمس في أذن وزير الأمن الداخلي اردان بأنه قبل أن يتحمس من الانتقادات ضد "هآرتس" حول مقالات تكشف عن الشر في المجتمع الإسرائيلي، من الاجدر أن يسأل نفسه ما هو اسهامه في تحويل إسرائيل الى "دولة شيطانية في نظر العالم"، مثل اقوال المديرة العامة لمكتب الشؤون الاستراتيجية سيما فاكنن. هل الاحتفاظ بجثث الفلسطينيين الذين كانوا على صلة بالعمليات في الثلاجات يخدم اسم الدولة الجيد؟ كل جثة مجمدة تساهم في صورة "الدولة الشيطانية" أكثر من مليون مقال لجدعون ليفي وعميره هاس وآفا الوز ودانييل بلتمان – جميعهم معا وكل واحد لوحده.
أردان، ما هي قصتك مع الجثث. فالجثة في نهاية المطاف ستتحول إلى تراب لن يخرج منه أي شيء. أما أقارب الجثة فهم يعانون بسبب التفكير بأن إبنهم أو إبنتهم موجودون في الثلاجة بتجميد عميق. من الافضل أن تسأل والدي الجندي هدار غولدن الذين ينتظرون الحصول على جثة إبنهم لدفنها. إن الاحتفاظ بجثة لاهداف سياسية هو عمل شيطاني، سواء حدث في غزة أو في اسرائيل. لذلك فان الشماتة من قبل اردان سابقة لأوانها، ومن الافضل أن غولدبرغ خفف لهفة الوزير بقوله: "كنت أفضل أن تخصص وقت أكثر من اجل الدفاع عن الديمقراطية الإسرائيلية". أنا أعتقد ايضا أنه حين يتجادل اشخاص مع سيرة اخلاقية فمن الافضل أن لا يتدخل أردان. وبدل ذلك ليقم بنقاش أخوي مع بتسلئيل سموتريتش من الائتلاف حول تطبيق نظريته العنصرية.
لكن سيادة الوزير، كمحارب عنيد، رد على غولدبرغ: "استطيع أن أفعل الأمرين". والخطوة الاولى للوزير من اجل الدفاع عن الديمقراطية هي وضع خطة لطرد نشطاء حقوق الانسان الاجانب من اسرائيل. وهو يريد من المواطنين الابلاغ عن نشطاء الـ بي.دي.اس من اجل طردهم. لذلك أقترح على غولدبرغ عدم الحضور الى هنا، لأن أحد الوطنيين قد يقوم بالابلاغ عنه. فكل من ينتقد يعتبر هنا نشيطا في بي.دي.اس التي هي كما هو معروف قنبلة نيتروجينية متكتكة. واقترح على الوزير اردان ايضا من اجل نجاعة خطواته قراءة كتاب هانس فلدا "وحيد في برلين".